للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ وَقْتَهُ كَمَا قَالَ فِي الْأَدَاءِ كَفَى (اسْتِدْرَاكًا) بِذَلِكَ الْفِعْلِ (لِمَا) أَيْ لِشَيْءٍ (سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى لِلْفِعْلِ) أَيْ لَأَنْ يُفْعَلَ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْدُوبَةَ تُقْضَى فِي الْأَظْهَرِ وَيُقَاسُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ الْمَنْدُوبُ فَقَوْلُهُ مُقْتَضِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ وُجُوبٌ: لَكِنْ لَوْ قَالَ لِمَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضِي كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ

ــ

[حاشية العطار]

فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ أَدْرَكَ وُجُوبَهَا أَوْ أَدْرَكَ وَقْتَهَا الَّذِي هُوَ سَبَبٌ فِي وُجُوبِهَا بِهَا فَلَا يُعَارِضُ مَا هُنَا وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً إلَخْ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَمَّا عِنْدَنَا مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ فَتَجِبُ بِإِدْرَاكِ زَمَنٍ يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) قِيلَ إنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقْتُ أَدَائِهِ لِيَكُونَ التَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ لِلْقَضَاءِ شَامِلًا لِمَا إذَا وَقَعَ أَقَلُّ مِنْ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ فَإِنَّ هَذَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ فِعْلُ كُلِّ مَا خَرَجَ وَقْتُ أَدَائِهِ وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ فِعْلُ كُلِّ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ إذْ الزَّمَنُ الْمَفْعُولُ فِيهِ الْمَذْكُورُ وَقْتٌ لِفِعْلِ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ فِي دَفْعِ خُرُوجِ هَذِهِ الصُّورَةِ إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي لَمَّا أَطْلَقَ الْبَعْضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: اسْتِدْرَاكًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ عَامِلُهُ فِعْلٌ أَيْ لِأَجْلِ الِاسْتِدْرَاكِ بِهَذَا الْفِعْلِ الَّذِي بَعْدَ الْوَقْتِ لِلْفِعْلِ الَّذِي سَبَقَ طَلَبُ إيقَاعِهِ فِي الْوَقْتِ وَأَرَادَ بِالْفِعْلِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ وَبِالشَّيْءِ الْوَاقِعَ عَلَيْهِ مَا الْفِعْلُ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَاللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ.

(قَوْلُهُ: لِلْفِعْلِ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ مَا أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَأَنْ يُفْعَلَ) نَبَّهَ بِكَوْنِ الْمَصْدَرِ مَسْبُوكًا مِنْ فِعْلِ الْمَفْعُولِ عَلَى أَنَّ الْمَلْحُوظَ فِي الِاقْتِضَاءِ السَّابِقِ هُوَ الْفِعْلُ الْمَطْلُوبُ دُونَ خُصُوصِيَّةِ الْفَاعِلِ مِنْ الْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ قَوْلُهُ مُطْلَقًا وَمِنْ فَوَائِدِ هَذَا التَّفْسِيرِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ لَا الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الْمَفْعُولُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ لَهُ الرَّاجِعِ ضَمِيرُهُ الْمَجْرُورُ لِمَا الْوَاقِعِ عَلَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ كَمَا أَنَّ كُلًّا وَبَعْضًا فِي التَّعْرِيفِ وَاقِعَانِ عَلَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ بِدَلِيلِ وُقُوعِهِمَا مُتَعَلِّقَ الْفِعْلِ الْمُصَدَّرِ بِهِ التَّعْرِيفُ لِأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ اقْتِضَاءَ وُجُوبٍ أَوْ اقْتِضَاءَ نَدْبٍ وَأَعْرَبَهُمَا النَّاصِرُ حَالَيْنِ مِنْ مُقْتَضَى فَيَكُونُ الْوُجُوبُ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ بِمَعْنَى الْمُوجِبِ وَالنَّدْبُ بِمَعْنَى النَّادِبِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ ثَلَاثَةَ مَجَازَاتٍ أَحَدُهَا عَقْلِيٌّ لِأَنَّ الْمُوجِبَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ لَا الْخِطَابُ وَفِي الثَّانِي مَجَازَانِ أَحَدُهُمَا عَقْلِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْدُوبَةَ تَقْتَضِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ تَابِعَةً لِمَا لَا يُقْضَى كَنَفْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُقْضَى (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ) مُقْتَضَى قِيَاسِ الصَّوْمِ عَلَيْهَا وُجُودُ الدَّلِيلِ عَلَى قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَنْدُوبَةِ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَدَدِهِ.

(قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْدُوبَةَ.

(قَوْلُهُ: أَحْسَنُ إلَخْ) لِأَنَّ تَعْرِيفَ مَنْ عَبَّرَ بِالْوُجُوبِ لَا يَشْمَلُ قَضَاءَ الْمَنْدُوبِ قَالَ النَّاصِرُ الْعُذْرُ لَهُ بِنَاءُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ اخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْوَاجِبِ إلَّا الْفَجْرَ فَإِنَّهُ يُقْضَى فَقِيلَ حَقِيقَةٌ وَقِيلَ مَجَازٌ اهـ.

وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الِاعْتِذَارَ لَا يَدْفَعُ الْأَحْسَنِيَّةَ إذْ شُمُولُ التَّعْرِيفِ لِسَائِرِ الْمَذَاهِبِ أَحْسَنُ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِبَعْضِهَا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ عَلَى نَفْسِ مَذْهَبِهِ بِالنَّظَرِ لِلْفَجْرِ فَإِنَّ مَذْهَبَهُ قَضَاؤُهُ إلَى الزَّوَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَائِلًا بِمَجَازِيَّةِ قَضَائِهِ بَلْ التَّعْبِيرُ بِالْحُسْنِ الْمُشْعِرِ بِجَوَازِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ فِي التَّعْرِيفِ كَوْنَهُ جَامِعًا وَيَجُوزُ التَّعْرِيفُ بِالْأَخَصِّ أَمَّا عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فَالتَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ مُقْتَضًى مُتَعَيِّنٌ.

(قَوْلُهُ: كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ) أَمَّا الْأَخْصَرِيَّةُ فَظَاهِرَةٌ وَأَمَّا الْأَوْضَحِيَّةُ فَلِاتِّحَادِ مُتَعَلِّقِ الِاقْتِضَاءِ عَلَى هَذَا وَتَعَدُّدِهِ عَلَى صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ الْمُحْوِجِ لِخَفَاءِ مَعْنَاهُ إلَى جَعْلِ قَوْلِهِ لِلْفِعْلِ بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقٍ لَهُ بِمُقْتَضًى وَقَدْ يُدَّعَى أَنَّ لَهُ يَتَعَلَّقُ بِسَبْقٍ جِيءَ بِهِ لِزِيَادَةِ الرَّبْطِ كَمَا قَالُوهُ فِي قَوْله تَعَالَى {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} [الأنبياء: ١] هَذَا مَا أَفَادَهُ النَّاصِرُ مُوَضِّحًا.

وَفِي بَعْضِ رَسَائِلِ فُضَلَاءِ الرُّومِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فِي قَوْله تَعَالَى {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} [الأنبياء: ١] اهْتِمَامًا بِشَأْنِ مُنْكِرِي الْبَعْثِ بِأَنَّهُمْ مَدْنُوٌّ مِنْهُمْ وَمُقَرَّبٌ لَهُمْ وَمُنْذَرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>