للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ الْمَأْمُورُ بِهِ (وَقِيلَ) يُوجِبُ (الْكُلَّ) فَيُثَابُ بِفِعْلِهَا ثَوَابَ فِعْلِ وَاجِبَاتٍ وَيُعَاقَبُ بِتَرْكِهَا عِقَابَ تَرْكِ وَاجِبَاتٍ (وَيَسْقُطُ) الْكُلُّ الْوَاجِبُ (بِوَاحِدٍ) مِنْهَا حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ تَعَلَّقَ بِكُلٍّ مِنْهَا بِخُصُوصِهِ عَلَى وَجْهِ الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا قُلْنَا: إنْ سَلِمَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْكُلِّ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ (وَقِيلَ الْوَاجِبُ)

ــ

[حاشية العطار]

الْإِشْكَالُ بِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ مَجْهُولٌ لَا يُكَلَّفُ بِهِ وَبِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ، فَإِنَّ كُلَّ مَا يَقَعُ فَهُوَ مُعَيَّنٌ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمَأْمُورُ بِهِ) ضَمِيرُهُ يَعُودُ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِهِ فِي ضِمْنٍ مِنْهَا، وَفِي صِيغَةِ الْحَصْرِ إشَارَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ هُوَ الْوَاحِدُ الْوُجُودِيُّ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: فَيُثَابُ بِفِعْلِهَا ثَوَابَ فِعْلِ وَاجِبَاتٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَمَا قَبْلَهُ مَعْنَوِيٌّ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ كَالْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلَى أَنَّهُ لَفْظِيٌّ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ نَقَلَ أَصْحَابُ الْمَقَالَاتِ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّهُ قَالَ: الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا، وَإِنْ صَحَّ هَذَا النَّقْلُ فَلَيْسَ آيِلًا فِي التَّحْقِيقِ إلَى خِلَافٍ مَعْنَوِيٍّ وَقُصَارَاهُ نِسْبَةُ الْخَصْمِ إلَى الْحَيْفِ فِي الْعِبَارَةِ، فَإِنَّ أَبَا هَاشِمٍ اعْتَرَفَ بِأَنَّ تَارِكَ الْخِلَالِ لَا يَأْثَمُ إثْمَ مَنْ تَرَكَ وَاجِبَاتٍ وَمَنْ أَتَى بِهَا جَمِيعًا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ ثَوَابُ وَاجِبَاتٍ وَيَقَعُ الِامْتِثَالُ بِوَاحِدَةٍ فَلَا يَبْقَى مَعَ هَذَا لِوَصْفِ الْخِلَالِ بِالْوُجُوبِ تَحْصِيلٌ وَتَأْوِيلُ هَذَا اللَّفْظِ عِنْدَ الْهَاشِمِيَّةِ أَنَّ مَا مِنْ خَصْلَةٍ مِنْ الْخِصَالِ الَّتِي وَقَعَ التَّخْيِيرُ فِيهَا إلَّا وَهِيَ لَوْ فُرِضَتْ وَاقِعَةً لَكَانَتْ وَاجِبَةً اهـ.

كَمَا تَرَى رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، وَكَانَ مَنْ جَعَلَ الْخِلَافَ مَعْنَوِيًّا نَظَرَ لِظَاهِرِ مَقَالَتِهِمْ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ أَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ عَلَى الْكُلِّ، وَقَدْ نَقَلَ الْآمِدِيُّ أَيْضًا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ وَلَا عِقَابَ إلَّا عَلَى الْبَعْضِ.

(قَوْلُهُ: وَيُعَاقَبُ بِتَرْكِهَا) لَمْ يُقْبَلْ هُنَا إنْ عُوقِبَ كَمَا قَالَهُ فِيمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ تَقْرِيرِ مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِتَخَلُّفِ الْعِقَابِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَمْرَ تَعَلَّقَ بِكُلٍّ مِنْهَا) دَلِيلٌ لِدُخُولِ الْكُلِّ وَالسُّقُوطِ بِوَاحِدٍ وَاعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّهُ يُخَالِفُ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْأَمْرَ بِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ قُلْنَا: إنْ سَلِمَ إلَخْ، فَإِنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ تَعَلَّقَ بِكُلِّ وَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ فَهُوَ مَنْعٌ لَهُ وَمَنْعُهُ يُشِيرُ إلَى مُخَالَفَتِهِ لِغَرَضِ الْمَسْأَلَةِ اهـ.

عَلَى أَنَّك قَدْ سَمِعْت أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي التَّحْقِيقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُلْفَ لَفْظِيٌّ.

(قَوْلُهُ: إنْ سَلِمَ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّ الْأَمْرَ تَعَلَّقَ بِكُلٍّ مِنْهَا بِخُصُوصِهِ وَفِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى مَنْعِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ تَنْزِيلًا لَا يَسْتَلْزِمُ الْمَطْلُوبَ وَهُوَ وُجُوبُ الْكُلِّ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يُثَابُ بِفِعْلِهَا ثَوَابَ فِعْلِ وَاجِبَاتٍ وَيُعَاقَبُ بِتَرْكِهَا عِقَابَ تَرْكِ وَاجِبَاتٍ.

(قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْكُلِّ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وُجُوبُهَا بَدَلِيًّا.

(قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُثَابُ بِفِعْلِهَا ثَوَابَ فِعْلِ وَاجِبَاتٍ وَيُعَاقَبُ بِتَرْكِهَا عِقَابَ تَرْكِ وَاجِبَاتٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>