الْمُتَخَلِّفِ عَنْهُ لِلْعُذْرِ (فَرُخْصَةٌ) أَيْ فَالْحُكْمُ الْمُتَغَيَّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ الْمَذْكُورُ يُسَمَّى رُخْصَةً وَهِيَ لُغَةً السُّهُولَةُ (كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ) لِلْمُضْطَرِّ (وَالْقَصْرِ) الَّذِي هُوَ تَرْكُ الْإِتْمَامِ لِلْمُسَافِرِ (وَالسَّلَمِ) الَّذِي هُوَ بَيْعُ مَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ (وَفِطْرِ مُسَافِرٍ) فِي رَمَضَانَ (لَا يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا أَيْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً قَوِيَّةً (وَاجِبًا) أَيْ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَقِيلَ هُوَ مُبَاحٌ (وَمَنْدُوبًا) أَيْ الْقَصْرُ، لَكِنْ فِي سَفَرٍ يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
ــ
[حاشية العطار]
يَخْلُفُهُ سَبَبٌ آخَرُ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْعُذْرُ مُصَاحِبًا لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ مَعَ أَنَّ الْمُصَاحِبَ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ لَا يُقَالُ لَهُ رُخْصَةٌ وَكَفَى بِذَلِكَ فَائِدَةً لِهَذَا الْقَيْدِ.
(قَوْلُهُ: الْمُتَخَلِّفِ) اسْمُ فَاعِلٍ وَضَمِيرُهُ الْمُسْتَتِرُ يَعُودُ عَلَى أَلْ الْمَوْصُولَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ فَالصِّلَةُ جَارِيَةٌ عَلَى مَا هِيَ لَهُ، وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ عَنْ السَّبَبِ وَيَصِحُّ فَتْحُ اللَّامِ اسْمُ مَفْعُولٍ صِفَةٌ لِلسَّبَبِ وَعَنْهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَقَصَدَ الشَّارِحُ بِهَذَا دَفْعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يَنْتَفِي الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهِ.
(قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ الْمُتَغَيَّرُ إلَيْهِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ اسْمُ مَفْعُولٍ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ لَيْسَتْ اسْمًا لِلْحُكْمِ الْمُتَغَيَّرِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْدَثُ عَنْهُ بَلْ لِلْمُتَغَيَّرِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَّصِفُ بِالسُّهُولَةِ وَإِلَى أَنَّ الضَّمِيرَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُ بِالرُّخْصَةِ مِنْ أَقْسَامِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ لَا الْوَضْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَضُدُ وَالْآمِدِيُّ وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِهِمَا لِإِطْبَاقِ الْكُلِّ عَلَى تَقْسِيمِ مُتَعَلِّقِهِمَا إلَى وَاجِبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَقْسَامِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ.
(قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ) أَيْ الَّذِي كَانَ التَّغَيُّرُ إلَيْهِ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ.
(قَوْلُهُ: يُسَمَّى إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْإِخْبَارَ مِنْ حَيْثُ التَّسْمِيَةُ لَا الْحُكْمُ وَالرُّخْصَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَبِالتَّحْرِيكِ وَيُقَالُ فِيهَا خُرْصَةٌ بِالسُّكُونِ وَالتَّحْرِيكِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ لُغَةً السُّهُولَةُ) أَيْ مُطْلَقًا وَنُقِلَ اصْطِلَاحًا إلَى سُهُولَةٍ خَاصَّةٍ وَهِيَ السُّهُولَةُ فِي الْحُكْمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِالتَّعْبِيرِ بِالسُّهُولَةِ الْمُعَرَّفَةِ فَاللَّامُ الْعَهْدِ.
(قَوْلُهُ: وَالسَّلَمِ) أَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي السَّلَمِ الْإِبَاحَةُ وَلَمْ يُمْنَعْ أَصْلًا فَهُوَ عَزِيمَةٌ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ وَرَدَ فِيهِ بِالْفِعْلِ بِخُصُوصِهِ بَلْ يَكْفِي وَلَوْ مِنْ حَيْثُ انْدِرَاجُهُ تَحْتَ أَمْرٍ كُلِّيٍّ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْغَائِبِ الْمُحْتَوِي عَلَى غَرَرٍ الْمَنْعُ كَمَا يُشِيرُ لَهُ الشَّارِحُ.
وَفِي شَرْحِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى مِنْهَاجِ الْبَيْضَاوِيِّ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَخَرَجَ عَنْ الرُّخْصَةِ وُجُوبُ الْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ عِنْدَ فَقْدِ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى فَاقِدِ الرَّقَبَةِ كَمَا أَنَّ الْإِعْتَاقَ هُوَ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى وَاجِدِهَا وَكَذَا وُجُوبُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ لِلْجُرْحِ وَنَحْوِهِ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ بَيْعُ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ بِلَفْظِ السَّلَمِ وَمِثْلُ السَّلَمِ الْإِجَارَةُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْعَرَايَا فَإِنَّ فِيهَا عَقْدًا عَلَى مَعْدُومٍ فِي الثَّلَاثَةِ وَالْعَرَايَا بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لَكِنَّهَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ.
(قَوْلُهُ: فِي رَمَضَانَ) تَصْوِيرٌ وَتَقْيِيدٌ بِاعْتِبَارَيْنِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْيَاءِ مَعَ فَتْحِ الْهَاءِ) عَلَى أَخْذِهِ مِنْ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ وَقَوْلُهُ وَضَمِّهَا أَيْ مَعَ كَسْرِ الْهَاءِ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ الرُّبَاعِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَاجِبًا) أَيْ أَكْلُ الْمَيْتَةِ فَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ وَإِذَا مَاتَ مَاتَ عَاصِيًا بِخِلَافِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي سَفَرٍ يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ