فَاسْتُعْمِلَ الْإِجْزَاءِ فِي الْأُضْحِيَّةَ وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ عِنْدَنَا وَاجِبَةٌ عِنْدَ غَيْرِنَا كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَاجِبِ اتِّفَاقًا حَدِيثُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ» .
(وَيُقَابِلُهَا) أَيْ الصِّحَّةَ (الْبُطْلَانُ) فَهُوَ مُخَالَفَةُ الْفِعْلِ ذِي الْوَجْهَيْنِ وُقُوعًا الشَّرْعَ وَقِيلَ فِي الْعِبَادَةِ عَدَمُ إسْقَاطِهَا الْقَضَاءَ (وَهُوَ) أَيْ الْبُطْلَانُ الَّذِي عُلِمَ أَنَّهُ مُخَالَفَةُ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ (الْفَسَادُ) أَيْضًا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُخَالَفَةُ مَا ذَكَرَ الشَّرْعُ (خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ) فِي قَوْلِهِ مُخَالَفَةُ مَا ذَكَرَ الشَّرْعُ بِأَنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ إنْ كَانَتْ لِكَوْنِ النَّهْيِ عَنْهُ لِأَصْلِهِ
ــ
[حاشية العطار]
الِاسْتِدْلَال بِالْمَفْهُومِ وَهُوَ إثْبَاتٌ.
(قَوْلُهُ: فَاسْتُعْمِلَ الْإِجْزَاءُ فِي الْأُضْحِيَّةِ) فِيهِ تَجَوُّزٌ جَارَى فِيهِ لَفْظَ الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَالْإِجْزَاءُ وَالْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ فِي الْحَقِيقَةِ أَوْصَافٌ لِذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ لَا لَهَا نَفْسِهَا إذْ الذَّوَاتُ لَا تُوصَفُ بِالْأَحْكَامِ حَقِيقَةً بَلْ الْمَوْصُوفُ بِهَا الْأَفْعَالُ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَاجِبِ اتِّفَاقًا) يَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى الْوَاجِبِ وَإِلَى الِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: حَدِيثُ الدَّارَقُطْنِيِّ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ اتِّفَاقًا قُلْت هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَدِيثِ هِيَ الْوَاجِبَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهَا لِكَوْنِهَا نَكِرَةً وَاقِعَةً فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ فَاسْتِعْمَالُ الْإِجْزَاءِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي قُلْت لَا نُسَلِّمُ الْبِنَاءَ الْمَذْكُورَ إذْ الِاسْتِعْمَالُ الْمَذْكُورُ آتٍ بِتَقْدِيرِ الْعُمُومِ أَيْضًا وَبِكُلِّ حَالٍ فِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى الْحَنَفِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تُجْزِئُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ اهـ. زَكَرِيَّا
وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّيْءِ وَاجِبًا فِي الشَّيْءِ وَوُجُوبِ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ وَالْكَلَامُ فِي الْأَوَّلِ وَالْفَاتِحَةُ وَاجِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا وَلَيْسَ النَّظَرُ لِلصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ بَلْ مِنْ حَيْثُ الْقِرَاءَةُ فِيهَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيُقَابِلُهَا إلَخْ) لَكِنَّ الْمُقَابَلَةَ عَلَى الْأَوَّلِ مُقَابَلَةُ التَّضَادِّ وَعَلَى الثَّانِي مُقَابَلَةُ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي عُلِمَ إلَخْ) إنَّمَا خَصَّهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ أَنَّهُ فِي الْعِبَادَةِ عَدَمُ إسْقَاطِ الْقَضَاءِ وَهُوَ الْفَسَادُ فِيهَا أَيْضًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَحَلُّ نِزَاعِ أَبِي حَنِيفَةَ بِخِلَافِ الثَّانِي لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِالْفَاسِدِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُسَمَّى بُطْلَانًا لَا يُقَالُ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي أَبْوَابٍ مِنْهَا الْحَجُّ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ فَلَا يَمْضِي فِيهِ وَيَفْسُدُ بِجِمَاعٍ فَيَمْضِي فِيهِ وَمِنْهُ الْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ مِنْهُمَا مَا كَانَ بِعِوَضٍ غَيْرِ مُتَمَوِّلٍ أَوْ كَانَ الْخَلَلُ فِيهِ رَاجِعًا لِلْعَاقِدِ كَصِغَرٍ وَيَفْسُدُ مَا كَانَ الْخَلَلُ فِيهِ رَاجِعًا لِغَيْرِ ذَلِكَ وَحُكْمُ الْبُطْلَانِ فِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُ حُرْمَةِ الْعَقْدِ وَحُكْمُ الْفَسَادِ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَعَهَا الصَّدَاقُ وَالْعِتْقُ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ بِالْبَدَلِ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ اصْطِلَاحٌ آخَرُ فَلَا يَضُرُّ فِي الِاصْطِلَاحِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ ذِي الْوَجْهَيْنِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ مَنْهِيَّا إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْعَ وَفِيهِ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ الشَّرْعَ غَيْرُ قَاصِرَةٍ عَلَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بَلْ تَشْمَلُ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ وَلَوْ بِنَهْيٍ عَامٍّ فَإِنَّ مُخَالَفَةَ خِطَابِ الْوَضْعِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِالنَّهْيِ الْعَامِّ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ إلَخْ) غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا قَبْلَهُ بَلْ هُوَ تَفْصِيلٌ لَهُ لِأَنَّهُ مُجْمَلٌ أَوْ اللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ يَقْتَضِي أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِذَاتِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا صِلَةٌ) أَيْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَاتِيًّا كَالرُّكْنِ أَوْ عَرَضِيًّا كَالشَّرْطِ فَلَا يُقَالُ إنَّ عَدَمَ الشَّرْطِ مِنْ الْأَوْصَافِ