للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِوُجُوبِ الْعَزْمِ لِيَتَمَيَّزَ بِهِ الْوَاجِبُ الْمُوَسَّعُ عَنْ الْمَنْدُوبِ فِي جَوَازِ التَّرْكِ وَأُجِيبَ بِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ أَنَّ تَأْخِيرَ الْوَاجِبِ عَنْ الْوَقْتِ يُؤْثِمُ.

(وَقِيلَ) وَقْتُ أَدَائِهِ (الْأَوَّلُ) مِنْ الْوَقْتِ لِوُجُوبِ الْفِعْلِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ (فَإِنْ أَخَّرَ) عَنْهُ (فَقَضَاءٌ) ، وَإِنْ فَعَلَ فِي الْوَقْتِ حَتَّى يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ أَوَّلِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ بَعْضِهِمْ، وَإِنْ نَقَلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ وَلِنَقْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ قَضَاءٌ يَسُدُّ مَسَدَّ الْأَدَاءِ (وَقِيلَ) وَقْتُ أَدَائِهِ (الْآخَرُ) مِنْ الْوَقْتِ لِانْتِفَاءِ وُجُوبِ

ــ

[حاشية العطار]

الْعَظَائِمِ فِي الدِّينِ وَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ هُوَ مَا فَهِمَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْبُرْهَانِ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ فِي طَرِيقَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ إنَّمَا يُوجِبُ الْعَزْمَ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ وَلَا يُوجِبُ تَحْدِيدَهُ، ثُمَّ يَحْكُمُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَزْمَ يَنْسَحِبُ حُكْمُهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ الْمُسْتَقِلَّةِ، وَهَذَا كَانْبِسَاطِ النِّيَّةِ عَلَى الْعِبَادَةِ الطَّوِيلَةِ مَعَ عُزُوبِ النِّيَّةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُظَنَّ بِهَذَا الرَّجُلِ الْعَظِيمِ غَيْرَ هَذَا غَيْرَ أَنَّا لَا نَرَى ذَلِكَ رَأْيًا اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي جَوَازِ التَّرْكِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةً لِلْمَنْدُوبِ أَيْ الْمُشَارِكِ لَهُ فِي جَوَازِ التَّرْكِ وَالْمُرَادُ بِالتَّرْكِ الْجَائِزِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاجِبِ التَّرْكُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْفَرْضَ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَنْدُوبِ التَّرْكُ مُطْلَقًا فَلَمْ يَحْصُلْ تَمْيِيزٌ بَيْنَهُمَا فِي مُطْلَقِ التَّرْكِ إلَّا بِالْعَزْمِ فَتَرْكُ الْمَنْدُوبِ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ وَتَرْكُ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْعَزْمِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّ تَأْخِيرَ الْوَقْتِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُنْدَبِ فَالْجَوَازُ فِي الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ مُعَيَّنٌ دُونَ الْمَنْدُوبِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَهَذَا لَا يُنَافِي الِاشْتِرَاكَ فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ عَنْ زَمَنِ تَعَلُّقِ الطَّلَبِ وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ: إنَّ الْمُرَادَ فِي الْجَوَابِ التَّأْخِيرُ عَنْ جُمْلَةِ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ كَلَامُهُمْ إنَّمَا هُوَ فِي التَّأْخِيرِ عَنْ زَمَنِ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ وَمُرَادُهُمْ مِنْ التَّعْلِيلِ التَّمْيِيزُ الْحَاصِلُ بِتَمْيِيزِ الْمُكَلَّفِ وَهُوَ أَنْ يُمَيِّزَ الْمُكَلَّفُ تَأْخِيرَهُ الْجَائِزَ عَنْ غَيْرِهِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْجَوَابِ لَيْسَ مِنْ تَمْيِيزِ الْمُكَلَّفِ، ثُمَّ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ مَحَلُّهُ فِي الْعَزْمِ الْخَاصِّ عَلَى فِعْلِ الْفَرْضِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ كَمَا هُوَ الْمَفْرُوضُ، أَمَّا الْعَزْمُ الْعَامُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فِي جَمِيعِ التَّكَالِيفِ وَهُوَ أَنْ يَعْزِمَ الْمُكَلَّفُ عَلَى فِعْلِ كُلِّ وَاجِبٍ إجْمَالًا عِنْدَ مُلَاحَظَتِهِ مُجْمَلًا مَعَ غَيْرِهِ وَتَفْصِيلًا عِنْدَ تَذَكُّرِهِ بِخُصُوصِهِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ: وَقْتُ أَدَائِهِ الْأَوَّلُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ وَقْتُ الْأَدَاءِ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ مَحْكُومٌ بِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى قَلْبًا وَقَوْلُهُ: الْأَوَّلُ مِنْ الْوَقْتِ أَيْ أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَسَعُ فِعْلَ الْعِبَادَةِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ دُونَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَالْفِعْلُ فِي ذَلِكَ الزَّائِدِ قَضَاءً عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَ فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الْجَوَازِ عِنْدَ غَيْرِ هَذَا الْقَائِلِ أَمَّا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَوَقْتُ الْأَدَاءِ الْأَوَّلُ فَقَطْ لِمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَقْوَالُ إلَخْ.

١ -

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَأْثَمَ إلَخْ) حَتَّى تَفْرِيعِيَّةٌ فِي فَيَأْثَمُ مَرْفُوعٌ.

(قَوْلُهُ: عَنْ بَعْضِهِمْ) أَيْ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ الْكَمَالُ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمَعَالِمِ حِكَايَةُ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَلَا يُعْرَفُ عِنْدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَّهَمُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَلَ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ نَقْلَ الشَّافِعِيِّ أَثْبَتُ وَأَوْلَى وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ (قَوْلُهُ: وَلِنَقْلِهِ) أَيْ نَقْلِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: يَسُدُّ مَسَدَّ الْأَدَاءِ) أَيْ فِي نَفْيِ الْإِثْمِ.

(قَوْلُهُ: الْآخَرُ) أَيْ الْمِقْدَارُ الْآخَرُ الَّذِي يَسَعُ الصَّلَاةَ بِتَمَامِهَا فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ وُجُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>