للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَوَقِّفِ وُجُودُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى الشَّرْعِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ لَا إذْ هِيَ انْتِفَاءُ الْحَرَجِ عَنْ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، وَهُوَ ثَابِتٌ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ مُسْتَمِرٌّ بَعْدَهُ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْوُجُوبَ) لِشَيْءٍ (إذَا نُسِخَ) كَأَنْ قَالَ الشَّارِعُ نَسَخْتُ وُجُوبَهُ (بَقِيَ الْجَوَازُ) لَهُ الَّذِي كَانَ فِي ضِمْنِ وُجُوبِهِ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْفِعْلِ بِمَا يُقَوِّمُهُ مِنْ الْإِذْنِ فِي التَّرْكِ الَّذِي خَلَفَ الْمَنْعُ مِنْهُ إذْ لَا قِوَامَ لِلْجِنْسِ بِدُونِ فَصْلٍ وَلَا إرَادَةَ ذَلِكَ قَالَ (أَيْ عَدَمُ الْحَرَجِ) يَعْنِي فِي الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مِنْ الْإِبَاحَةِ أَوْ النَّدْبِ أَوْ الْكَرَاهَةِ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِخِلَافِ الْأَوْلَى إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِهِمَا (وَقِيلَ) الْجَوَازُ الْبَاقِي بِمُقَوِّمِهِ (الْإِبَاحَةَ) إذْ بِارْتِفَاعِ الْوُجُوبِ يَنْتَفِي الطَّلَبُ فَيَثْبُتُ التَّخْيِيرُ (وَقِيلَ) هُوَ (الِاسْتِحْبَابُ) إذْ الْمُتَحَقِّقُ بِارْتِفَاعِ الْوُجُوبِ انْتِفَاءُ الطَّلَبِ الْجَازِمِ فَيَثْبُتُ الطَّلَبُ غَيْرُ الْجَازِمِ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يَبْقَى الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ نَسْخَ الْوُجُوبِ يَجْعَلُهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ

ــ

[حاشية العطار]

يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى، فَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ: وَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ، عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِيَعُودَ إلَيْهَا أَيْضًا كَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: إذْ هِيَ انْتِفَاءٌ إلَخْ) فَإِنَّ انْتِفَاءَ الْحَرَجِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الشَّرْعِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالسُّكُوتِ بِخِلَافِ التَّخْيِيرِ وَلَوْ فَسَّرَ هَذَا الْبَعْضُ الْإِبَاحَةَ بِالتَّخْيِيرِ مَا صَحَّ لَهُ نَفْيُ أَنَّهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَلِذَلِكَ قِيلَ الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ هُنَا أَيْضًا وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ يَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرَجِ مَا يَشْمَلُ اللَّوْمَ وَأَوْرَدَ أَيْضًا أَنَّ الْإِبَاحَةَ فِعْلٌ وَانْتِفَاءَ الْحَرَجِ انْفِعَالٌ فَلَا يَصِحُّ التَّفْسِيرُ وَأَجَابَ سم بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ نَقْلِ الِاصْطِلَاحِ مَا هُوَ فِعْلٌ إلَى مَا هُوَ انْفِعَالٌ.

(قَوْلُهُ: إذْ نُسِخَ) أَيْ مَعَ عَدَمِ بَيَانِ مَا نُسِخَ إلَيْهِ، فَإِنْ بَيَّنَ اُتُّبِعَ.

(قَوْلُهُ: بِمَا) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى فَصْلٍ.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا قِوَامَ) ، أَيْ: تَحَقُّقَ ضَرُورَةِ انْتِفَاءِ الْمَعْلُولِ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ عِلَّةٌ لِوُجُودِ حِصَّةِ النَّوْعِ مِنْ الْجِنْسِ فَيَسْتَحِيلُ وُجُودُ الْجِنْسِ مُجَرَّدًا عَنْ الْفَصْلِ.

وَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَطَالِعِ كَوْنُ الْفَصْلِ عِلَّةً لِحِصَّةِ النَّوْعِ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ إنَّمَا يَتَخَصَّصُ بِمُقَارَنَةِ الْفَصْلِ، فَمَا لَمْ يُعْتَبَرْ الْفَصْلُ لَا يَصِيرُ حِصَّةً.

(قَوْلُهُ: لِلْجِنْسِ) وَهُوَ الْإِذْنُ فِي الْفِعْلِ، فَإِنَّهُ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْكَرَاهَةِ.

(قَوْلُهُ: عَدَمُ الْحَرَجِ) أَيْ عَدَمُ الْإِثْمِ فَلَا يَرِدُ بَحْثُ النَّاصِرِ بِأَنَّ عَدَمَ الْحَرَجِ يُخْرِجُ الْمَكْرُوهَ فَلَا يَصِحُّ شُمُولُ الْجَوَازِ لَهُ وَحَاصِلُ رَدِّهِ أَنَّ الْجَوَازَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ عَدَمُ الْإِثْمِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْجَوَازُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ عَدَمُ الْحَرَجِ فَالْخِلَافُ فِي التَّفْسِيرِ وَلَيْسَ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ بَقِيَ الْجَوَازُ وَيَأْتِي مُقَابِلُهُ فِي قَوْلِهِ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ (قَوْلُهُ: يَنْتَفِي الطَّلَبُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّفْيَ يَنْصَبُّ عَلَى الْقَيْدِ وَالْمُقَيَّدِ مَعًا، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْغَالِبِ مِنْ انْصِبَابِهِ عَلَى الْقَيْدِ.

(قَوْلُهُ: فَيَثْبُتُ التَّخْيِيرُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ انْصِبَابُ النَّفْيِ عَلَى الْقَيْدِ.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ كَأَنْ لَمْ يُوجَدْ وُجُوبٌ.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>