للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى أَنَّ الْوَاجِبَ ثَوَابًا فِي الْمُرَتَّبِ أَوَّلُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَحَدُهَا لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى مَا يَتَمَادَى بِهِ الْوَاجِبُ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَحَدُهَا لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصِهِ.

(وَيَجُوزُ تَحْرِيمٌ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ) مِنْ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهَا فِي ضِمْنٍ أَيْ مُعَيَّنٍ مِنْهَا فَعَلَى الْمُكَلَّفِ تَرْكُهُ فِي أَيِّ مُعَيَّنٍ مِنْهَا وَلَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ (خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ) فِي مَنْعِهِمْ ذَلِكَ كَمَنْعِهِمْ إيجَابَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ فِيهِمَا (وَهِيَ كَالْمُخَيَّرِ) أَيْ وَالْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِيهَا فَيُقَالُ عَلَى قِيَاسِهِ النَّهْيُ عَنْ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ نَحْوَ لَا تَتَنَاوَلْ السَّمَكَ أَوْ اللَّبَنَ أَوْ الْبَيْضَ، يَحْرُمُ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا بِعَيْنِهِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ وَقِيلَ يَحْرُمُ جَمِيعُهَا فَيُعَاقَبُ بِفِعْلِهَا عِقَابَ فِعْلِ مُحَرَّمَاتٍ وَيُثَابُ بِتَرْكِهَا امْتِثَالًا

ــ

[حاشية العطار]

أَنَّ الْمُلَازَمَةَ مَمْنُوعَةٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ وَاجِبًا مِنْ حَيْثُ الْخُصُوصُ بَلْ لِتَأَدِّي الْوَاجِبِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحُصُولُ ثَوَابِهِ الْخَاصِّ بِهِ بَعْدَ إيقَاعِهِ وَتَعَيُّنُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ تَعَلُّقَ الْإِيجَابِ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْخُصُوصُ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى إنَّ الْوَاجِبَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّحْقِيقِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمُرَتَّبِ) أَيْ فِيمَا إذَا أَتَى بِخِصَالِ الْمُخَيَّرِ مُرَتَّبَةً.

(قَوْلُهُ: لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ) أَيْ خُصُوصُ كَوْنِهِ أَوَّلَهَا وَفِيهِ أَنَّهُ وَإِنْ قِيلَ: الْوَاجِبُ أَوَّلُهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْأَوَّلِيَّةُ بَلْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُ الْوَاجِبِ فِيهِ وَهُوَ الْوَاحِدُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَحَدُهَا) أَيْ الَّذِي تَأَدَّى الْوَاجِبُ بِغَيْرِهِ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ زَائِدٌ عَلَى أَحَدِهَا إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ لِلْعَهْدِ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَحَدُهَا الزَّائِدُ.

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَحْرِيمٌ إلَخْ) عَبَّرَ بِهَذَا دُونَ أَنْ يَقُولَ: وَالنَّهْيُ عَنْ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ بِالْأَمْرِ أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيَسْتَغْنِي عَنْ قَوْلِهِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَعَنْ قَوْلِهِ وَهِيَ كَالْمُخَيَّرِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الْوُقُوعِ، وَيُقَاسُ عَلَى التَّحْرِيمِ الْكَرَاهَةُ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَالْعِقَابُ خَاصٌّ بِالْحَرَامِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ بَحْثًا وَجَوَابًا.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُكَلَّفِ تَرْكُهُ) أَيْ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ) لَا يُقَالُ الْكَفُّ عَنْ أَحَدِ الْمُعَيَّنَاتِ الَّذِي هُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا يَقْتَضِي الْكَفَّ عَنْهَا كُلِّهَا فَيَنْتَفِي الْحَرَامُ الْمُخَيَّرُ كَمَا قَالَ بِهِ الْقَرَافِيُّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إذَا اسْتَحْضَرْت تَقْيِيدَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا بِكَوْنِهِ فِي ضِمْنٍ أَيْ مُعَيَّنٍ مِنْهَا ظَهَرَ لَك أَنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ فِي ضِمْنِ وَاحِدٍ مِنْهَا لَا يُنَافِي الْكَفَّ عَنْهُ فِي ضِمْنِ آخَرَ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَعَلَى الْمُكَلَّفِ تَرْكُهُ أَيْ لِأَنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ إنَّمَا يَحْصُلُ فِي ضِمْنِ مُعَيَّنٍ.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ فِعْلِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ وَاحِدٌ فَتَحْرِيمُ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ لَيْسَ مِنْ بَابِ عُمُومِ السَّلْبِ بَلْ مِنْ بَابِ سَلْبِ الْعُمُومِ فَيَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ فَلَيْسَ النَّهْيُ كَالنَّفْيِ.

(قَوْلُهُ: فِي مَنْعِهِمْ ذَلِكَ) أَيْ تَحْرِيمُ وَاحِدٍ لَا يُعَيِّنُهُ.

(قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ فِيهِمَا) وَهُوَ أَنَّ تَحْرِيمَ الشَّيْءِ أَوْ إيجَابَهُ لِمَا فِي فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ أَوْ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي يُدْرِكُهَا الْعَقْلُ وَإِنَّمَا يُدْرِكُهَا فِي الْمُعَيَّنِ.

(قَوْلُهُ: فَيُقَالُ) تَفْصِيلٌ لِلْإِجْمَالِ فِي قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: النَّهْيُ عَنْ وَاحِدٍ إلَخْ) فِيهِ تَوَرُّكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ حَقَّ مُقَابَلَةِ الْأَمْرِ النَّهْيُ لَا التَّحْرِيمُ.

(قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ مُفَسِّرًا ذَلِكَ الْوَاحِدَ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهَا فِي ضِمْنِ أَيِّ مُعَيَّنٍ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: امْتِثَالًا) قَيَّدَ التَّرْكَ بِالِامْتِثَالِ؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ فِيهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِ الِامْتِثَالِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ حَاصِلًا بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ أَنَّ التَّحْرِيمَ لِوَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>