للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ غَيْرَ حُكْمٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِهِ فِي قَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ اللَّفْظُ الدَّالُّ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ (نَصٌّ)

ــ

[حاشية العطار]

أَنَّ ذَلِكَ الْمَدْلُولَ مُسْتَفَادٌ مِنْ اللَّفْظِ وَدَالٌّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الدَّلَالَةُ بِوَاسِطَةِ الْوَضْعِ وَهُوَ الْمُطَابَقَةُ وَالتَّضَمُّنُ أَوْ لَا فَيَشْمَلُ الْمَنْطُوقَ الصَّرِيحَ وَغَيْرَ الصَّرِيحِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ التَّفْتَازَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْعَضُدِ.

وَنَقَلَهُ النَّاصِرُ هُنَا وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ فِي التَّلْوِيحِ وَعَلَى الثَّانِي يَصِيرُ الْمَعْنَى هَكَذَا حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَدْلُولِ ثَابِتًا فِي اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ جَارٍ فِي الْحُكْمِ وَفِي الْمُفْرَدِ وَشَامِلٌ لَهُمَا لِأَنَّ كُلَّ مَدْلُولٍ ثَابِتٌ وَمُسْتَقِرٌّ فِي دَالِّهِ لَا يُقَالُ: الثَّابِتُ وَالْمُسْتَقِرُّ فِي دَالِّهِ هُوَ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعُ لَهُ اللَّفْظُ فَلَا يَشْمَلُ الْمَجَازَ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْمَنْطُوقِ الصَّرِيحِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَجَازُ دَالٌّ عَلَى مَعْنَاهُ دَلَالَةَ مُطَابَقَةٍ بِوَاسِطَةِ الْوَضْعِ النَّوْعِيِّ كَمَا بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي حَوَاشِينَا عَلَى شَرْحِ الْعِصَامِ لِلرِّسَالَةِ الْوَضْعِيَّةِ.

وَقَالَ الْكَمَالُ: إنَّ قَوْلَهُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ مُتَعَلِّقُ بَدَّلَ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الْمَعْنَى مَدْلُولًا عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ أَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ اسْتِفَادَتُهُ مِنْ اللَّفْظِ إلَّا عَلَى مُجَرَّدِ النُّطْقِ بِهِ لَا عَلَى انْتِقَالٍ مِنْ مَعْنًى آخَرَ إلَيْهِ فَإِنَّ مَا تَوَقَّفَ اسْتِفَادَتُهُ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْمَنْطُوقُ إلَيْهِ هُوَ الْمَفْهُومُ، فَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الْمُنْتَقِلَ إلَيْهِ مُوَافِقًا فِي الْحُكْمِ فَهُوَ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ أَوْ مُخَالِفًا فَمَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ اهـ.

وَهُوَ أَمَسُّ بِكَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ فِيمَا بَعْدُ أَيْ اللَّفْظُ الدَّالُّ إلَخْ وَلِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا مِنْ تَقْسِيمِهِ الْمَدْلُولَ إلَى حُكْمٍ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ خُرُوجُ الْمَنْطُوقِ غَيْرِ الصَّرِيحِ مِنْ تَعْرِيفِهِ وَدُخُولُهُ فِي تَعْرِيفِ الْمَفْهُومِ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ.

وَكَذَلِكَ الْمَجَازُ، فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا يَتَوَقَّفُ اسْتِفَادَتِهِ. . . إلَخْ أَنَّ اللَّفْظَ دَالٌّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ احْتِجَاجٍ لِشَيْءٍ آخَرَ وَالْمَجَازُ مُحْتَاجٌ لِلْقَرِينَةِ فَيُفْسِدُ التَّعْرِيفَاتِ طَرْدًا وَعَكْسًا فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ مَحَلُّ النُّطْقِ بِمَقَامِ إيرَادِ اللَّفْظِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الْمَعْنَى مَدْلُولًا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ أَوْ الْمَجَازِ، فَإِنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِشَيْءٍ فِي طَرِيقِ الدَّلَالَةِ أَوْ لَا فَيَكُونُ شَامِلًا لِلْحُكْمِ وَغَيْرِهِ وَلِلْمَنْطُوقِ الصَّرِيحِ وَغَيْرِ الصَّرِيحِ وَبِهَذَا اسْتَقَامَ الْكَلَامُ وَتَمَّ الْمَرَامُ وَلَوْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ بِقَوْلِهِ: الْمَنْطُوقُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ مُطَابَقَةً أَوْ تَضَمُّنًا لَا غِنًى عَنْ هَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ الصَّرِيحِ فَلَوْ أُرِيدَ شُمُولُهُ لِغَيْرِ الصَّرِيحِ لَقِيلَ أَوْ الْتِزَامًا وَقَوْلُ سم: إنَّهُ لَا يَضُرُّ عَدَمُ شُمُولِ الْمَنْطُوقِ غَيْرِ الصَّرِيحِ لِأَنَّ ظَاهِرَ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَدَمُ إثْبَاتِهِ يَرُدُّهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي ثُمَّ الْمَنْطُوقُ أَنَّ تَوَقُّفَ الصِّدْقِ أَوْ الصِّحَّةِ إلَخْ هَذَا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَنْطُوقِ غَيْرِ الصَّرِيحِ وَالْمَفْهُومِ أَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حُكْمٌ غَيْرُ مَذْكُورٍ إلَّا أَنَّ الْمَفْهُومَ لَيْسَ حُكْمًا لِلْمَذْكُورِ وَلَا حَالًا مِنْ أَحْوَالِهِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ لِلْمَسْكُوتِ كَالضَّرْبِ فِي آيَةِ التَّأْفِيفِ بِخِلَافِ الْمَنْطُوقِ غَيْرِ الصَّرِيحِ، فَإِنَّهُ حُكْمٌ لِلْمَذْكُورِ وَحَالٌ مِنْ أَحْوَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ حَكَمٍ) اعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِوَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: عَدَمُ شُمُولِ الْحَدِّ الثَّانِي أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِ الْقَوْمِ.

وَأَقُولُ: أَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ فَعَدَمُ شُمُولِ الْحَدِّ لَهُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى مَا أَسْلَفْتُهُ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَأَمَّا عَنْ الثَّانِي فَلِأَنَّ بَحْثَ الْمُصَنِّفِ عَنْ النَّصِّ وَالظَّاهِرِ رَاجِعٌ فِي الْحَقِيقَةِ إلَى الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِمَا، فَإِنَّ الْأُصُولِيَّ لَا بَحْثَ لَهُ عَنْ الْمُفْرَدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُفْرَدٌ إذْ مَوْضُوعُ عِلْمِ الْأُصُولِ الْقَوَاعِدُ الْكُلِّيَّةُ الْبَاحِثَةُ عَنْ الْأَدِلَّةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالشَّارِحُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي نَحْوِ جَاءَ زَيْدٌ وَرَأَيْت الْيَوْمَ الْأَسَدَ وَأَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ أَيْ غَيْرَ حُكْمٍ بِأَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْحُكْمِ وَالدَّاعِي لِلْمُصَنِّفِ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الظَّاهِرَ وَالنَّصَّ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُوصَفَ الْحُكْمُ بِهِمَا.

وَأَمَّا مَا قَالَهُ سم بَعْدَ التَّشْنِيعِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي أَنَّ مُجَرَّدَ مُخَالَفَةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِابْنِ الْحَاجِبِ لَا تَقْتَضِي الْمُخَالَفَةَ لِكَلَامِ الْقَوْمِ، فَإِنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ هَذَا الْفَنِّ كالباقلاني وَالْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنِ فُورَكٍ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ هُمْ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِمُوَافَقَتِهِمْ أَوْ مُخَالَفَتِهِمْ.

وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَهُمْ مُصَنِّفُونَ مُتَّبِعُونَ فَعَلَى الشَّيْخِ إنْ أَرَادَ تَصْحِيحَ اعْتِرَاضِهِ أَنْ يُبَيِّنَ كَلَامَ الْقَوْمِ الْمَذْكُورِينَ وَمُخَالَفَةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِجَمِيعِهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>