للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: لَا يَجِبُ إتْمَامُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَصْدَ بِهِ حُصُولُهُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ حُصُولُهُ مِمَّنْ شَرَعَ فِيهِ فَيَجِبُ إتْمَامُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا يَجِبُ الِاسْتِمْرَارُ فِي صَفِّ الْقِتَالِ جَزْمًا لِمَا فِي الِانْصِرَافِ عَنْهُ مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْجُنْدِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الِاسْتِمْرَارُ فِي تَعَلُّمِ الْعِلْمِ لِمَنْ آنَسَ الرُّشْدَ فِيهِ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مَطْلُوبَةٍ بِرَأْسِهَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْ غَيْرِهَا بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَمَا ذَكَرَهُ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي مَطْلَبِهِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ بِالنَّظَرِ إلَى الْأُصُولِيِّ أَقْعَدُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْبَارِزِيُّ فِي التَّمْيِيزِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا الْجِهَادَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَإِنْ كَانَ بِالنَّظَرِ إلَى الْفُرُوعِ أَضْبَطَ.

(وَسُنَّةُ الْكِفَايَةِ) الْمُنْقَسِمُ إلَيْهَا وَإِلَى سُنَّةِ الْعَيْنِ مُطْلَقُ السُّنَّةِ الْمُتَقَدِّمِ حَدُّهُ (كَفَرْضِهَا) فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أُمُورٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا مِنْ حَيْثُ التَّمْيِيزُ عَنْ سُنَّةِ الْعَيْنِ مُهِمٌّ بِقَصْدِ حُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَالتَّسْمِيَةِ لِلْأَكْلِ مِنْ جِهَةِ جَمَاعَةٍ فِي الثَّلَاثِ مَثَلًا ثَانِيهَا أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ سُنَّةِ الْعَيْنِ عِنْدَ الْأُسْتَاذِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِقِيَامِ الْبَعْضِ بِهَا عَنْ الْكُلِّ الْمَطْلُوبِينَ بِهَا ثَالِثُهَا أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْ الْكُلِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ مِنْ بَعْضٍ مُبْهَمٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقِيلَ: مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ الطَّلَبُ بِفِعْلِهِ وَبِفِعْلِ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية العطار]

حُصُولُهُ فِي الْجُمْلَةِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ: لَا يَجِبُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ يَتَعَيَّنُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا يَأْتِي أَنَّ التَّصْحِيحَ مُخْتَلِفٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَيَّنُ حُصُولُهُ) وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْهُ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ تَمَامُ إلَخْ) فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ التَّصْحِيحِ، وَإِنْ كَانَتْ مَحَلَّ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يَجِبُ الِاسْتِمْرَارُ فِي صَفِّ الْقِتَالِ جَزْمًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَعْيِينِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فِي غَيْرِ الْجِهَادِ أَمَّا هُوَ فَمُتَّفَقٌ عَلَى تَعَيُّنِهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، ثُمَّ هَذَا الِاسْتِمْرَارُ إتْمَامٌ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ الَّذِي هُوَ الْجِهَادُ فَيَحْتَاجُ لِتَأْوِيلِ قَوْلِهِ فِي صَفِّ الْقِتَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَوْنُ فِيهِ إذْ هُوَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ أَوْ الْمُرَادُ بِالصَّفِّ الِاصْطِفَافُ، ثُمَّ إنَّ هَذَا بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي حُرْمَةَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّفِّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِنِيَّةِ الْفِرَارِ مَعَ أَنَّ الْحَرَامَ إنَّمَا هُوَ تَرْكُ الْقِتَالِ فِرَارًا وَإِمَّا لِعُذْرٍ أَوْ لِرَاحَةٍ أَوْ تَحَيُّزٍ إلَى فِئَةٍ مَثَلًا مَعَ نِيَّةِ الْعَوْدِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: لِمَا فِي الِانْصِرَافِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ بِحَسَبِ الْمَظِنَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ بِالْفِعْلِ وَمِثْلُ الْجِهَادِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ كِفَايَةٌ يَتَعَيَّنَانِ بِالشُّرُوعِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمَا هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ إتْمَامِ نَفْلِهِمَا.

(قَوْلُهُ: لِمَنْ آنَسَ) وَإِلَّا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الشُّرُوعُ حَتَّى يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالتَّعَيُّنِ أَوْ عَدَمِهِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الِاسْتِمْرَارِ فِي تَعَلُّمِ الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِطْلَاقُهُمْ يُنَافِيهِ قُلْنَا: الْمُرَادُ بِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ تَحْصِيلُ عِلْمِ مَا تَضَمَّنَهُ مَسَائِلُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ إذْ هِيَ الْمُثَبِّتَةُ بِالدَّلِيلِ فِي الْعِلْمِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الشُّرُوعُ فِيهِ بِأَقَلَّ مِنْ عِلْمِ حُكْمِ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ لَمْ يَشْرَعْ بَعْدُ وَإِعْرَاضُهُ بَعْدَ تَصَوُّرِ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ وَالتَّرَدُّدِ فِي الْحُكْمِ إعْرَاضٌ قَبْلَ الشُّرُوعِ لَا بَعْدَهُ اهـ. كَمَالٌ.

(قَوْلُهُ: أَقْعَدُ) أَيْ أَحْسَنُ وَضْعًا لِإِفَادَتِهِ قَاعِدَةً كُلِّيَّةً مُنَاسِبَةً قَوَاعِدِ الْأُصُولِ وَهِيَ كُلُّ فَرْضٍ كِفَائِيٍّ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَضُرُّ اسْتِثْنَاءُ الْجِهَادِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ جَزْمًا؛ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ شَأْنُهَا أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا وَالْقَاعِدَةُ تُنَاسِبُ الْأُصُولَ؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ هِيَ الْقَوَاعِدُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْبَارِزِيُّ بِالنَّظَرِ إلَى الْفُرُوعِ أَضْبَطَ أَيْ مِنْ جِهَةِ إفَادَتِهِ مَا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى وَجْهِ الْحَصْرِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ التَّمْيِيزُ عَنْ سُنَّةِ الْعَيْنِ) ذَكَرَ الْحَيْثِيَّةَ دَفْعًا لِمَا قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ عَرَّفَهَا بِمَا عَرَّفَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ فَيَلْزَمُ اخْتِلَالُ أَحَدِ التَّعْرِيفَيْنِ.

(قَوْلُهُ: جَمَاعَةٌ) أَرَادَ بِهَا مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ.

(قَوْلُهُ: مَثَلًا) تَأْكِيدٌ لِلْكَافِ أَوْ أَحَدُهُمَا لِلْأَفْرَادِ الذِّهْنِيَّةِ وَالْآخَرُ لِلْأَفْرَادِ الْخَارِجِيَّةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ سُنَّةَ الْكِفَايَةِ لَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ كَمَا قَالَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الشَّاشِيُّ، فَإِنَّ مِنْهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ الْآذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَمَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ مِمَّا نُدِبَ إلَيْهِ وَتَضْحِيَةُ الْوَاحِدِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ لِتَأَدِّي شِعَارَ التَّضْحِيَةِ بِهَا (قَوْلُهُ: لِسُقُوطِ الطَّلَبِ) وَذَلِكَ كَافٍ فِي تَفْضِيلِ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ لَا يَصِحُّ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>