للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُبْطِلِ لِمَا فُعِلَ مِنْهُ تُرِكَ لَهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ بِوُجُوبِ إتْمَامِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] حَتَّى يَجِبَ بِتَرْكِ إتْمَامِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْهُ قَضَاؤُهُمَا وَعُورِضَ فِي الصَّوْمِ بِحَدِيثِ «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ

ــ

[حاشية العطار]

فَقَطْ كَمَا قَالَهُ سم وَيَرِدُ عَلَى الْقِيَاسِ أَيْضًا لُزُومُ الْمُصَادَرَةِ لِأَنَّ الْكُبْرَى لَازِمَةٌ لِلْمُدَّعِي إذْ قَوْلُنَا الْمَنْدُوبُ لَا يَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ يَلْزَمُهُ أَنَّ تَرْكَهُ جَائِزٌ وَقَدْ جُعِلَ كُبْرَى الْقِيَاسِ.

(قَوْلُهُ: الْمُبْطِلُ) صِفَةُ التَّرْكِ وَضَمِيرُ مِنْهُ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ لِلْمَنْدُوبِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِوُجُوبِ إتْمَامِهِ اعْتَرَضَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْكُورَانِيُّ فَقَالَ لَا يَخْلُو مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ الْفِعْلِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا عَلَى حَقِيقَةِ النَّفْلِ أَوْ الْقَلْبِ بِالشُّرُوعِ وَاجِبًا.

وَالثَّانِي بَاطِلٌ إجْمَاعًا إذْ لَا يُوجَدُ شَيْءٌ فِي الشَّرِيعَةِ يَكُونُ بَعْضُهُ نَفْلًا وَبَعْضُهُ وَاجِبًا وَأَيْضًا لَوْ كَانَ بِالشُّرُوعِ يَصِيرُ وَاجِبًا لَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ ثَوَابُ الْوَاجِبِ لَا ثَوَابُ النَّفْلِ وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ اهـ.

قَالَ سم قَوْلُهُ وَالثَّانِي بَاطِلٌ إجْمَاعًا بَاطِلٌ أَمَّا أَوَّلًا فَمِنْ أَيْنَ لَهُ هَذَا الْإِجْمَاعُ وَهُوَ قَطْعًا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ وَكَيْف يَصِحُّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَعَ مُخَالَفَةِ مَنْ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَدَعْوَى تَقَدُّمِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ فَتَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ إلَّا بِنَقْلٍ صَحِيحٍ صَرِيحٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ وَعَمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي إثْبَاتِ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ اسْتِقْرَاءِ الشَّرِيعَةِ حَتَّى يَجْزِمَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا ذُكِرَ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ مَنْ نَذَرَ الْفِعْلَ الَّذِي يُشْرَعُ فِيهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَلَزِمَهُ إتْمَامُ مَا يَشْرَعُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الشُّرُوعُ فِيهِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا ادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلَانِهِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الشَّرِيعَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَيْضًا إلَخْ فَالْمُلَازَمَةُ الَّتِي ادَّعَاهَا مَمْنُوعَةٌ لِجَوَازِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَجِبُ الشُّرُوعُ فِيهِ وَمَا لَا يَجِبُ الشُّرُوعُ فِيهِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ الْمُوجِبُ بِلَا تَمَامٍ بِأَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ فَقَوْلُهُ فَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مُجَرَّدَ دَعْوَى.

(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى) أُجِيبَ عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّ الْأَعْمَالَ فِيهَا مَخْصُوصَةٌ بِالْفُرُوضِ بِالْحَدِيثِ الْآتِي وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَجِبَ) حَتَّى بِمَعْنَى فَاءِ التَّفْرِيعِ فَيَجِبُ مَرْفُوعٌ.

(قَوْلُهُ: وَعُورِضَ فِي الصَّوْمِ) الْمُعَارَضَةُ أَنْ يُورِدَ الْخَصْمُ فِي مُقَابَلَةِ دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ دَلِيلًا دَالًا عَلَى نَقِيضِ مُدَّعَاهُ.

(قَوْلُهُ: بِحَدِيثِ الصَّائِمِ الْمُتَطَوِّعِ) قَالَ النَّاصِرُ لِلْخَصْمِ أَنْ يَحْمِلَ الصَّائِمَ عَلَى مُرِيدِ الصَّوْمِ وَالْفَائِدَةُ فِي النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ حِينَئِذٍ أَنَّ النِّيَّةَ بِمُجَرَّدِهَا لَا يَلْزَمُ بِهَا شَيْءٌ لَا يُقَالُ فَيَكُونُ الصَّائِمُ مَجَازًا لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ أَيْضًا مَجَازٌ قَبْلَ تَمَامِهِ وَيَتَرَجَّحُ الْمَجَازُ الْأَوَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>