للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ مِنْ صُعُوبَةٍ لَهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ (إلَى سُهُولَةٍ) كَأَنْ تَغَيَّرَ مِنْ الْحُرْمَةِ لِلْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ إلَى الْحِلِّ لَهُ (لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ)

ــ

[حاشية العطار]

بِمَعْنَى الْخِطَابِ هُوَ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ، لَا يُقَالُ هُوَ بِمَعْنَى دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الدَّالَّ هُوَ الْخِطَابُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْحُكْمِ الْمَأْخُوذِ الْحُكْمُ بِمَعْنَى النِّسْبَةِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ هِيَ النُّصُوصُ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الرُّسُلُ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ لَا يَتَغَيَّرُ وَإِضَافَةُ التَّعْلِيقِ لِلضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِلْحُكْمِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى كُلِّهِ لَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ لِاقْتِضَائِهَا عُرُوضَ التَّعَلُّقِ لَهُ وَخُرُوجَهُ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَنَبَّهَ الشَّارِحُ بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ هُوَ جُزْءُ الْحُكْمِ وَإِنْ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ ثَانِيًا وَبِالْعَرَضِ بِتَغَيُّرِ جُزْئِهِ وَتَغَيُّرُ التَّعَلُّقِ انْعِدَامُهُ وَوُجُودُ تَعَلُّقِ خِطَابٍ آخَرَ بَدَلَهُ فَيَكُونُ هَذَا الْخِطَابُ حُكْمًا بَدَلَ الْحُكْمِ الْمُنْعَدِمِ بِانْعِدَامِ تَعَلُّقِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ مَجْمُوعُ الْخِطَابِ وَالتَّعَلُّقُ التَّنْجِيزِيُّ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْكَمَالِ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ إلَى أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ التَّعَلُّقُ لَا الْحُكْمُ وَتَغَيُّرُ الْحُكْمِ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ خِطَابُ اللَّهِ أَيْ كَلَامُهُ النَّفْسِيُّ الْقَدِيمُ فَلَا يُوَافِقُ مَا سَبَقَ لِلْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَإِنَّمَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ مِنْ أَنَّ التَّعَلُّقَ خَارِجٌ عَنْ مَفْهُومِ الْحُكْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: مِنْ صُعُوبَةٍ) مِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَغَيُّرٍ أَوْ ابْتِدَائِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ إنْ تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا نَاشِئًا مِنْ تَعَلُّقٍ ذِي صُعُوبَةٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ مِنْهُ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْمُتَغَيِّرِ إلَيْهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَاتَ الْحُكْمِ لَا تَغَيُّرَ فِيهَا بَلْ فِي وَصْفِهَا مِنْ الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ وَذَلِكَ يُخَالِفُ قَوْلَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ إلَى الْحِلِّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّغَيُّرَ مِنْ حُكْمٍ إلَى حُكْمٍ وَقَوْلُهُ أَيْ فَالْحُكْمُ الْمُتَغَيَّرُ إلَيْهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَإِنَّ الصِّفَةَ لِلْحُكْمِ فَإِذَا تَغَيَّرَ الْحُكْمُ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ وَكَذَا إذَا تَغَيَّرَتْ الصِّفَةُ أَوْ أَنَّ مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ وَهِيَ وَمَجْرُورُهَا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ تَغَيَّرَ وَالصُّعُوبَةُ وَالسُّهُولَةُ بِمَعْنَى الصَّعْبِ وَالسَّهْلِ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ ذِي صُعُوبَةٍ وَذِي سُهُولَةٍ وَالْمَعْنَى وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ إنْ تَغَيَّرَ حَالَ كَوْنِهِ كَائِنًا قَبْلَ التَّغَيُّرِ مِنْ الصَّعْبِ إلَى السَّهْلِ فَرُخْصَةٌ، فَقَوْلُهُ الْآتِي مِنْ الْحُرْمَةِ أَيْ كَائِنًا مِنْ الْحُرْمَةِ.

(قَوْلُهُ: إلَى الْحِلِّ لَهُ) أَيْ لِلْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ هَاهُنَا نُكْتَةٌ يُتَنَبَّهُ لَهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِتَغَيُّرِ الْحُكْمِ بِغَيْرِهِ تَغَيُّرَهُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ تَثْبُتَ الصُّعُوبَةُ بِالْفِعْلِ ثُمَّ يَنْقَطِعَ تَعَلُّقُهَا إلَى السُّهُولَةِ بَلْ الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ وُرُودَ السُّهُولَةِ ابْتِدَاءً لَكِنْ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ مُقْتَضَى قِيَاسِ الشَّرْعِ كَمَا يَشْهَدُ بِذَلِكَ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ وَلِهَذَا عَبَّرَ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ كَالْبَيْضَاوِيِّ بِقَوْلِهِ الْحُكْمُ إنْ ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ فَرُخْصَةٌ إلَخْ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّيَمُّمِ فَقِيلَ رُخْصَةٌ وَقِيلَ عَزِيمَةٌ وَقِيلَ إنْ كَانَ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَعَزِيمَةٌ وَلِنَحْوِ الْمَرَضِ فَرُخْصَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ) هَذَا الْقَيْدُ مُسْتَدْرَكٌ إذْ لَوْ زَالَ لَمْ يَكُنْ التَّغَيُّرُ لِعُذْرٍ بَلْ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ أَفَادَهُ النَّاصِرِ وَمُحَصِّلُ مَا أَجَابَ بِهِ سم أَنَّهُ كَمَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ يَنْتَفِي لِلْعُذْرِ فَيَصِحُّ أَنْ يُسْنَدَ إلَيْهِمَا بَلْ رُبَّمَا كَانَ الْإِسْنَادُ لِلْعَدَمِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ الْمُعَيَّنَ يَكْفِي فِي التَّغَيُّرِ دُونَ انْتِفَاءِ السَّبَبِ الْمُعَيَّنِ إذْ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>