للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ كَمَا فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ بِلَا عُذْرٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي قَضَاءِ النَّائِمِ الصَّلَاةَ وَالْحَائِضِ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ سَبَقَ مُقْتَضًى لِفِعْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ غَيْرِ النَّائِمِ وَالْحَائِضِ لَا مِنْهُمَا وَإِنْ انْعَقَدَ سَبَبُ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ فِي حَقِّهِمَا لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا أَوْ نَدْبِهِ لَهُمَا وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاسْتِدْرَاكِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ

ــ

[حاشية العطار]

بِاخْتِصَاصِهِمْ بِذَلِكَ الْوَعِيدِ لَا مُجَرَّدَ ذِكْرِ الْمُقْتَرِبِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: ١] فَإِنَّ الْجِهَةَ الْمَنْظُورَ فِيهَا هُنَا بَيَانُ الْمُقْتَرِبِ دُونَ الْمَدْنُوِّ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ لِإِثْبَاتِ وُقُوعِ السَّاعَةِ وَاقْتِرَابِهَا بِآيَاتٍ تُنْذِرُ بِحُلُولِهَا وَمِنْ جُمْلَتِهَا انْشِقَاقُ الْقَمَرِ وَقِيلَ إنَّ اللَّامَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفِعْلِ وَتَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَاعِلِ لِلْمُسَارَعَةِ إلَى إدْخَالِ الرَّوْعَةِ فَإِنَّ نِسْبَةَ الِاقْتِرَابِ إلَيْهِمْ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ مِمَّا يَسُوءُهُمْ وَيُورِثُهُمْ رَهْبَةً وَانْزِعَاجًا مِنْ الْمُقْتَرِبِ وَجَعَلَهَا تَأْكِيدًا لِلْإِضَافَةِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْمُتَعَارَفَ بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ اقْتَرَبَ حِسَابُ النَّاسِ ثُمَّ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ الْحِسَابُ ثُمَّ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ مَعَ أَنَّهُ تَعَسُّفٌ بِمَعْزِلٍ عَمَّا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْفِعْلِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْقَاضِي.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِمُقْتَضًى.

(قَوْلُهُ: سَبَبُ الْوُجُوبِ) وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ مَعَ التَّكْلِيفِ فَإِنَّ الْوَقْتَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ وَلَوْ فِي حَقِّ النَّائِمِ وَالْحَائِضِ وَتَخَلُّفُ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ لِشَيْءٍ آخَرَ كَوُجُودِ الْمَانِعِ لَا يَنْفِي سَبَبِيَّتَهُ فِي نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ انْعَقَدَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوُجُوبَ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ إذْ لَوْ كَانَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبُ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِمَا وَسَيَأْتِي التَّحْقِيقُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ.

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاسْتِدْرَاكِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكُ الشَّيْءِ وَإِدْرَاكُهُ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا جَمَاعَةً مَطْلُوبٌ وَأَنَّ فِعْلَهَا جَمَاعَةً بَعْدَ وَقْتِهَا الْمُؤَدَّاةِ فِيهِ فُرَادَى يُوصِلُ إلَى مَا سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى فَالْحَدُّ صَادِقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ قَضَاءً فَهُوَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَإِخْرَاجُهُ مِنْهُ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ مَحَلُّ نَظَرٍ ثُمَّ إنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ بَعْدَ وَقْتِهَا الْمُؤَدَّاةِ فِيهِ بِطَهَارَةٍ مَظْنُونَةٍ تَبَيَّنَ انْتِفَاؤُهَا لِسُقُوطِ الْمُقْتَضَى بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَتَوَصَّلْ بِالْفِعْلِ الثَّانِي إلَى مَا سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى وَهُوَ قَضَاءٌ بِلَا نِزَاعٍ فَيَكُونُ الْحَدُّ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ أَفَادَهُ النَّاصِرُ.

وَأَجَابَ سم عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ لَيْسَ مُجَرَّدَ الْوُصُولِ إلَى مَا سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْوُصُولُ إلَيْهِ مَطْلُوبًا عَلَى وَجْهِ الْجَبْرِيَّةِ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ أَوْ لَا إمَّا بِتَرْكِ الْفِعْلِ رَأْسًا وَإِمَّا بِفِعْلِهِ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ خَلَلٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِعَادَةَ جَمَاعَةً مَطْلُوبَةٌ كَذَلِكَ.

وَعَنْ الثَّانِي بِمَنْعِ عَدَمِ الصِّدْقِ الَّذِي ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ طَلَبُ الْفِعْلِ مَرَّةً أُخْرَى بِدَلِيلٍ آخَرَ فَإِذَا فَعَلَهُ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ لِمَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضًى وَهُوَ الطَّلَبُ الَّذِي يَبْقَى بِانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فَقَوْلُهُ لِسُقُوطِ الْمُقْتَضَى بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ قُلْنَا السَّاقِطُ مُقْتَضَى الْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ هُنَا مُقْتَضًى آخَرُ بِدَلِيلٍ آخَرَ عَامٍّ طَالِبٍ لِفِعْلِ مَا وَقَعَ عَلَى خَلَلٍ مَرَّةً أُخْرَى كَمَا قُلْنَا. اهـ.

وَنُوقِشَ جَوَابُهُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ مَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضًى عِبَارَةً عَنْ الْفِعْلِ بَعْدَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْمُقْتَضِي الْآخَرُ الْجَدِيدُ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضًى مَا سَبَقَ طَلَبُ إيقَاعِهِ فِي الْوَقْتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ نَفْسُهُ فِي أَحَدِ جَوَابَيْهِ عَنْ الْأَوَّلِ وَكَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ أَيْ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إذْ لَوْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ مَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضًى عِبَارَةً عَنْ الْفِعْلِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَوْلِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْفِعْلَ بَعْدَ الْوَقْتِ مَطْلُوبٌ مِنْ نَفْسِ النَّائِمِ وَالْحَائِضِ فَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ لَمَّا تَبَيَّنَ بِانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ عَدَمُ إجْزَاءِ الصَّلَاةِ الْمَفْعُولَةِ فِي الْوَقْتِ لَمْ يَسْقُطْ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ اسْتِدْرَاكًا لِمَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ فِي الْوَقْتِ مُقْتَضٍ حُكْمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>