للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُنْقِصُهُ عَنْ ذَلِكَ.

(وَإِنْ تَرَكَهَا) بِأَنْ لَمْ يَأْتِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا (فَقِيلَ: يُعَاقَبُ عَلَى أَدْنَاهَا) عِقَابًا إنْ عُوقِبَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ فَقَطْ لَمْ يُعَاقَبْ، فَإِنْ تَسَاوَتْ فَثَوَابُ الْوَاحِدِ وَالْعِقَابُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا فُعِلَتْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، وَقِيلَ فِي الْمُرَتَّبِ الْوَاجِبُ ثَوَابًا أَوَّلُهَا تَفَاوَتَتْ أَوْ تَسَاوَتْ لِتَأَدِّي الْوَاجِبِ بِهِ قَبْلَ غَيْرِهِ وَيُثَابُ ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ عَلَى كُلٍّ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ لِثَوَابِ الْوَاجِبِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ثَوَابِ الْوَاجِبِ وَالْعِقَابِ أَحَدُهَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ الَّذِي يَقَعُ نَظَرُ التَّأَدِّي الْوَاجِبِ بِهِ وَالتَّحْقِيقُ الْمَأْخُوذُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ أَحَدُهَا لَا مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ الْخُصُوصُ وَإِلَّا لَكَانَ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَاجِبًا

ــ

[حاشية العطار]

مِنْ الْأُولَى وَهُوَ التَّشْدِيدُ فِي الْقَافِ فِي الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ.

(قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ ثَوَابِ الْوَاجِبِ.

(قَوْلُهُ: فَقِيلَ يُعَاقَبُ عَلَى أَدْنَاهَا) ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى ثَوَابِهِ عَلَى الْأَعْلَى أَنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لَا يُعَاقَبُ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ الْأَدْنَى كَانَ آتِيًا بِالْوَاجِبِ، ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ لَهُ مُقَابِلًا فِي ضِمْنِ التَّحْقِيقِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: إنْ عُوقِبَ) إنَّمَا قَالَ: ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ بِخِلَافِ الثَّوَابِ فَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ فَقَطْ لَمْ يُعَاقَبْ) أَيْ فَضَمُّ غَيْرِهِ إلَيْهِ لَا يَزِيدُهُ عُقُوبَةً.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَسَاوَتْ) هَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَفِيهَا أَعْلَى ثَوَابًا.

(قَوْلُهُ: عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا خَبَرُ) ثَوَابٍ أَيْ عَلَى وَاحِدٍ فِعْلًا فِي الثَّوَابِ أَوْ تَرْكًا فِي الْعِقَابِ.

(قَوْلُهُ: فُعِلَتْ مَعًا إلَخْ) أَيْ أَوْ تُرِكَتْ وَلَا يُقَالُ تُرِكَتْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا؛ لِأَنَّ التَّرْكَ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِالشَّيْءِ وَلَا يُعْقَلُ فِيهِ التَّرْتِيبُ، وَهَذَا تَعْمِيمٌ فِي الِاسْتِوَاءِ وَعَدَمِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُقَابِلُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ فِي الْمُرَتَّبِ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّفْصِيلِ بَيْنَ التَّفَاوُتِ وَالتَّسَاوِي وَعَدَمِ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَوْجَهُ.

وَقَالَ الْكَمَالُ إنَّهُ الظَّاهِرُ الَّذِي يُتَّجَهُ الْجَزْمُ بِهِ، وَإِنَّمَا مَحَلُّ النَّظَرِ فِيمَا إذَا فُعِلَتْ الْخِصَالُ كُلُّهَا مَعًا كَأَنْ قِيلَ لِلْمُكَلَّفِ: وَكَّلْت فُلَانًا فِي الْإِعْتَاقِ وَفُلَانًا فِي الْإِطْعَامِ وَفُلَانًا فِي الْكِسْوَةِ فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ وَضَعَ الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ وَأَمَرَ الْفُقَرَاءَ الْعِشْرِينَ بِالْأَخْذِ فَأَخَذُوا مَعًا وَاقْتَرَنَ بِذَلِكَ قَوْلُ وَكِيلِ الْعِتْقِ: أَنْتَ حُرٌّ وَتَصَوَّرَ الْمَعِيَّةَ أَيْضًا بِمُبَاشَرَتِهِ الْجَمِيعَ وَبِمُبَاشَرَةِ بَعْضٍ وَالتَّوْكِيلُ فِي بَعْضٍ.

(قَوْلُهُ: وَيُثَابُ ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ) لَكِنْ بِدَلِيلٍ آخَرَ غَيْرِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى وُجُوبِ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمُبْهَمِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَدْبِ غَيْرِ الْوَاجِبِ.

(قَوْلُهُ: الثَّوَابُ الْوَاجِبُ) مُتَعَلِّقٌ بِذُكِرَ وَاَلَّذِي ذُكِرَ لِثَوَابِ الْوَاجِبِ أَعْلَاهَا فِي الْمُتَفَاوِتَةِ وَأَحَدُهَا فِي الْمُتَسَاوِيَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَأَوَّلُهَا مُطْلَقًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَقَوْلُهُ: وَيُثَابُ ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ يَرْجِعُ لِلْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَتَفَاصِيلِهِمَا وَالْإِثَابَةُ ثَوَابُ الْمَنْدُوبِ عَلَى كُلٍّ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ لِثَوَابِ الْوَاجِبِ وَقَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ وَهُوَ كَوْنُهُ أَعْلَى أَوْ أَوَّلُ فِي الثَّوَابِ أَوْ أَدْنَى فِي الْعِقَابِ وَقَوْلُهُ: الَّذِي يَقَعُ صِفَةً لِأَحَدِهِمَا وَهُوَ الْأَعْلَى أَوْ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ: نَظَرُ التَّأَدِّي إلَخْ أَيْ لَا لِكَوْنِهِ هُوَ الْوَاجِبَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ لَا هُوَ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ فَهَذَا تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ مَحَلِّ الثَّوَابِ الْوَاجِبِ وَالْعِقَابِ أَحَدَهَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ.

(قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذُ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُوجِبُ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ ثَوَابِ الْوَاجِبِ وَالْعِقَابِ تَرْكُهُ هُوَ أَحَدُ خِصَالِ الْمُخَيَّرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَحَدُهَا لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ فَمَنْ أَتَى بِالْإِطْعَامِ مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ مَثَلًا وَصَارَ بِفِعْلِهِ مُتَعَيِّنًا لِثَوَابِ الْوَاجِبِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ كَوْنِهِ إطْعَامًا بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَحَدَ خِصَالِ الْمُخَيَّرِ، حَتَّى إنَّ الْوَاجِبَ ثَوَابًا فِيمَا إذَا أَتَى بِخِصَالِ الْمُخَيَّرِ كُلِّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ بِقَصْدِ الِامْتِثَالِ هُوَ أَوَّلُهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ أَحَدُهَا لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْ ثَانِيهَا وَثَالِثِهَا: إنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَحَدُهَا الَّذِي تُؤَدَّى الْوَاجِبُ بِغَيْرِهِ مِنْهَا لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَكَانَ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَاجِبًا) أَيْ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ أَحَدَهَا لَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَفِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>