للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ وَقَعَ فَقَدْ أُوقِعَ فِي وَقْتِ أَدَائِهِ الَّذِي يَسَعُهُ وَغَيْرُهُ وَلِذَلِكَ يُعْرَفُ بِالْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ وَقَوْلُهُ جَوَازًا رَاجِعٌ إلَى الْوَقْتِ لِبَيَانِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ لَا فِي الزَّائِدِ عَلَيْهِ أَيْضًا مِنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ فِيهِ أَدَاءً بِشَرْطِهِ (وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَخِّرِ) أَيْ مُرِيدِ التَّأْخِيرِ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ (الْعَزْمُ) فِيهِ عَلَى الْفِعْلِ بَعْدُ فِي الْوَقْتِ (خِلَافًا لِقَوْمٍ) كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِمْ

ــ

[حاشية العطار]

(قَوْلُهُ: فَفِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّأْكِيدُ بِجَمِيعٍ مِنْ اسْتِغْرَاقِ أَجْزَاءِ الْمُؤَكَّدِ وَهُوَ مَجْمُوعُ وَقْتِ الظُّهْرِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: الَّذِي يَسَعُهُ وَغَيْرُهُ الْوَاقِعُ نَعْتًا لِلْوَقْتِ الْمَذْكُورِ لَا أَيَّ جُزْءٍ مِنْهُ أُوقِعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسَعُهُ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِوَقْتِ الظُّهْرِ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَجْمُوعُ وَقْتِهِ الْعَائِدُ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي مِنْهُ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِجَمِيعِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ لَا الْمَجْمُوعَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَفِي أَيِّ جُزْءٍ إلَخْ، فَإِنَّهُ بَيَانٌ لِجَمِيعِ الْوَاقِعَةِ تَأْكِيدًا لِوَقْتِ الظُّهْرِ ذِي الْأَجْزَاءِ وَقْتَ أَدَائِهِ خَبَرٌ عَنْ جَمِيعِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْأَجْزَاءِ، فَيَصْدُقُ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ وَقْتُ الْأَدَاءِ وَإِنَّ مَجْمُوعَ الْوَقْتِ وَقْتٌ مُوَسَّعٌ فَقَدْ أَتَى الشَّارِحُ بِمَا يُطَابِقُ مُقْتَضَى التَّأْكِيدِ بِجَمِيعٍ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ الَّذِي يَسَعُهُ وَغَيْرِهِ إيمَاءً إلَى أَنَّ جَمِيعَ مُرَادًا بِهِ الْمَجْمُوعُ، وَأَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ هُوَ مَجْمُوعُ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَنَّ أَجْزَاءَهُ هِيَ أَجْزَاءٌ لَهُ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ التَّأْكِيدُ بِجَمِيعَ أَنَّ الْمُؤَكَّدَ بِهَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَا أَجْزَاءٍ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا بِقَصْدِ شُمُولِ الْحُكْمِ لَهَا فَالْمُطَابِقُ لَهُ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهِ جَوَازًا وَقْتٌ لِأَدَائِهِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّ مَجْمُوعَهَا وَقْتُ أَدَاءً أَيْضًا لِصِدْقِ حَدِّ الْوَقْتِ بِمَا سَبَقَ مِنْ الزَّمَانِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا عَلَيْهِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ يُعْرَفُ إلَخْ) ضَمِيرُ يُعْرَفُ يَعُودُ لِلْمُؤَدَّى أَيْ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِذِكْرِ الْأَدَاءِ وَقَوْلُهُ: الْمُوَسَّعُ وَقْتُهُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْجَوَازِ هُوَ مَا يَسَعُهَا، فَمَا زَادَ عَلَيْهِ الَّذِي جَعَلَهُ وَقْتَ ضَرُورَةٍ هُوَ مَا لَا يَسَعُهَا سَوَاءٌ وَسِعَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ أَوْ لَمْ يَسَعْ رَكْعَةً.

وَقَدْ يُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ وَقْتَ الضَّرُورَةِ عَلَى مِقْدَارِ تَكْبِيرَةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ فِي حَقِّ مَنْ زَالَ عُذْرُهُ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ كَحَيْضٍ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَصِبًا فِي الْمَنْهَجِ وَلَوْ زَالَتْ الْمَوَانِعُ وَبَقِيَ قَدْرُ تَحَرُّمٍ وَخَلَا مِنْهَا قَدْرُ الطُّهْرِ وَالصَّلَاةِ لَزِمَتْ مَعَ فَرْضٍ قَبْلَهَا إنْ صَلَحَ لِجَمْعِهِ مَعَهَا وَخَلَا قَدْرُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ فِيهِ أَدَاءً) أَيْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لَا عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ هُوَ كَوْنُ الْمَفْعُولِ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً لَا أَقَلَّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مُرِيدِ إلَخْ) وَإِلَّا فَبَعْدَ التَّأْخِيرِ بِالْفِعْلِ لَا يُعْقَلُ الْعَزْمُ لِمُضِيِّ مَا يَقَعُ فِيهِ وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ فَنَبَّهَ بِمُرِيدٍ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْمُؤَخَّرِ مَجَازٌ.

(قَوْلُهُ: الْعَزْمُ فِيهِ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَوْلُهُ: بَعْدُ أَيْ بَعْدَ أَوَّلِ الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِمْ إلَخْ) قَالُوا: لَوْ جَازَ التَّرْكُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ وَهُوَ الْبَدَلُ عَنْ الْوَاجِبِ لَجَازَ تَرْكُ الْوَاجِبِ بِلَا بَدَلٍ وَالْمُلَازَمَةُ ظَاهِرَةٌ وَالتَّالِي بَاطِلٌ لِاسْتِلْزَامِهِ كَوْنَ الْوَاجِبِ غَيْرَ وَاجِبٍ وَرُدَّ بِأَنَّ الْعَزْمَ لَا يَصْلُحُ بَدَلًا عَنْ الْوَاجِبِ إذْ لَوْ صَحَّ بَدَلًا عَنْهُ لَتَأَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ بَدَلِيَّةَ الْعَزْمِ إنَّمَا هِيَ قَبْلَ التَّضْيِيقِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِتَأَدِّي الْوَاجِبِ بِالْعَزْمِ عِنْدَ تَحَقُّقِهِ سُقُوطُهُ أَصْلًا مُنِعَ اللُّزُومُ كَيْفَ وَالْفِعْلُ يَتَعَيَّنُ عِنْدَ التَّضْيِيقِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّ تَحَقُّقَهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ يَقُومُ مَقَامَ الْإِتْيَانِ بِهِ فِيهِ سَلِمَ اللُّزُومُ وَمَنَعَ بُطْلَانَ اللَّازِمِ كَيْفَ وَالْإِتْيَانُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى تَقْدِيرِ الْعَزْمِ فِيهِ غَيْرُ لَازِمٍ فَالرَّاجِحُ عِنْدَنَا مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ عِنْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، إمَّا الْفِعْلُ أَوْ الْعَزْمُ قِيلَ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَاَلَّذِي رَأَيْته بِخَطِّ بَعْضِ فُضَلَائِهِمْ أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا عِنْدَهُمْ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا يَضُرُّ الْعَزْمُ عَلَى التَّرْكِ وَيَكْفِي أَنَّهُ لَوْ سُئِلَ أَجَابَ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجِبُ الْفِعْلُ أَوْ الْعَزْمُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ كَمَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ شَارِحِي الْمُخْتَصَرِ فَشَنَّعَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ هَفَوَاتِهِ وَمِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>