للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْأَصَحِّ فَأَفْرَقَتَا وَاحْتَرَزَ بِمُطْلَقِ الْأَمْرِ عَنْ الْمُقَيَّدِ بِغَيْرِ الْمَكْرُوهِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ قَطْعًا.

(أَمَّا الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ لَهُ جِهَتَانِ) لَا لُزُومَ بَيْنَهُمَا

ــ

[حاشية العطار]

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُلَازَمَةَ فِي الْمَكَانِ أَعَمُّ؛ لِأَنَّ الشُّغْلَ وَالْوَسْوَسَةَ وَنَحْوَهَا قَدْ تُوجَدُ بِدُونِ الصَّلَاةِ.

وَقَدْ تُوجَدُ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا بِخِلَافِ الْمُلَازَمَةِ فِي الْأَزْمِنَةِ، فَإِنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لِأَنَّ الْمُوَافَقَةَ لِعُبَّادِ الشَّمْسِ لَازِمَةٌ لِلصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ، فَإِنْ قُلْت كَذَلِكَ إذَا الْتَفَتَ لِلصَّلَاةِ فِي الْأَمْكِنَةِ الْمَخْصُوصَةِ كَانَتْ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ لَازِمَةً لَهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُلَازَمَةَ أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ زَوَالُ الْوَصْفِ عَنْهَا بِخِلَافِ الْأَمْكِنَةِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَزُولَ عَنْهَا الْوَصْفُ فِي الْحَالِ بِأَنْ يَنْتَقِلَ الْكَلَامُ لِلسَّجْدِيَّةِ أَوْ الْمِلْكِيَّةِ وَبِأَنَّ الْفِعْلَ فِي حَالِ إيقَاعِهِ يُمْكِنُ نَقْلُهُ لِمَكَانٍ آخَرَ بِخِلَافِ الزَّمَانِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابَلَةُ أَنَّ النَّهْيَ فِي الْأَزْمِنَةِ لِخَارِجٍ كَمُوَافَقَةِ عُبَّادِ الشَّمْسِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَأَيْضًا الْمُوَافَقَةُ الْمَذْكُورَةُ بَيَانٌ لِحِكْمَةِ النَّهْيِ وَلَيْسَتْ عِلَّةً لِعَدَمِ اطِّرَادِهَا وَإِلَّا لَحُرِّمَتْ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ وَمَعَ وُجُودِ السَّبَبِ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ نَهَى عَنْ كَذَا لِنَفْسِهِ وَلَازِمُهُ إلَخْ نَهَى عَنْهُ بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ لَازِمِهِ.

(قَوْلُهُ: بِمُطْلَقِ الْأَمْرِ) وَهُوَ مَا أَخَذَ لَا بِقَيْدٍ لَكِنَّهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِهِ مَا اُعْتُبِرَ مَعَهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ وَحِينَئِذٍ يُقَابِلُ الْمُقَيَّدُ فَصَحَّ الِاحْتِرَازُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ) مُقَابِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ الَّذِي لَا يَتَنَاوَلُهُ الْأَمْرُ لَيْسَ لَهُ جِهَتَانِ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ جِهَتَانِ إلَخْ فَمَحَطُّ الْمُقَابِلَةَ قَوْلُهُ: لَا لُزُومَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ أَيْ الَّذِي لَهُ جِهَةٌ أَوْ لَهُ جِهَتَانِ بَيْنَهُمَا لُزُومٌ فِي الْأَوَّلِ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، فَإِنَّ لَهَا جِهَةً وَاحِدَةً وَهِيَ كَوْنُهَا صَلَاةً وَالثَّانِي كَصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَالْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ هُوَ الْجُزْئِيُّ الْحَقِيقِيُّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّهُمْ قَابَلُوهُ بِالْوَاحِدِ بِالْجِنْسِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْعَضُدُ وَغَيْرُهُ وَمُقَابِلُ الْوَاحِدِ بِالْجِنْسِ لَا يَنْحَصِرُ فِي الْوَاحِدِ بِالشَّخْصِ، بَلْ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ بِالنَّوْعِ يَدُلُّ لَهُ أَنَّ الْأَصْفَهَانِيَّ عَبَّرَ بَدَلَ الْوَاحِدِ بِالْجِنْسِ بِالْوَاحِدِ بِالنَّوْعِ وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ تَمْثِيلِهِمْ الصَّلَاةَ فِي الْمَغْصُوبِ بِقُيُودٍ تُصَيِّرُهَا وَاحِدًا بِالشَّخْصِ كَصَلَاةِ زَيْدٍ الْفُلَانِيَّةِ فِي يَوْمِ كَذَا فِي سَاعَةِ كَذَا فِي دَارِ عَمْرٍو بِغَيْرِ رِضَاهُ أَوْ يُقَدَّرُ الْمُضَافُ أَيْ كَجُزْءِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَيْ الْجُزْءِ الْحَقِيقِيِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَرَكَ التَّقْيِيدَ لِظُهُورِ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْخَارِجِ لَا يَكُونُ إلَّا وَاحِدًا بِالشَّخْصِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ سم أَيْ حَاجَةٌ إلَى فَرْضِ هَذَا الْكَلَامِ فِي الْوَاحِدِ بِالشَّخْصِ وَهَلَّا فَرْضٌ فِي الْوَاحِدِ بِالنَّوْعِ عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَ بِالنَّوْعِ كَمُطْلَقِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ مَثَلًا يُنْظَرُ فِيهِ إلَى أَفْرَادِهِ الشَّخْصِيَّةِ لَا إلَى جِهَاتِهِ فَيَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ بِالنَّظَرِ لِفَرْدٍ مَنْهِيًّا عَنْهُ بِالنَّظَرِ لِآخَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: لَا لُزُومَ بَيْنَهُمَا) وَإِلَّا كَانَا كَالْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ وَذَلِكَ كَصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْهُ لِلْإِعْرَاضِ عَنْ صِيَانَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ لَازِمٌ لِلصَّوْمِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُقَيَّدَ يَسْتَلْزِمُ الْمُطْلَقَ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَوْمٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُقَيَّدٌ بِيَوْمِ النَّحْرِ.

وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ فَالْجِهَتَانِ فِيهَا مُنْفَكَّتَانِ وَلَمَّا كَانَ الزَّمَنُ دَاخِلًا فِي مَاهِيَّةِ الصَّوْمِ دُونَ الْمَكَانِ فِي الصَّلَاةِ قِيلَ بِاسْتِلْزَامِ الْمُقَيَّدِ لِلْمُطْلَقِ فِي صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ دُونَ الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمُقَيَّدَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْمُطْلَقِ فِيهَا أَيْضًا إذْ هِيَ صَلَاةٌ وَصَلَاةٌ فِي مَغْصُوبٍ لِانْفِكَاكِ الصَّلَاةِ فِي مِلْكِهِ مَثَلًا أَوْ الْمَسْجِدِ عَنْ الْغَصْبِ.

وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَنْفَكُّ عَنْ الزَّمَانِ لِدُخُولِهِ فِي مَفْهُومِهِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا ذَكَرَ صَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ تَحَقُّقِ النَّهْيِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهِ لَيْسَ لِأَمْرٍ لَازِمٍ بَلْ لِخَارِجٍ كَالضَّعْفِ عَنْ الْقِيَامِ بِوَظَائِفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْعِبَادَةِ، وَالنَّهْيُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ لِنَفْسِ الْعِبَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>