للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِأَنْ يَفْعَلَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنْ اُخْتُلِفَ بِاخْتِلَافِ اخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِينَ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ بِأَيٍّ مِنْهَا يَفْعَلُ قُلْنَا الْخُرُوجُ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ لِكَوْنِهِ أَحَدَهَا لَا لِخُصُوصِهِ لِلْقَطْعِ بِاسْتِوَاءِ الْمُكَلَّفِينَ فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ وَالْأَقْوَالُ غَيْرُ الْأَوَّلِ لِلْمُعْتَزِلَةِ وَهِيَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى نَفْيِ إيجَابِ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ كَنَفَيْهِمْ تَحْرِيمَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِمَا قَالُوا مِنْ أَنَّ تَحْرِيمَ الشَّيْءِ أَوْ إيجَابَهُ لِمَا فِي فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي يُدْرِكُهَا الْعَقْلُ وَإِنَّمَا يُدْرِكُهَا فِي الْمُعَيَّنِ، وَتُعْرَفُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ بِالْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ لِتَخْيِيرِ الْمُكَلَّفِ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ بِأَيٍّ مِنْ الْأَشْيَاءِ يَفْعَلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ وَاجِبًا عِنْدَنَا.

(فَإِنْ فَعَلَ) الْمُكَلَّفُ

ــ

[حاشية العطار]

يُفِيدُهُ كَلَامُ الْعَضُدِ لَكِنَّ الشَّارِحَ فَسَّرَ الضَّمِيرَ بِذَلِكَ لِمُوَافَقَةِ نَظِيرِهِ قَبْلَهُ فَظَاهِرُ صَنِيعِهِ وَالْمُصَنِّفُ كَكَثِيرٍ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَفَارِيعِهِ وَدَعْوَى دَلَالَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ أَنَّ الْأَقْوَالَ غَيْرُ الْأَوَّلِ مُتَّفِقَةٌ إلَخْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْوَاجِبُ الْمُعَيَّنُ عِنْدَ اللَّهِ مَا يَخْتَارُهُ الْمُكَلَّفُ فَيَكُونُ مِنْ تَفَارِيعِهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ نَازَعَ فِيهَا سم.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهَا) بَيَانٌ لِمَا يَخْتَارُهُ الْمُكَلَّفُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ) تَفْسِيرٌ لِاخْتِيَارِ بَعْضِهَا لِلْفِعْلِ فَبِفِعْلِهِ يَظْهَرُ وُجُوبُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اُخْتُلِفَ إلَخْ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ: مَا يَخْتَارُهُ الْمُكَلَّفُ، أَيْ وَإِنْ لَزِمَ اخْتِلَافُ الْوَاجِبِ بِاخْتِلَافِ اخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِينَ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لِلِاتِّفَاقِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ مَا يَخْتَارُهُ الْمُكَلَّفُ.

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ أَحَدَهَا) أَيْ لَا لِكَوْنِهِ صَارَ وَاجِبًا بِاخْتِيَارِهِ، وَهَذَا إبْطَالٌ لِدَعْوَى الْخَصْمِ وَقَوْلُهُ: لِلْقَطْعِ إلَخْ تَحْقِيقٌ لِمُدَّعَانَا.

(قَوْلُهُ: لَا لِخُصُوصِهِ) أَيْ كَوْنِهِ مُخْتَارَ الْمُكَلَّفِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَقْوَالُ غَيْرُ الْأَوَّلِ) قَالَ الْكَمَالُ: الْقَوْلُ الْأَخِيرُ وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ وَهُوَ مَا يَخْتَارُهُ الْمُكَلَّفُ يُسَمَّى قَوْلُ التَّرَاجِمِ لِمَا فِي الْمَحْصُولِ أَنَّهُ قَوْلٌ يَنْسُبُهُ أَصْحَابُنَا إلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَيَنْسُبُهُ الْمُعْتَزِلَةُ إلَى أَصْحَابِنَا وَاتَّفَقَ الْفَرِيقَانِ عَلَى فَسَادِهِ قَالَ وَالِدُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى مِنْهَاجِ الْأُصُولِ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ قَائِلٌ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ ابْنَ الْقَطَّانِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ قَدْ حَكَاهُ عَنْ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ فَكَيْفَ يُنْكَرُ، وَقَدْ وَهَمَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ فَجَعَلَ قَوْلَ التَّرَاجِمِ هُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَاجِبَ مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ: لِمَا قَالُوا) عِلَّةٌ لِنَفْيِ إيجَابٍ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ وَتَحْرِيمٍ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ وَقَوْلِهِ مِنْ أَنَّ تَحْرِيمَ إلَخْ نَشْرٌ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ اللَّفِّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى نَفْيِ إيجَابٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: لِمَا فِي فِعْلِهِ إلَخْ خَبَرَانِ وَهُوَ نَشْرٌ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ مِنْ قَوْلِهِ تَحْرِيمَ الشَّيْءِ أَوْ إيجَابَهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُدْرِكُهَا فِي الْمُعَيَّنِ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَدْ تَكُونُ الْمَفْسَدَةُ فِي فِعْلِ الْجَمِيعِ مِنْ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ دُونَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا فَلَا يُمْتَنَعُ تَحْرِيمُ وَاحِدٍ مِنْهَا لَا بِعَيْنِهِ إذْ بِتَرْكِ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهَا تَنْدَفِعُ الْمَفْسَدَةُ فَإِدْرَاكُ الْمَفْسَدَةِ فِي الْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّعْيِينِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ادَّعَوْهُ.

(قَوْلُهُ: بِالْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ نَفْسُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَخْيِيرَ فِيهِ بَلْ فِي أَفْرَادِهِ، يُشِيرُ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ لِتَخْيِيرِ الْمُكَلَّفِ إلَخْ فَيَكُونُ وَصْفُهُ بِالتَّخْيِيرِ فِيهِ مِنْ وَصْفِ الشَّيْءِ بِوَصْفِ مُتَعَلِّقِهِ فَهُوَ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ وَاجِبًا عِنْدَنَا) أَيْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِنَا) أَيْ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَشَاعِرَةِ وَالْفُقَهَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ فِعْلَ الْمُكَلَّفِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>