فَبِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ فِي هَذِهِ الْأَدِلَّةِ أَيْ بِحَرَكَةِ النَّفْسِ فِيمَا تَعْقِلُهُ مِنْهَا مِمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَنْتَقِلَ بِهِ إلَى تِلْكَ الْمَطْلُوبَاتِ كَالْحُدُوثِ فِي الْأَوَّلِ وَالْإِحْرَاقِ فِي الثَّانِي وَالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ فِي الثَّالِثِ تَصِلُ إلَى تِلْكَ الْمَطْلُوبَاتِ بِأَنْ تُرَتَّبَ هَكَذَا الْعَالَمُ حَادِثٌ وَكُلُّ حَادِثٍ لَهُ صَانِعٌ فَالْعَالَمُ لَهُ صَانِعٌ، النَّارُ شَيْءٌ مُحْرِقٌ وَكُلُّ مُحْرِقٍ لَهُ دُخَانٌ فَالنَّارُ لَهَا دُخَانٌ، أَقِيمُوا الصَّلَاةَ أَمْرٌ بِالصَّلَاةِ وَكُلُّ أَمْرٍ بِشَيْءٍ لِوُجُوبِهِ حَقِيقَةٌ فَالْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ لِوُجُوبِهَا.
وَقَالَ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ دُونَ يَتَوَصَّلُ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَكُونُ دَلِيلًا وَإِنْ لَمْ يُنْظَرْ فِيهِ النَّظَرُ الْمُتَوَصَّلُ بِهِ
ــ
[حاشية العطار]
لِوُجُودِ الصَّانِعِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: فَبِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَعْدُ، تَصِلُ إلَى تِلْكَ الْمَطْلُوبَاتِ، إنْ قُدِّمَ عَلَيْهِ لِلْحَصْرِ.
(قَوْلُهُ: كَالْحُدُوثِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُسْتَلْزِمَ لِلْمَطْلُوبِ هُوَ الْحَدُّ الْوَسَطُ وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَمْثِلَةِ مُفْرَدٌ تَسْتَحِيلُ الْحَرَكَةُ الَّتِي هِيَ الِانْتِقَالُ فِيهِ بَلْ هِيَ وَاقِعَةٌ فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَالْحُدُوثِ وَمَا بَعْدَهُ الذَّاتُ مِنْ حَيْثُ هِيَ بَلْ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارَاتُهَا وَهُوَ اعْتِبَارُ ثُبُوتِهَا لِلدَّلِيلِ الَّذِي هُوَ الْحَدُّ الْأَصْغَرُ وَاعْتِبَارُ الِانْتِقَالِ إلَى الْمَدْلُولِ بِوَاسِطَتِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَقَعُ الْحَرَكَةُ فِيهَا.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ مَبْنَى الْإِشْكَالِ حَمْلُ فِي مِنْ، قَوْلِهِ فِيمَا تَعْقِلُهُ فِيهَا عَلَى مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ حَمْلِهَا عَلَى مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ، مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا، فَجَعَلَ تِلْكَ الْحَرَكَةَ سَبَبًا أَوْ آلَةً لِلِانْتِقَالِ مِنْهَا إلَى الْمَطْلُوبِ وَلَمْ يَجْعَلْهَا مَحَلَّ الْحَرَكَةِ اهـ.
وَهُوَ صَرْفٌ لِلْكَلَامِ عَمَّا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ بِلَا دَاعٍ وَقَوْلُهُ فِي الْجَوَابِ الثَّانِي أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحًا وَالتَّقْدِيرُ مَثَلًا فِيمَا تَعَلُّقُهُ فِيهَا مَعَ غَيْرِهِ، غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَقْدِيرَ مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ تُرَتَّبَ) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ ضَمِيرُهُ الْعَائِدُ إلَى الْأَدِلَّةِ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَصِلُ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ غَيْرُ النَّظَرِ بَلْ لَازِمُهُ وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ الْحَاجِبِ خِلَافَ مَا عَلَيْهِ الْكَثِيرُ مِنْ الْمَنَاطِقَةِ أَنَّهُ عَيْنُهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ إمَّا بِالْفِعْلِ وَهُوَ الشَّكْلُ الْأَوَّلُ وَإِمَّا بِالْقُوَّةِ كَبَقِيَّةِ الْأَشْكَالِ، وَالْقِيَاسُ الِاسْتِثْنَائِيِّ لِتَوَقُّفِ إنْتَاجِهَا لِرُجُوعِهَا لِلْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: فَالْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ) قَالَ النَّاصِرُ صَوَابُ الْعِبَارَةِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ لِوُجُوبِهَا حَقِيقَةٌ وَإِنَّمَا تَكُونُ هَذِهِ النَّتِيجَةُ لَوْ كَانَ صُورَةُ الْقِيَاسِ، الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ أَمْرٌ بِشَيْءٍ وَكُلُّ أَمْرٍ بِشَيْءٍ لِوُجُوبِهِ حَقِيقَةٌ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ أَلْ فِي الْأَمْرِ لِلْعَهْدِ أَيْ فَالْأَمْرُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ أَقِيمُوا فَكَأَنَّهُ قَالَ فَأَقِيمُوا لِلْوُجُوبِ وَالِاعْتِبَارُ بِالْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَكُونُ دَلِيلًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ مَعْرُوضُ الدَّلَالَةِ وَهِيَ كَوْنُ الشَّيْءِ بِحَيْثُ يُفِيدُ الْعِلْمَ أَوْ الظَّنَّ عِنْدَ النَّظَرِ فِيهِ وَهَذَا حَاصِلٌ نَظَرَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَنْظُرْ كَذَا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ أَيْ الْكَائِنَ بِحَيْثُ يُفِيدُ إلَخْ وَقَوْلُهُ