للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ مَعْنَى. الْجَامِعُ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ كُلَّمَا انْتَفَى الْحَدُّ انْتَفَى الْمَحْدُودُ اللَّازِمُ لِذَلِكَ التَّفْسِيرِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الِانْعِكَاسَ التَّلَازُمُ فِي الِانْتِفَاءِ كَالِاطِّرَادِ التَّلَازُمُ فِي الثُّبُوتِ.

(وَالْكَلَامُ) النَّفْسِيُّ (فِي الْأَزَلِ قِيلَ لَا يُسَمَّى خِطَابًا) حَقِيقَةً لِعَدَمِ مَنْ يُخَاطِبُ بِهِ إذْ ذَاكَ وَإِنَّمَا يُسَمَّاهُ حَقِيقَةً فِيمَا لَا يَزَالُ عِنْدَ وُجُودِ مَنْ يَفْهَمُ وَإِسْمَاعِهِ إيَّاهُ بِاللَّفْظِ كَالْقُرْآنِ أَوْ بِلَا لَفْظٍ كَمَا وَقَعَ لِمُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ.

ــ

[حاشية العطار]

نَقِيضِ الْمُوَافِقِ وَعَكْسُ نَقِيضِ الْقَضِيَّةِ لَازِمٌ لَهَا.

(قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِتَفْسِيرِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ النَّاصِرُ وَالْحَقُّ مَعَ ابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ الِاطِّرَادَ وَالِانْعِكَاسَ وَصْفَانِ لِلْقَضِيَّةِ الْوَاقِعَةِ تَفْسِيرًا لِلْمُطَّرِدِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ لِلْحَدِّ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ عَكْسُ الْحَدِّ لَا عَكْسُ الْقَضِيَّةِ الْوَاقِعَةِ صِفَةً لَهُ فَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى الشَّارِحِ عَكْسُ الشَّيْءِ بِعَكْسِ صِفَتِهِ.

وَقَدْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ نَفْسُهُ الِاطِّرَادَ وَالِانْعِكَاسَ صِفَتَيْنِ لِلْحَدِّ لَا لِلْقَضِيَّةِ هَذَا خُلَاصَةُ كَلَامِهِ وَخُلَاصَةُ جَوَابِ سم أَنَّ الصِّفَةَ وَالْمَوْصُوفَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَلَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ مَا هُوَ صِفَةٌ لِلصِّفَةِ صِفَةً لِلْمَوْصُوفِ وَلَهُمْ هَاهُنَا تَشْنِيعَاتٌ عَدَمُ ذِكْرِهَا أَوْلَى مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَحْثِ وَالْجَوَابِ لَيْسَ مِمَّا يَقْتَضِي هَذَا كُلَّهُ فَإِنَّ مَا عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ مُوَافِقٌ لِعِبَارَةِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ غَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ تَسَمُّحٌ وَمِثْلُهُ مُغْتَفَرٌ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَقَامَاتِ

(قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ إلَخْ) مَنْ تَأَمَّلَ وَجَدَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ يَرْجِعَانِ لِمَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُسَمَّى خِطَابًا أَنَّهُ لَا يَتَنَوَّعُ وَمِنْ كَوْنِهِ لَا يَتَنَوَّعُ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى خِطَابًا.

(قَوْلُهُ: فِي الْأَزَلِ) حَالٌ مِنْ الْكَلَامِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُعْتَبَرًا فِي الْأَزَلِ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ مَوْجُودٌ أَزَلًا وَأَبَدًا أَيْ هَلْ يُطْلَقُ لَفْظُ الْخِطَابِ حَقِيقَةً فِيمَا لَا يَزَالُ عَلَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ مَعَ اعْتِبَارِ وَمُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ فِي الْأَزَلِ أَيْ قَبْلَ وُجُودِ مَنْ يُخَاطَبُ وَلَا يَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِيُسَمَّى؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ حَادِثَةٌ وَقَوْلُ سم يُتَصَوَّرُ وُقُوعَ التَّسْمِيَةِ أَزَلًا عَلَى الْقَوْلِ بِقِدَمِ الْأَلْفَاظِ، وَهْمٌ فَإِنَّ الْمَقُولَ بِقِدَمِهِ أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ لَا هَذِهِ التَّسْمِيَةُ وَهُوَ لَفْظُ خِطَابٍ؛ لِأَنَّهَا اصْطِلَاحِيَّةٌ كَبَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ، ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ خَالَفَ عَادَتَهُ وَحَكَى الْقَوْلَ الضَّعِيفَ وَطَوَى الصَّحِيحَ وَلَعَلَّ سِرَّهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَوِيٌّ أَيْضًا إذْ قَدْ رَجَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْآمِدِيُّ.

(قَوْلُهُ: حَقِيقَةً) مُتَعَلِّقٌ بِيُسَمَّى وَهُوَ تَحْرِيرٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ وَأَنَّهُ فِي الْإِطْلَاقِ حَقِيقَةٌ لَا فِي مُطْلَقِ الْإِطْلَاقِ الشَّامِلِ لِلْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ الْمَجَازِيَّةَ اعْتِبَارُ مَا تُؤَوَّلُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ) الْإِشَارَةُ لِلْأَزَلِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ إذْ ذَاكَ مَوْجُودٌ؛ لِأَنَّ إذْ إنَّمَا تُضَافُ لِلْجُمَلِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُودِ التَّحَقُّقُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَوْجُودٌ فَلَا خِطَابَ لِعَدَمِ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِسْمَاعِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى وُجُودِ.

(قَوْلُهُ: كَالْقُرْآنِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ بَقِيَّةَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ وَلَوْ غَيْرَ قُدْسِيَّةٍ فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا لَفْظٍ) كَوْنُ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ مِمَّا يُسْمَعُ هُوَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ كَمَا عُقِلَ رُؤْيَةَ مَا لَيْسَ بِلَوْنٍ وَلَا جِسْمٍ فَلْيُعْقِلْ سَمَاعُ مَا لَيْسَ بِصَوْتٍ، وَاسْتَحَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ سَمَاعَ مَا لَيْسَ بِصَوْتٍ فَعِنْدَهُ سَمِعَ سَيِّدُنَا مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَوْتًا دَالًّا عَلَى كَلَامِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>