للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِلَّا لَكَانَ مُمْتَنِعَ التَّرْكِ) وَقَدْ فُرِضَ جَائِزُهُ.

(وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ

ــ

[حاشية العطار]

انْعِقَادِهَا وَلِذَلِكَ ارْتَبَكَ فِي تَقْرِيرِ الْإِمْكَانِ وَخَبَطَ خَبْطَ عَشْوَاءَ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَكَانَ إلَخْ) دَلِيلٌ اسْتِثْنَائِيٌّ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزَ التَّرْكِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِأَنْ كَانَ وَاجِبًا كَانَ مُمْتَنِعَ التَّرْكِ، لَكِنَّ التَّالِيَ بَاطِلٌ أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَظَاهِرَةٌ.

وَأَمَّا بَيَانُ بُطْلَانِ التَّالِي فَقَدْ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ فَرَضَ إلَخْ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى تَقْدِيرِ تَحَقُّقِ الِامْتِنَاعِ أَنْ لَا يَكُونَ جَائِزَ التَّرْكِ، وَالْغَرَضُ أَنَّهُ جَائِزُ التَّرْكِ فَيَجْتَمِعُ النَّقِيضَانِ وَهُوَ مُحَالٌ وَمَلْزُومُ الْمُحَالِ، وَهُوَ امْتِنَاعُ التَّرْكِ مُحَالٌ فَمَلْزُومُهُ وَهُوَ الْوُجُوبُ مُحَالٌ فَثَبَتَ نَقِيضُهُ أَعْنِي عَدَمَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْمُدَّعِي.

وَأُجِيبَ بِمَنْعِ التَّنَاقُضِ، فَإِنَّ الْمُنَافِيَ لِلْوُجُوبِ هُوَ جَوَازُ التَّرْكِ مُطْلَقًا لَا جَوَازُهُ وَقْتَ الْعُذْرِ فَقَطْ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ فَاللَّازِمُ كَوْنُهُ جَائِزَ التَّرْكِ وَقْتَ الْعُذْرِ وَغَيْرَ جَائِزِ التَّرْكِ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ، وَلَيْسَ هَذَا تَنَاقُضًا لِاخْتِلَافِ زَمَنَيْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ.

وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَجَوَازُ التَّرْكِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ وَجَعَلَهُ النَّاظِرُونَ هُنَا مِنْ قَبِيلِ قِيَاسِ الْحَلِفِ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا بَلْ هُوَ كَبَقِيَّةِ الْأَقْيِسَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّة الَّتِي يُسْتَدَلُّ فِيهَا بِبُطْلَانِ التَّالِي فَيَبْطُلُ نَقِيضُهُ فَيَثْبُتُ الْمُدَّعِي كَمَا قَرَّرْنَاهُ إذْ لَيْسَ كُلُّ قِيَاسٍ أُبْطِلَ فِيهِ الْمُقَدَّمُ لِيَثْبُتَ نَقِيضُهُ وَهُوَ الْمُدَّعِي قِيَاسَ الْخُلْفِ، قَالَ السَّعْدُ فِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ: وَلَمَّا كَانَ الْقِيَاسُ مُنْحَصِرًا فِي الِاقْتِرَانِيِّ وَالِاسْتِثْنَائِيّ وَجَبَ رَدُّ هَذَا الْقِيَاسِ يَعْنِي قِيَاسَ الْخُلْفِ وَتَحْلِيلُهُ إلَى ذَلِكَ، وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ اخْتِلَافٌ عَظِيمٌ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ الشَّيْخِ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ قِيَاسَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: اقْتِرَانِيٌّ مُرَكَّبٌ مِنْ مُتَّصِلَتَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ الْمُلَازَمَةِ بَيْنَ الْمَطْلُوبِ الْمَوْضُوعِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ وَنَقِيضُ الْمَطْلُوبِ وَهَذِهِ الْمُلَازَمَةُ بَيِّنَةٌ بِذَاتِهَا وَالْأُخْرَى مِنْ الْمُلَازَمَةِ بَيْنَ نَقِيضِ الْمَطْلُوبِ الْمَوْضُوعِ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ وَبَيْنَ أَمْرٍ مُحَالٍ، وَهَذِهِ الْمُلَازَمَةُ رُبَّمَا تَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ فَيَنْتِجُ مُتَّصِلَةٌ مِنْ الْمَطْلُوبِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ وَمِنْ الْأَمْرِ الْمُحَالِ.

وَثَانِيهِمَا: اسْتِثْنَائِيٌّ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُتَّصِلَةٍ لُزُومِيَّةٍ هِيَ نَتِيجَةُ ذَلِكَ الِاقْتِرَانِيِّ وَاسْتِثْنَاءُ نَقِيضِ التَّالِي لِيَنْتِجَ نَقِيضُ الْمُقَدَّمِ فَيَلْزَمُ تَحَقُّقُ الْمَطْلُوبِ، وَتَلْخِيصُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَطْلُوبُ يَتَحَقَّقُ نَقِيضُهُ لِتَحَقُّقِ الْمُحَالِ، لَكِنْ الْمُحَالُ لَيْسَ بِمُتَحَقِّقٍ فَنَقِيضُ الْمَطْلُوبِ لَيْسَ بِمُتَحَقِّقٍ فَالْمَطْلُوبُ مُتَحَقِّقٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ فُرِضَ إلَخْ) ضَمِيرُهُ الْمُسْتَتِرُ يَعُودُ لِلشَّيْءِ الْمُتَّصِفِ بِجَوَازِ التَّرْكِ مُجَرَّدًا عَنْ صِفَتِهِ وَإِلَّا صَارَ الْمَعْنَى، وَقَدْ فُرِضَ جَائِزُ التَّرْكِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إلَخْ) أَيْ خَالَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالُوا بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ تَرْكُهُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى سَلَفٍ لِلْمُصَنِّفِ فِي نَقْلِ ذَلِكَ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: إنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمَحْصُولَ مُنْتَقَدٌ، فَإِنَّ الَّذِي فِي الْمَحْصُولِ نَقَلَهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَا عَنْ أَكْثَرِهِمْ وَيُعَارِضُهُ فِي الْحَائِضِ نَقْلُ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ إلَّا وَجْهًا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَنَقَلَ مُقَابِلِهِ عَنْ الْجُمْهُورِ، فَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ الصَّوْمُ فِي الْحَالِ، ثُمَّ قَالَ الْجُمْهُورُ لَيْسَتْ مُخَاطَبَةً بِهِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَتُؤْمَرُ بِتَأْخِيرِهِ اهـ.

وَقَوْلُ الْبَيْضَاوِيِّ قَالَ الْفُقَهَاءُ: مُرَادُهُ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ كَمَا فِي الْمَحْصُولِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ نَعَمْ نَقَلَ ابْنُ بَرْهَانٍ الْوُجُوبَ عَلَى الْحَائِضِ عَنْ كَافَّةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ نَقْلِ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافُهُ وَبِمَا سَبَقَ مِنْ نَقْلِ النَّوَوِيِّ خِلَافُهُ عَنْ الْجُمْهُورِ قَالَهُ الْكَمَالُ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ فِي كِتَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>