وَقَدَّمَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُتَعَلِّقَتَيْنِ بِالْمَدْلُولِ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى النَّظَرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدَّلِيلِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ لِاسْتِتْبَاعِهِ مَا يَطُولُ.
(وَالنَّظَرُ الْفِكْرُ)
ــ
[حاشية العطار]
هُوَ الْفِعْلُ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَالْفِعْلُ الْمُضَافُ لِضَمِيرِهِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ فَلَا إشْكَالَ فِي إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى ضَمِيرِ الْفِعْلِ بِأَنَّ فِيهِ إضَافَةَ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةَ تَسْمِيَةِ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ خِطَابًا وَمَسْأَلَةَ تَنَوُّعِهِ وَفِي الْحَقِيقَةِ هُمَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا سَمِعْت وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُمَا مُتَعَلِّقَانِ بِالْمَدْلُولِ فَذِكْرُهُمَا بَعْدَ الدَّلِيلِ وَإِنْ كَانَ مُنَاسِبًا؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ أَصْلٌ إلَّا أَنَّ النَّظَرَ مُتَعَلِّقٌ بِالدَّلِيلِ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ مَبَاحِثِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُمَا عَنْ مَبَاحِثِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ تَأْخِيرُ الْمَدْلُولِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عَنْ الدَّلِيلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: الْمُتَعَلِّقَتَيْنِ بِالْمَدْلُولِ) إشَارَةٌ إلَى وَجْهِ مُنَاسَبَةِ ذِكْرِهِمَا هُنَا وَكَانَ مُقْتَضَى ذَلِكَ تَقْدِيمَهَا عَلَى الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَدْلُولَ وَهُوَ الْحُكْمُ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنَّ تَقْدِيمَهُمَا بِمُقْتَضَى تَوْجِيهِ الْمَذْكُورِ عَلَى الدَّلِيلِ هُوَ الْأَصْلُ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُوَجِّهَ تَأْخِيرَهُمَا عَنْ الدَّلِيلِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَدْلُولَ هُوَ الْمَطْلُوبُ الْخَبَرِيُّ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ أَوْ غَيْرَهُ وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ إنَّمَا تَعَلَّقَتَا بِهِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَهُوَ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْمَدْلُولِ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ وَلَهُ اعْتِبَارَاتٌ عَدِيدَةٌ وَأَبْحَاثٌ كَثِيرَةٌ وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ إنَّمَا تَعَلَّقَتَا بِهِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ مَبَاحِثِهِ وَهُوَ الْخِطَابُ وَالتَّنَوُّعُ لَا بِاعْتِبَارِ كُلِّهَا وَفِي الْحَقِيقَةِ هَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: لِاسْتِتْبَاعِهِ مَا يَطُولُ) أَيْ لِاسْتِتْبَاعِ النَّظَرِ مَا يَطُولُ مِنْ تَقْسِيمِ الْإِدْرَاكِ إلَى تَصَوُّرٍ وَتَصْدِيقٍ ثُمَّ التَّصْدِيقِ إلَى عِلْمٍ وَظَنٍّ وَاعْتِقَادٍ وَوَهْمٍ وَشَكٍّ وَالْكَلَامُ فِي تَعْرِيفِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَالسَّهْوِ
(قَوْلُهُ: وَالنَّظَرُ الْفِكْرُ) قِيلَ إنَّهُ مُرَادِفٌ لَهُ وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ فِي حَوَاشِي الدَّوَانِيِّ عَلَى التَّهْذِيبِ وَرُبَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْفِكْرَ مَجْمُوعُ الْحَرَكَتَيْنِ أَيْ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute