للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَيَّدَ النَّظَرَ بِالصَّحِيحِ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهِ إلَى الْمَطْلُوبِ لِانْتِفَاءِ وَجْهِ الدَّلَالَةِ عَنْهُ وَإِنْ أَدَّى إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ اعْتِقَادٍ أَوْ ظَنٍّ كَمَا إذَا نَظَرَ فِي الْعَالَمِ مِنْ حَيْثُ الْبَسَاطَةُ وَفِي النَّارِ مِنْ حَيْثُ التَّسْخِينُ فَإِنَّ الْبَسَاطَةَ وَالتَّسْخِينَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِمَا أَنْ يُنْقَلَ بِهِمَا إلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَالدُّخَانِ وَلَكِنْ يُؤَدِّي إلَى وُجُودِهِمَا هَذَانِ النَّظَرَانِ مِمَّنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْعَالَمَ بَسِيطٌ وَكُلُّ بَسِيطٍ لَهُ صَانِعٌ وَمِمَّنْ ظَنَّ أَنَّ كُلَّ مُسَخِّنٍ لَهُ دُخَانٌ

ــ

[حاشية العطار]

وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ أَيْ النَّظَرَ الْمُتَوَصَّلَ بِهِ بِأَنْ لَا يَنْظُرَ فِيهِ أَصْلًا أَوْ يَنْظُرَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهِ الدَّلَالَةِ أَوْ مِنْهُ لَا مَعَ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ اهـ. نَاصِرٌ.

وَإِنَّمَا أَدْخَلَ الشَّارِحُ النَّفْيَ عَلَى النَّظَرِ دُونَ التَّوَصُّلِ مَعَ أَنَّهُ الْجَارِي عَلَى سَنَنِ مَا سَبَقَ لِئَلَّا تَصْدُقَ الْعِبَارَةُ بِصُورَةٍ بَاطِلَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ مَا إذَا نَظَرَ فِيهِ نَظَرًا صَحِيحًا لَكِنْ لَمْ يَتَوَصَّلْ بِهِ إلَى الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى نَظَرَ فِيهِ نَظَرًا صَحِيحًا فَقَدْ تَوَصَّلَ بِهِ إلَى الْمَطْلُوبِ.

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ النَّظَرَ بِالصَّحِيحِ) قَالَ السَّيِّدُ فِي حَوَاشِي الشَّرْحِ الْعَضُدِيِّ وَقَيَّدَ النَّظَرَ بِالصَّحِيحِ أَيْ الْمُشْتَمِلِ عَلَى شَرَائِطِهِ صُورَةً وَمَادَّةً؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهِ، إذًا لَيْسَ هُوَ سَبَبًا لِلتَّوَصُّلِ وَلَا آلَةً وَإِنْ كَانَ قَدْ يُفْضِي إلَيْهِ فَذَلِكَ اتِّفَاقِيٌّ وَلَيْسَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ وَسِيلَةً فَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْهُ وَأُرِيدَ الْعُمُومُ خَرَجَتْ الدَّلَائِلُ بِأَسْرِهَا إذْ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِكُلِّ نَظَرٍ فِيهَا وَلَوْ أُرِيدَ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَيْ نَظَرٍ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَنْبِيهٌ عَلَى افْتِرَاقِ الْفَاسِدِ عَنْ الصَّحِيحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهِ) أَيْ بِذَاتِهِ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَإِنْ أَدَّى إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ إلَخْ أَوْ يُقَالُ فَرْقٌ بَيْنَ التَّوَصُّلِ وَبَيْنَ الْإِفْضَاءِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى التَّوَصُّلِ يَقْتَضِي وُجُودَ وَجْهِ الدَّلَالَةِ بِخِلَافِ الْإِفْضَاءِ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يُمْكِنُ إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْإِفْضَاءُ إلَى الْمَطْلُوبِ يَسْتَلْزِمُ إمْكَانَ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ لَا مَحَالَةَ.

(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ وَجْهِ الدَّلَالَةِ عَنْهُ) إشَارَةٌ إلَى تَعْرِيفِ النَّظَرِ الْفَاسِدِ بِأَنَّهُ مَا انْتَفَى وَجْهُ الدَّلَالَةِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: مِمَّنْ اعْتَقَدَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْفَسَادُ فِي الْبَسَاطَةِ مِنْ جِهَتَيْنِ جِهَةِ ثُبُوتِهِ لِلْعَالَمِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الصُّغْرَى فَإِنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ لَيْسَ بَسِيطًا لِعَدَمِ بَسَاطَةِ الْمَوَالِيدِ الثَّلَاثَةِ الْحَيَوَانِ وَالْمَعْدِنِ وَالنَّبَاتِ لِتَرَكُّبِهَا مِنْ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>