للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَحِلِّ الِانْتِفَاعِ فِي الْبَيْعِ وَالِاسْتِمْتَاعِ فِي النِّكَاحِ فَالصِّحَّةُ مَنْشَأُ التَّرْتِيبِ لَا نَفْسُهُ كَمَا قِيلَ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِمَعْنَى أَنَّهُ حَيْثُمَا وُجِدَ فَهُوَ نَاشِئٌ عَنْهَا لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا حَيْثُمَا وُجِدَتْ نَشَأَ عَنْهَا حَتَّى يَرِدَ الْبَيْعُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ أَثَرُهُ وَتَوَقُّفِ التَّرَتُّبِ عَلَى انْقِضَاءِ الْخِيَارِ

ــ

[حاشية العطار]

عَارِضَةٌ فِيهِمَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَحِلِّ الِانْتِفَاعِ فِي الْبَيْعِ) لَمْ يَقُلْ كَالِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِفُ عَنْ الصَّحِيحِ وَيُوجَدُ فِي الْفَاسِدِ.

(قَوْلُهُ: فَالصِّحَّةُ مَنْشَأُ التَّرْتِيبِ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَلَامِ الْمَتْنِ بَيَّنَ الْغَرَضَ مِنْهُ وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ لُزُومَ التَّنَاقُضِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَعَلَ تَرَتُّبَ الْأَثَرِ مُسَبَّبًا عَنْ الصِّحَّةِ كَمَا تُفِيدُهُ بَاءُ السَّبَبِيَّةِ الدَّاخِلَةُ عَلَيْهَا وَجَعَلَ الْأَثَرَ مُسَبَّبًا عَنْ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى إضَافَةِ الْأَثَرِ إلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِ الشَّيْءِ أَثَرَ الْآخَرِ إلَّا أَنَّهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ وَمُسَبَّبٌ عَنْهُ.

وَأَجَابَ بِأَنَّ الصِّحَّةَ هِيَ السَّبَبُ حَقِيقَةً وَلَمَّا كَانَتْ صِفَةً لِلْعَقْدِ وَالصِّفَةُ وَالْمَوْصُوفُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ أُضِيفَ الْأَثَرُ إلَيْهِ مَجَازًا مِنْ إضَافَةِ مَا حَقُّهُ أَنْ يُضَافَ لِلْحَالِ وَهُوَ الصِّحَّةُ لِلْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ.

وَأَجَابَ سم بِجَوَابٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ إضَافَةَ الْأَثَرِ إلَى الْعَقْدِ تَقْتَضِي سَبَبِيَّتَهُ لَهُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى تِلْكَ الْإِضَافَةِ مُجَرَّدَ تَبَعِيَّةِ ذَلِكَ الْأَثَرِ لِلْعَقْدِ فِي الْحُصُولِ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ شَيْئًا آخَرَ فَمَعْنَى كَوْنِ حِلِّ الِانْتِفَاعِ أَثَرًا لِلْعَقْدِ مُجَرَّدُ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي الْحُصُولِ وَإِنْ كَانَ سَبَبُ التَّبَعِيَّةِ فِي الْحُصُولِ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: لَا نَفْسُهُ) كَمَا قِيلَ قَائِلُهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ نَفْسَهُ أَنْ تَقُولَ لَوْ كَانَتْ نَفْسُهُ لَمْ تُوجَدْ بِدُونِهِ لَكِنَّ التَّالِيَ بَاطِلٌ فَبَطَلَ الْمُقَدَّمُ فَثَبَتَ نَقِيضُهُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَبَدِيهِيَّةٌ.

وَأَمَّا دَلِيلُ بُطْلَانِ التَّالِي فَلِأَنَّ الصِّحَّةَ قَدْ وُجِدَتْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَلَمْ يُوجَدْ الْأَثَرُ كَمَا فِي الْبَيْعِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ وَقَدْ يُمْنَعُ هَذَا بِأَنَّ تَرَتُّبَ الْأَثَرِ مَفْرُوضٌ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَالْمَانِعُ هُنَا وُجُودُ الْخِيَارِ إذْ لَوْلَاهُ لَتَرَتَّبَ الْأَثَرُ.

(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ حَيْثُمَا وُجِدَ إلَخْ) أُورِدَ عَلَيْهِ الْخُلَعُ وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَانِ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا أَثَرُهُمَا مِنْ الْبَيْنُونَةِ وَالْعِتْقِ مَعَ أَنَّهُمَا غَيْرُ صَحِيحَيْنِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَرَتُّبَ أَثَرِهِمَا لَيْسَ لِلْعَقْدِ بَلْ لِلتَّعْلِيقِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَنَظِيرُهُ الْقِرَاضُ وَالْوَكَالَةُ الْفَاسِدَانِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِيهِمَا التَّصَرُّفُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ.

وَأَمَّا مَا أَوْرَدَهُ النَّاصِرُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّرْتِيبِ وَالصِّحَّةِ مِنْ الْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ الَّتِي لَا وُجُودَ لَهَا فِي الْخَارِجِ فَالْوُجُودُ الْمُسْنَدُ إلَيْهِمَا إنْ كَانَ الْخَارِجِيَّ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ الذِّهْنِيَّ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ لَا يُثْبِتُونَهُ وَإِنْ أَثْبَتَهُ الْحُكَمَاءُ فَضَعِيفٌ جِدًّا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُودِ التَّحَقُّقُ وَالْأُمُورُ الِاعْتِبَارِيَّةُ تُوصَفُ بِهِ وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ تَحَقُّقَهَا فِي نَفْسِهَا حَتَّى يُنَافِيَ مَا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا بَلْ مَعْنَاهُ تَحَقُّقُ مَا اُنْتُزِعَتْ مِنْهُ وَاعْتُبِرَتْ فِيهِ وَدَعْوَاهُ أَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ لَا يُثْبِتُونَ الْوُجُودَ الذِّهْنِيَّ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الْمُنْكِرَ لَهُ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ وَالْبَعْضُ أَثْبَتَهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَوَاقِفِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِمَا أَطَالَ بِهِ سم مِمَّا لَا يَخْلُو بَعْضُهُ عَنْ الْقَدْحِ يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ وَقَفَ عَلَى كَلَامِهِ مَعَ اسْتِحْضَارِ مَا قَالَهُ الْحُكَمَاءُ وَالْمُتَكَلِّمُونَ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ هُنَا مَخَافَةَ التَّطْوِيلِ.

(قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ التَّرَتُّبُ إلَخْ) جَوَابُ اعْتِرَاضٍ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ الصِّحَّةُ مَنْشَأُ التَّرَتُّبِ بِأَنَّ الْمَنْشَأَ سَبَبٌ يَسْتَلْزِمُ مُقَارَنَةَ النَّاشِئِ عَنْهُ فَانْتِفَاءُ تِلْكَ الْمُقَارَنَةِ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ السَّبَبِيَّةِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ مَنْعُ اسْتِلْزَامِ الْمُقَارَنَةِ لِأَنَّ الْمُسَبَّبَ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبَبِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى انْتِفَاءِ مَانِعِهِ كَالْخِيَارِ وَوُجُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>