بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَمِنْهَا تَصَوُّرُ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ وَمُلْتَذٌّ أَوْ مُتَأَلِّمٌ
ــ
[حاشية العطار]
وَهُوَ الْمَطْلُوبُ اهـ.
وَالشَّارِحُ قَرَّرَ الدَّلِيلَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْتِدْلَالًا عَلَى بَدَاهَةِ الْعِلْمِ التَّصْدِيقِيِّ لِقَصْرِ الْمُصَنِّفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ) أَيْ وَهِيَ إدْرَاكُ النِّسْبَةِ وَطَرَفَيْهَا مَعَ الْحُكْمِ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ، وَإِذَا رُكِّبَتْ الْقَضِيَّةُ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ قُلْت: عِلْمِي بِأَنِّي مَوْجُودٌ أَوْ مُلْتَذٌّ أَوْ مُتَأَلِّمٌ مَعْلُومٌ لِي بِالضَّرُورَةِ، فَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَيْ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ إلَخْ عِلْمٌ تَصْدِيقِيٌّ خَاصٌّ مُتَعَلِّقٌ بِمَعْلُومٍ خَاصٍّ هُوَ وُجُودُهُ أَوْ الْتِذَاذُهُ أَوْ تَأَلُّمُهُ، قَالَهُ زَكَرِيَّا وَمِثْلُهُ فِي الْكَمَالِ وَالنَّجَّارِيِّ وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ شَرْحَيْ الْمَوَاقِفِ وَالْمَقَاصِدِ لَكِنَّهُ لَا يُلَائِمُ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ وَاَلَّذِي يُلَائِمُهُ أَنْ تَقُولَ: قَوْلُنَا مَثَلًا: أَنَا عَالِمٌ بِأَنِّي مَوْجُودٌ أَوْ مُتَأَلِّمٌ أَوْ مُلْتَذٌّ قَضِيَّةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَوْضُوعٍ وَمَحْمُولٍ وَنِسْبَةٍ، وَمَجْمُوعُ التَّصَوُّرَاتِ الثَّلَاثَةِ وَالْحُكْمِ وَالْأَرْبَعَةِ ضَرُورِيَّةٌ وَمِنْ جُمْلَتِنَا تَصَوُّرُ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ إلَخْ فَيَكُونُ ضَرُورِيًّا، وَهُوَ أَعْنِي الْعِلْمَ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ إلَخْ عِلْمٌ تَصْدِيقِيٌّ مُتَعَلِّقٌ بِقَضِيَّةٍ هِيَ أَنَا مَوْجُودٌ خَاصٌّ لِتَعَلُّقِهِ بِمَعْلُومٍ خَاصٍّ وَهُوَ كَوْنُهُ مَوْجُودًا جُزْئِيٌّ لِمُطْلَقِ الْعِلْمِ التَّصْدِيقِيِّ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ تَصَوُّرُ الْعِلْمِ التَّصْدِيقِيِّ لِتَضَمُّنِ الْجُزْئِيِّ لِكُلِّيَّةٍ، فَمَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ ضَرُورَةِ تَصَوُّرِهِ يَثْبُتُ لِكُلِّيَّةٍ فَثَبَتَ الْمَطْلُوبُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: لِأَنَّ عِلْمَ كُلِّ أَحَدٍ إلَخْ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي وَقَعَ مَحْمُولًا فِي أَنَا عَالِمٌ، وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ عَالِمٌ مَصْدُوقُهُ التَّصْدِيقُ الْمُشْتَمِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إنِّي مَوْجُودٌ، فَالْعِلْمُ الْأَوَّلُ تَصَوُّرٌ وَالثَّانِي تَصْدِيقٌ.
وَقَدْ أَفْصَحَ عَنْ ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَيَكُونُ الضَّرُورِيُّ تَصَوُّرَ مُطْلَقِ الْعِلْمِ التَّصْدِيقِيِّ، وَلَا مَانِعَ مِنْ تَعَلُّقِ التَّصَوُّرِ بِالتَّصْدِيقِ، فَإِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ التَّصَوُّرَاتِ لَا حَجْرَ فِيهَا فَتَتَعَلَّقُ بِكُلِّ شَيْءٍ، ثُمَّ إنَّ الشَّارِحَ سَلَكَ فِي الِاسْتِدْلَالِ طَرِيقَةَ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ التَّصْدِيقَ مُرَكَّبٌ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ تَقْرِيرِ دَلِيلِهِ وَالتَّصْدِيقُ عِنْدَهُ هُوَ الْإِدْرَاكَاتُ الْأَرْبَعَةُ أَوْ الثَّلَاثَةُ وَالْحُكْمُ، وَلَا يَكُونُ بَدِيهِيًّا إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ أَجْزَائِهِ بَدِيهِيًّا وَلِذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِبَدَاهَةِ التَّصْدِيقَاتِ عَلَى بَدَاهَةِ التَّصَوُّرَاتِ.
وَأَمَّا عِنْدَ الْحُكَمَاءِ فَمَنَاطُ الْبَدَاهَةِ وَالْكَسْبِ هُوَ نَفْسُ الْحُكْمِ فَقَطْ، وَتَقْرِيرُ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ تَامٌّ أَيْضًا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ: إنَّ هَذَا التَّصْدِيقَ بَدِيهِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرٍ وَكَسْبٍ أَصْلًا لَا فِي الْحُكْمِ وَلَا فِي طَرَفَيْهِ سَوَاءٌ جُعِلَ تَصَوُّرُ الطَّرَفَيْنِ شَطْرًا أَوْ شَرْطًا وَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute