للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَعْنَى أَنْ لَا يُحْتَاجَ إلَى فِعْلِهَا ثَانِيًا فَمَا وَافَقَ مِنْ عِبَادَةٍ ذَاتِ وَجْهَيْنِ الشَّرْعَ وَلَمْ يُسْقِطْ الْقَضَاءَ كَصَلَاةِ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُهُ يُسَمَّى صَحِيحًا عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (وَبِصِحَّةِ الْعَقْدِ) الَّتِي هِيَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ مُوَافَقَتُهُ الشَّرْعَ (تَرَتَّبَ أَثَرُهُ) أَيْ أَثَرُ الْعَقْدِ وَهُوَ مَا شُرِعَ الْعَقْدُ لَهُ

ــ

[حاشية العطار]

عَنْ الْقَضَاءِ أَوْ لَا فَجَعَلُوا مِنْ الصَّحِيحَةِ مَا لَا يُغْنِي عَنْ الْقَضَاءِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ حَكَوْا وَجْهَيْنِ فِي وَصْفِ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ بِالصِّحَّةِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْجَدِيدِ.

(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنْ لَا يَحْتَاجَ) بِبِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ لِلْمُكَلَّفِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ وَلِمَجْهُولٍ فَنَائِبُ الْفَاعِلِ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ لَا يُحْوِجَ لِأَنَّ الِاحْتِيَاجَ وَصْفٌ لِلْمُكَلَّفِ وَعَدَمَ الْإِحْوَاجِ وَصْفٌ لِلْعِبَادَةِ كَمَا أَنَّ الْإِغْنَاءَ وَصْفُهَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْإِحْوَاجِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ لِلْعِبَادَةِ بِلَازِمِهِ وَهُوَ الِاحْتِيَاجُ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ لِلْمُكَلَّفِ وَمِثْلُهُ شَائِعٌ كَثِيرٌ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنْ يَحْتَاجَ بِالتَّحْتِيَّةِ أَمَّا إنْ قُرِئَ بِالْفَوْقِيَّةِ فَضَمِيرُهُ حِينَئِذٍ يَعُودُ لِلْعِبَادَةِ وَلَا يُرَدُّ مَا ذُكِرَ، غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ الْإِسْنَادَ مَجَازِيٌّ.

(قَوْلُهُ: يُسَمَّى صَحِيحًا عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي) فِي ذِكْرِ التَّسْمِيَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْقَرَافِيِّ وَغَيْرِهِ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ فِي صَلَاتِهِ الْمَذْكُورَةِ مُوَافِقٌ لِلْأَمْرِ وَأَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ إنْ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ وَإِلَّا فَلَا وَرَدُّ الزَّرْكَشِيُّ لِهَذَا غَيْرُ مُتَّجَهٍ كَمَا بَيَّنَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: وَبِصِحَّةِ الْعَقْدِ) فَسَّرَ الْآمِدِيُّ صِحَّةَ الْعَقْدِ بِتَرَتُّبِ أَثَرِهِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْعَضُدِ وَغَيْرِهِ مِنْ شَارِحِي الْمُخْتَصَرِ وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ فِي ذَلِكَ تَسَاهُلًا وَأَنَّ التَّحْقِيقَ هُوَ أَنْ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَصْفٌ لِلْعَقْدِ وَهُوَ مُوَافَقَتُهُ الشَّرْعَ فَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ الْوَصْفُ تَرَتَّبَ الْأَثَرُ فَهُوَ مَنْشَأٌ لِتَرَتُّبِ الْأَثَرِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَالصِّحَّةُ مَنْشَأُ التَّرَتُّبِ فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِصِحَّةِ الْعَقْدِ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَلَيْسَ مِنْ الْقِيلِ وَاتَّضَحَ سِرُّ مُغَايَرَةِ الْأُسْلُوبِ.

(قَوْلُهُ: مُوَافَقَتُهُ الشَّرْعَ) لَمْ يَقُلْ مُوَافَقَةُ الْعَقْدِ ذِي الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَ فِي الْعِبَادَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَكُونُ إلَّا ذَا وَجْهَيْنِ فَقَوْلُهُ ذِي الْوَجْهَيْنِ فِي تَعْرِيفِ مُطْلَقِ الصِّحَّةِ لِلِاحْتِرَازِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَةِ وَلِبَيَانِ الْوَاقِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَقْدِ قَالَ النَّاصِرُ هَذَا التَّعْرِيفُ يَرِدُ عَلَى عَكْسِهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ مَعَ أَنَّهُ صَحِيحٌ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِلشَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ الطَّلَاقُ حِلٌّ لَا عَقْدٌ قُلْت فَيَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمُتَقَدِّمِ لِمُطْلَقِ الصِّحَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَأَجَابَ ابْنُ قَاسِمٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمُوَافَقَةِ الشَّرْعِ اسْتِجْمَاعُ أَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ وَالطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ قَدْ اسْتَكْمَلَ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَرْعًا مِنْ الْأُمُورِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهِ.

وَأَمَّا خُلُوُّهُ عَنْ الْحَيْضِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ لَا رُكْنًا وَلَا شَرْطًا وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فِي نَفْسِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّيْءِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا وَمَا يَجِبُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِهِ فِيهِ فَالِاعْتِدَادُ بِالطَّلَاقِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَحِلُّهُ عَلَى الْخُلُوِّ عَنْ الْحَيْضِ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ لَمْ يُعْتَبَرُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهَا اجْتِنَابُ غَصْبِ سُتْرَةٍ أَوْ مَكَان وَإِنْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي حِلِّهَا فَتَصِحُّ بِسُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ وَمَكَانٍ مَغْصُوبٍ وَتَكُونُ مُعْتَدًّا بِهَا مَعَ الْحُرْمَةِ فَالْحُرْمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>