للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَقَطَ الْفَرْضُ بِفِعْلِهِ (وَقِيلَ) الْبَعْضُ (مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى) يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِفِعْلِهِ وَبِفِعْلِ غَيْرِهِ كَمَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الشَّخْصِ بِأَدَاءِ غَيْرِهِ عَنْهُ (وَقِيلَ) الْبَعْضُ (مَنْ قَامَ بِهِ) لِسُقُوطِهِ بِفِعْلِهِ، ثُمَّ مَدَارُهُ عَلَى الظَّنِّ فَعَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ مَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَفْعَلْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا فَلَا، وَعَلَى قَوْلِ الْكُلِّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ فَعَلَهُ سَقَطَ عَنْهُ وَمَنْ لَا فَلَا.

(وَيَتَعَيَّنُ) فَرْضُ الْكِفَايَةِ (بِالشُّرُوعِ) فِيهِ أَيْ يَصِيرُ بِذَلِكَ فَرْضَ عَيْنٍ يَعْنِي مِثْلَهُ فِي وُجُوبِ الْإِتْمَامِ (عَلَى الْأَصَحِّ) بِجَامِعِ الْفَرْضِيَّةِ

ــ

[حاشية العطار]

يُفَرَّعَ عَلَيْهِ مَا هُوَ خَاصٌّ بِهِ فَيَقُولُ فَمَنْ قَامَ بِهِ تَحَقَّقَ بِهِ الْبَعْضُ الْمُبْهَمُ الَّذِي خُوطِبَ بِهِ.

(قَوْلُهُ: سَقَطَ الْفَرْضُ) أَيْ الْحَرَجُ بِتَرْكِهِ كَمَا عَبَّرَ جَمَاعَةٌ فَلَا يُنَافِي وُقُوعَ صَلَاةِ فِرْقَةٍ عَلَى جِنَازَةٍ بَعْدَ صَلَاةٍ أُخْرَى فَرْضًا وَلِهَذَا يَنْوِي الْفَرْضَ وَيُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَهُ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ) فِيهِ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ مُبْهَمًا عِنْدَنَا كَمَا أَنَّهُ عَلَى الثَّانِي مُبْهَمٌ عِنْدَنَا أَيْضًا فَلَا تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُلَاحَظَ فِي الْأَوَّلِ جِهَةُ الْإِبْهَامِ وَفِي الثَّانِي جِهَةُ التَّعْيِينِ وَبِهَذَا يَرْجِعُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا.

(قَوْلُهُ: وَبِفِعْلِ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ فَلَا يُجْزِئُ رَدُّ صَبِيٍّ مِنْ الْجَمَاعَةِ السَّلَامَ، وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِتَمَامِهِ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ كَصَلَاتِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَحَمْلِهِ الْمَيِّتَ وَدَفْنِهِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ قَالَهُ الْكَمَالُ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْبَعْضُ مَنْ قَامَ بِهِ) قَالَ زَكَرِيَّا هَذَا مِنْ تَفَارِيعِ الْقَوْلِ قَبْلَهُ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ كَكَثِيرٍ خِلَافَهُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَدَارُهُ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ مَبْنَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ التَّعَلُّقِ بِالْمُكَلَّفِ أَوْ السُّقُوطِ عَنْهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِالتَّفْرِيعِ بِقَوْلِهِ فَعَلَى قَوْلِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى فَائِدَةِ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ: مَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَفْعَلْهُ) أَيْ وَلَا يَفْعَلُهُ أَيْضًا اهـ. زَكَرِيَّا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُصَمِّمَ غَيْرُهُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ بَلْ مَتَى مَا ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا زَالَ الْخِطَابُ مُتَوَجِّهًا لَهُ فِي ضِمْنِ الْبَعْضِ الْمُبْهَمِ.

(قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ) اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَلَا إثْمَ فِي تَرْكِهِ وَإِلَّا لَزِمَ تَأْثِيمُ أَهْلِ الدُّنْيَا فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا انْتَفَى الْإِثْمُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ قُلْنَا: فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ فَرْضًا.

وَأَقُولُ: الْوَجْهُ حَيْثُ انْتَفَتْ الْقُدْرَةُ حَتَّى قُدْرَةُ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ الْتِزَامُ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا فَلَا) أَيْ وَمَنْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَفْعَلْهُ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ فَعَلَهُ وَأَوْلَى عَلِمَ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا أَصْلًا إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ مَسْأَلَةُ الشَّكِّ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَيَجِبُ عَلَى الثَّانِي وَالْفَرْقُ أَنَّهُ خُوطِبَ بِهِ ابْتِدَاءً عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا إنْ ظَنَّ فِعْلَ الْغَيْرِ بِخِلَافِهِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ يَصِيرُ بِذَلِكَ فَرْضَ عَيْنٍ) هُوَ بَيَانٌ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَلِذَا عَبَّرَ فِيهِ بِأَيٍّ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا مُرَادًا لِمَا يَلْزَمْ عَلَيْهِ مِنْ قَلْبِ الْحَقَائِقِ أَرْدَفَهُ بِبَيَانِ الْمَقْصُودِ فَقَالَ: يَعْنِي مِثْلَهُ وَلِذَا عَبَّرَ فِيهِ بِالْعِنَايَةِ وَقَيَّدَ الْمُمَاثَلَةَ بِوُجُوبِ الْإِتْمَامِ إشَارَةً إلَى افْتِرَاقِهِمَا بِوُجُوبِ الشُّرُوعِ فِي الْعَيْنِيِّ وَعَدَمِهِ فِي الْكِفَايَةِ فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ: بِجَامِعِ الْفَرْضِيَّةِ) قَدْ يُعْتَرَضُ كَوْنُهَا جَامِعًا بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَزِمَ اشْتِرَاكُهُمَا فِي وُجُوبِ الشُّرُوعِ، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ قَالَهُ النَّاصِرُ.

وَأَجَابَ سم بِمَنْعِ انْتِفَاءِ اللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشُّرُوعِ الْوَاجِبِ هُوَ شُرُوعُ مَنْ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي أَدَاءِ الْفَرْضِ لَكِنَّهُ فَرْضُ الْعَيْنِ هُوَ الْجَمِيعُ وَفِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ هُوَ الْبَعْضُ، فَإِنَّ شُرُوعَ طَائِفَةٍ فِيهِ وَقِيَامَهُمْ بِهِ أَمْرٌ لَازِمٌ بِحَيْثُ لَوْ انْتَفَى أَثِمُوا فَقَدْ اشْتَرَكَ الْفَرْضَانِ فِي أَنَّ الشُّرُوعَ فِيمَا يَتَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ أَمْرٌ وَاجِبٌ، وَإِنْ اُخْتُلِفَ مَنْ يَتَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ فِيهِمَا فَظَهَرَ بِذَلِكَ ثُبُوتُ اللَّازِمِ وَعَدَمُ انْتِفَائِهِ اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا جَامِعٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفَارِقِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَصْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>