للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ لَا فَائِدَةَ فِي حَدِّ الضَّرُورِيِّ لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ وَصَنِيعُ الْإِمَامِ لَا يُخَالِفُ هَذَا، وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ حَدَّهُ أَوَّلًا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ نَظَرِيٌّ مَعَ سَلَامَةِ حَدِّهِ عَمَّا وَرَدَ عَلَى حُدُودِهِمْ الْكَثِيرَةِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ ضَرُورِيٌّ اخْتِيَارًا، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمُحَصَّلِ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْعِلْمِ عِنْدِي أَنَّ تَصَوُّرَهُ بَدِيهِيٌّ أَيْ ضَرُورِيٌّ، نَعَمْ قَدْ يُحَدُّ الضَّرُورِيُّ لِإِفَادَةِ الْعِبَارَةِ عَنْهُ.

(وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ) هُوَ نَظَرِيٌّ (عُسْرٌ) أَيْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِنَظَرٍ دَقِيقٍ لِخَفَائِهِ (فَالرَّأْيُ) بِسَبَبِ عُسْرِهِ مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ بِحَقِيقَتِهِ (الْإِمْسَاكُ عَنْ تَعْرِيفِهِ) الْمَسْبُوقِ بِذَلِكَ التَّصَوُّرِ الْعُسْرُ صَوْنًا لِلنَّفْسِ عَنْ مَشَقَّةِ الْخَوْضِ فِي الْعُسْرِ، قَالَ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ تَابِعًا لَهُ وَيُمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ الْمُلْتَبِسِ بِهِ مِنْ أَقْسَامِ الِاعْتِقَادِ بِأَنَّهُ اعْتِقَادٌ جَازِمٌ مُطَابِقٌ

ــ

[حاشية العطار]

مِنْ الْعَكْسِ فَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ) الْمَنْفِيُّ الْفَائِدَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلتَّحْدِيدِ، وَهِيَ تَصَوُّرُ الْحَقِيقَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ وَقَوْلُهُ: الْآتِي نَعَمْ قَدْ يُحَدُّ الضَّرُورِيُّ إلَخْ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَصَنِيعُ الْإِمَامِ) أَيْ فِي الْمَحْصُولِ لَا يُخَالِفُ هَذَا أَيْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لَا يُحَدُّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ صَنِيعُ الْإِمَامِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ صَنِيعُ الْإِمَامِ " مُلَابِسًا بِخِلَافِ الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لَا يُحَدُّ حَيْثُ قَابَلَ صَنِيعَ الْإِمَامِ بِهَذَا الْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ: اخْتِيَارًا) أَيْ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْعِلْمِ) أَنَّ فِيمَا يُحَدُّ بِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي حَدِّهِ وَعَدَمِهِ.

(قَوْلُهُ: لِإِفَادَةِ الْعِبَارَةِ عَنْهُ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ الثَّانِي وَفَاعِلُهُ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفَانِ أَيْ لِإِفَادَةِ الْحَدِّ الشَّخْصُ الَّذِي يَعْرِفُ الشَّيْءَ بِحَقِيقَتِهِ وَلَا يُحْسِنُ التَّعْبِيرَ عَنْهُ تَفْصِيلًا الْعِبَارَةُ عَنْهُ، فَإِنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَعْلَمُ حَقِيقَةَ الضَّرُورِيِّ وَيَعْجِزُ عَنْ التَّعْبِيرِ عَمَّا فِي نَفْسِهِ؛ فَحَدُّهُ لَا يُنَافِي بَدَاهَتَهُ فَهَذَا مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ سَابِقًا لَا فَائِدَةَ فِي حَدِّ الضَّرُورِيِّ.

(قَوْلُهُ: عُسْرٌ) أَيْ جِدًّا فَلَا يَرُدَّانِ جَمِيعَ الْحُدُودِ عُسْرَةً؛ لِأَنَّهَا كَشْفٌ عَنْ ذَاتِيَّاتِ الشَّيْءِ وَامْتِيَازُ الذَّاتِيِّ عَنْ الْعَرْضِيِّ عُسْرٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ سَابِقًا.

(قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقُ بِذَلِكَ) أَيْ الْمَسْبُوقُ مِنْ الشَّخْصِ الْمُعَرِّفِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ التَّصَوُّرُ سَابِقًا عَلَى التَّعْرِيفِ مَعَ أَنَّ التَّعْرِيفَ يُؤَدِّي إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالرَّأْيُ) قِيلَ: إنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ قَالَ كَمَا أَفْصَحَ إلَخْ يَقْضِي بِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ.

(قَوْلُهُ: تَابِعًا لَهُ) أَيْ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ تِلْمِيذُهُ، وَمَقُولُ الْقَوْلِ وَيُمَيِّزُ إلَخْ أَيْ يُمَيِّزُ تَمْيِيزًا رَسْمِيًّا، وَقَوْلُهُ: مِنْ أَقْسَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>