بَيْنَهَا فِي ضِمْنٍ أَيْ مُعَيَّنٍ لَهَا
ــ
[حاشية العطار]
شَامِلٌ لِلْمُتَوَاطِئِ وَالْمُشَكِّكِ كَذَا قَالُوا أَوْ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ دَائِمًا مِنْ قَبِيلِ الْمُشَكِّكِ، وَأَمَّا تَمْثِيلُ الْمُتَوَاطِئِ بِقَوْلِهِ أَعْتِقْ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ ذَلِكَ الْعَبْدَ فَهُوَ أَمْرٌ فَرْضِيٌّ كَمَا قَدَّمْنَا وَإِلَّا فَمَوَارِدُ النُّصُوصِ كُلِّهَا مِنْ قَبِيلِ الْمُشَكِّكِ وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ أَشْيَاءَ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهَا ضَرُورَةً بَلْ كُلٌّ مِنْهَا وَاحِدٌ مِنْهُ اهـ.
وَهُوَ إشْكَالٌ يَرِدُ عَلَى ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ وَالشَّارِحُ صَرَفَهَا عَنْ الظَّاهِرِ مِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ هَذَا الْإِشْكَالُ وَإِشْكَالٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْوَاحِدَ بِمَا هُوَ وَاحِدٌ إنَّمَا يُوجَدُ فِي الذِّهْنِ لَا فِي الْخَارِجِ فَلَا يُطْلَبُ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ هُوَ الْوَاحِدُ الْوُجُودِيُّ الْجُزْئِيُّ بِاعْتِبَارِ مُطَابَقَتِهِ لِلْحَقِيقَةِ الذِّهْنِيَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ جُزْئِيَّتِهِ، وَرَدَّهُ الْعَلَّامَةُ الشِّيرَازِيُّ بِأَنَّهُ يُنَافِي كَوْنَ الْوَاجِبِ هُوَ الْمُشْتَرَكُ بَلْ الْجَوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ طَلَبُهُ فِي ضِمْنِ الْأَفْرَادِ وَالْمُسْتَحِيلُ طَلَبُهُ دُونَهَا.
وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي ضِمْنٍ أَيْ مُعَيَّنٍ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَفْهُومَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا ضَرُورَةَ تَحَقُّقِهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا فَهُوَ أَمْرٌ كُلِّيٌّ صَادِقٌ عَلَى جُزْئِيَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَحَصَّلُ إلَّا فِي ضِمْنِهَا فَإِذَا تَعَلَّقَ بِهِ الْوُجُوبُ وَالتَّخْيِيرُ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ جَوَازُ التَّرْكِ وَعَدَمُهُ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: أَوْجَبْت عَلَيْك أَحَدَهُمَا وَأَجَزْت لَك تَرْكَ أَحَدِهَا، وَهَذَا لَيْسَ الْإِيجَابُ وَالتَّخْيِيرُ بِالْقِيَاسِ إلَى هَذَا الْكُلِّيِّ فِي نَفْسِهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ أَيُّهَا فَعَلْت جَازَ لَك تَرْكُ الْبَاقِي فَلَيْسَ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ مِنْ تِلْكَ الْأَفْرَادِ مَوْصُوفًا بِجَوَازِ التَّرْكِ عَلَى التَّعْيِينِ أَوْ بِالْوُجُوبِ عَلَى التَّعْيِينِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَصْلُحُ عَلَى الْبَدَلِ بِهَذَا تَارَةً وَبِذَلِكَ أُخْرَى، وَلَيْسَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ وَاجِبٍ وَغَيْرِ وَاجِبٍ بِهَذَا الْمَعْنَى مُمْتَنِعًا إنَّمَا الْمُمْتَنِعُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ وَاجِبٍ قَدْ اتَّصَفَ بِالْوُجُوبِ عَلَى التَّعْيِينِ كَالصَّلَاةِ وَأَكْلِ الْخُبْزِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَفْهُومَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ فِي نَفْسِهِ مُعَيَّنٌ وَالْإِبْهَامُ إنَّمَا هُوَ مِنْ خُصُوصِيَّةِ مَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ فَلَا يَرِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute