بِالْحَقِيقَةِ، وَهُوَ عِلْمٌ تَصْدِيقِيٌّ خَاصٌّ فَيَكُونُ تَصَوُّرُ مُطْلَقِ الْعِلْمِ التَّصْدِيقِيِّ بِالْحَقِيقَةِ ضَرُورِيًّا، وَهُوَ الْمُدَّعِي.
وَأُجِيبَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَجْزَاءِ ذَلِكَ تَصَوُّرُ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ بِالْحَقِيقَةِ بَلْ يَكْفِي تَصَوُّرُهُ بِوَجْهٍ، فَيَكُونُ الضَّرُورِيُّ تَصَوُّرَ مُطْلَقِ الْعِلْمِ التَّصْدِيقِيِّ بِالْوَجْهِ لَا بِالْحَقِيقَةِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ.
(ثُمَّ قَالَ) فِي الْمَحْصُولِ أَيْضًا (هُوَ) أَيْ الْعِلْمُ (وَحُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمُ الْمُطَابِقُ لِمُوجِبٍ) وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ فَحَدُّهُ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّهُ ضَرُورِيٌّ لَكِنْ بَعْدَ حَدِّهِ فَ، ثُمَّ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ لَا الْمَعْنَوِيِّ.
(وَقِيلَ هُوَ ضَرُورِيٌّ فَلَا يُحَدُّ)
ــ
[حاشية العطار]
لِحُصُولِهِ لَهُ لِمَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ النَّظَرُ كَالْبُلْهِ وَالصِّبْيَانِ هَذَا هُوَ تَحْرِيرُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَلَى وَجْهٍ خَالٍ مِنْ شَوَائِبِ الْأَوْهَامِ.
(قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ إلَخْ) وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْبَدِيهِيَّ لِكُلِّ أَحَدٍ لَيْسَ تَصَوُّرَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ بَلْ حُصُولَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَهُوَ لَا يَسْتَدْعِي تَصَوُّرَ الْعِلْمِ بِهِ فَضْلًا عَنْ بَدَاهَتِهِ، كَمَا أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ نَفْسًا وَلَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهَا وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْعِلْمِ إلَّا وُصُولُ النَّفْسِ إلَى الْمَعْنَى وَحُصُولُهُ فِيهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِلْمَ مِنْ الْمَعَانِي النَّفْسِيَّةِ فَحُصُولُهُ فِي النَّفْسِ عِلْمٌ بِهِ وَتَصَوُّرٌ لَهُ، فَإِذَا كَانَ حُصُولُ الْعِلْمِ بِوُجُودِهِ بَدِيهِيًّا كَانَ تَصَوُّرُ الْعِلْمِ بِهِ بَدِيهِيًّا، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ تَصَوُّرُ مُطْلَقِ الْعِلْمِ بَدِيهِيًّا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ حُصُولَ الْمَعَانِي النَّفْسِيَّةِ فِي النَّفْسِ قَدْ يَكُونُ بِأَعْيَانِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْوُجُودِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ الِاتِّصَافُ بِتِلْكَ الْمَعَانِي لَا التَّصَوُّرُ لَهَا.
وَقَدْ يَكُونُ بِصُوَرِهَا وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِالْوُجُودِ الطَّلِيِّ وَذَلِكَ تَصَوُّرٌ لَهَا لَا اتِّصَافٌ، يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ يَتَّصِفُ بِالْكُفْرِ لِحُصُولِ الْإِنْكَارِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَوَّرْهُ وَيَتَصَوَّرْ الْإِيمَانَ بِحُصُولِ مَفْهُومِهِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ اتِّصَافٍ بِهِ، فَحُصُولُ عَيْنِ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ لَا يَكُونُ اتِّصَافًا بِالْعِلْمِ بِهِ بَلْ رُبَّمَا يَسْتَلْزِمُهُ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ فِي الْمَحْصُولِ) حِكَايَةً لِكَلَامِ الْإِمَامِ بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ فِيهَا، وَقَدْ نَصَّ الرَّضِيُّ عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي لَفْظِ الْمَحْكِيِّ عَنْهُ وَإِلَّا فَهَذِهِ لَيْسَتْ عِبَارَةَ الْمَحْصُولِ بَلْ تُؤْخَذُ مِنْ تَقْسِيمٍ ذَكَرَهُ، وَخَرَجَ بِحُكْمِ الذِّهْنِ الشَّكُّ وَالْوَهْمُ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ فِيهِمَا إذْ هُمَا تَصَوُّرَانِ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِالْجَازِمِ الظَّنُّ وَبِالْمُطَابِقِ الِاعْتِقَادُ التَّقْلِيدِيُّ الْغَيْرُ الْمُطَابِقُ وَبِقَوْلِهِ لِمُوجِبِ التَّقْلِيدِ الْمُطَابِقِ.
(قَوْلُهُ: فَحَدُّهُ مَعَ قَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهِ إلَى بَيَانِ مَقْصُودِ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ ضَرُورِيٌّ، ثُمَّ قَالَ إلَخْ وَهُوَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْإِمَامِ بِتَنَافِي كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى حَدِّهِ أَنْ لَا يَكُونَ ضَرُورِيًّا، وَقَدْ قَالَ: إنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْ الْإِمَامِ بِقَوْلِهِ وَصَنِيعُ الْإِمَامِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ حَدِّهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَاَلَّذِي وَقَعَ مِنْ الْإِمَامِ التَّحْدِيدُ أَوَّلًا، ثُمَّ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ خِلَافُ مَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ