للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَحَلِّ النُّطْقِ) حُكْمًا كَانَ كَمَا مَثَّلَهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ كَغَيْرِهِ بِتَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ أَيْ لِلْوَالِدَيْنِ الدَّالِ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣]

ــ

[حاشية العطار]

فَإِنَّهُ قَسَّمَ الدَّلَالَةَ إلَى مَنْطُوقٍ وَمَفْهُومٍ، وَصَنِيعُ الشَّارِحِ أَحْسَنُ لِقَوْلِ التَّفْتَازَانِيِّ فِي حَاشِيَةِ الشَّرْحِ الْعَضُدِيِّ أَنَّهُ مُحْوِجٌ إلَى تَكَلُّفٍ عَظِيمٍ فِي تَصْحِيحِ عِبَارَاتِ الْقَوْمِ لِكَوْنِهَا صَرِيحَةً فِي كَوْنِهِمَا مِنْ أَقْسَامِ الْمَدْلُولِ اهـ.

ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْنَى مَا يَشْمَلُ الذَّاتَ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي كَزَيْدٍ إلَخْ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

(قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّ النُّطْقِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ ضَمِيرِ عَلَيْهِ وَالنُّطْقُ هُوَ التَّلَفُّظُ وَمَحَلُّهُ هُوَ اللَّفْظُ أَيْ مَعْنًى دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ حَالَةَ كَوْنِهِ مُسْتَقِرًّا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ أَيْ التَّلَفُّظِ بِاسْمِهِ كَالتَّأْفِيفِ وَكَالنِّسَاءِ فِي تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ إلَخْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ مَذْكُورًا وَيُسَمَّى مَنْطُوقًا صَرِيحًا أَوْ غَيْرَ مَذْكُورٍ وَيُسَمَّى غَيْرَ تَصْرِيحٍ فَدَلَالَةُ {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] عَلَى تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ مَنْطُوقٌ صَرِيحٌ وَعَلَى تَحْرِيمِ الضَّرْبِ مَفْهُومٌ وَدَلَالَةُ تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ شَطْرَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَأَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَنْطُوقٌ غَيْرُ صَرِيحٍ قَالَ الْعَضُدُ: فَالْمَنْطُوقُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ أَيْ يَكُونُ حُكْمًا لِلْمَذْكُورِ وَحَالًا مِنْ أَحْوَالِهِ سَوَاءٌ ذَكَرَ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَنَطَقَ بِهِ أَوْ لَا اهـ.

هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي النَّاصِرِ مُوَضِّحًا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِعِبَارَةِ الْعَضُدِ لَكَانَ حَلُّهُ مُوَافِقًا لِطَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَعْمِيمِ الْمَدْلُولِ لِلْحُكْمِ وَغَيْرِهِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ حُكْمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ حُكْمٍ فَفِي ذِكْرِ عِبَارَةِ الْعَضُدِ تَخْصِيصٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَصْرٌ لِلْمَعْنَى عَلَى الْحُكْمِ الْمُوَافِقِ لِطَرِيقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْعَضُدِ بِصَدَدِ شَرْحِ كَلَامِهِ فَيَلْزَمُهُ مُوَافَقَتُهُ دُونَ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ أَنَّهُ حَذَفَ الِاسْتِشْهَادَ بِكَلَامِ الْعَضُدِ لَكَانَ مَحَلُّهُ مُوَافِقًا لِلتَّقْسِيمِ الْمَذْكُورِ.

وَالشَّيْخُ سم أَوْرَدَ الِاعْتِرَاضَ الْمَذْكُورَ جَاعِلًا مَنْشَأَهُ أَنَّ الْحَالِيَّةَ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ تَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْطُوقُ أَمْرًا حَاصِلًا فِي شَيْءٍ نُطِقَ بِاسْمِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي الْآخَرِ الَّذِي لَهُ ذَلِكَ الِاسْمُ الْمَنْطُوقُ بِهِ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ نَحْوِ مَدْلُولِ زَيْدٍ وَمَدْلُولِ الْأَسَدِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْطُوقِ وَلَيْسَ لِلَّفْظِ هَاهُنَا مَدْلُولَانِ غَيْرُ ذَيْنِك الْمَدْلُولَيْنِ وَهُمَا فِيهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْحَالِيَّةِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ بَلْ لَا مُسَمًّى لِلَّفْظِ إلَّا هُمَا اهـ.

وَهُوَ مَحْضُ تَطْوِيلٍ مَبْنَاهُ تَخَيُّلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُرَادَ بِالنُّطْقِ فِي قَوْلِهِ: فِي مَحَلِّ النُّطْقِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَهُوَ التَّلَفُّظُ أَوْ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ اللَّفْظُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَصِيرُ الْمَعْنَى حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَدْلُولِ ثَابِتًا فِي التَّلَفُّظِ، وَثُبُوتُهُ فِيهِ هُوَ ثُبُوتُ دَالَّةٍ بِتَخَيُّلِ أَنَّ التَّلَفُّظَ مَحَلُّ اللَّفْظِ فَيَئُولُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>