للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُكْمَ عَنْ الْمَسْكُوتِ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ وَهَذَا كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ هُنَا بِالْمَعْنَى عَبَّرَ عَنْهُ فِي مَبْحَثِ الْعَامِّ كَمَا سَيَأْتِي بِالْعَقْلِ.

وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ هُنَا بِالْعُرْفِ الْعَامِّ لِأَنَّهُ مَعْقُولٌ لِأَهْلِهِ (وَاحْتَجَّ بِاللَّقَبِ الدَّقَّاقُ وَالصَّيْرَفِيُّ) مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ) مِنْ الْمَالِكِيَّةِ (وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ)

ــ

[حاشية العطار]

أَنَّهُ لِلشَّأْنِ وَفِي إسْنَادِ نَفْيِ الْحُكْمِ إلَى الْمَذْكُورِ تَجَوُّزٌ، وَالْإِسْنَادُ الْحَقِيقِيُّ لِلْمُتَكَلِّمِ وَأَرَادَ بِالْمَذْكُورِ الْقَيْدَ كَالسَّائِمَةِ مَثَلًا وَفِي كَلَامِهِ قِيَاسٌ اسْتِثْنَائِيٌّ حُذِفَتْ اسْتِثْنَائِيَّتُهُ أَيْ وَاللَّازِمُ وَهُوَ عَدَمُ الْفَائِدَةِ فِي ذِكْرِهِ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ وَهُوَ عَدَمُ نَفْيِ الْمَذْكُورِ الْحُكْمُ عَنْ الْمَسْكُوتِ مِثْلُهُ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ إثْبَاتٌ لِلْوَضْعِ بِالْفَائِدَةِ وَالْوَضْعُ إنَّمَا يَثْبُتُ نَقْلًا لَا غَيْرَ.

وَأُجِيبَ بِمَنْعِ أَنَّهُ إثْبَاتٌ لِلْوَضْعِ بِالْفَائِدَةِ بَلْ ثَبَتَ بِالِاسْتِقْرَاءِ عَنْهُمْ أَنَّ كُلَّ مَا ظُنَّ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلَّفْظِ سِوَاهُ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةُ اللَّفْظِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ وَالْمُتَنَازِعُ فِيهِ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ

(قَوْلُهُ: الْحُكْمُ عَنْ الْمَسْكُوتِ إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ النَّاصِرُ بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ الْمَذْكُورِ مِنْ الصِّفَةِ وَغَيْرِهَا انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَنْ غَيْرِهِ لَا مَحَلِّهِ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ لِلْمَفْهُومِ كَمَا تَقَدَّمَ ثَلَاثَ إطْلَاقَاتٍ فَيُحْمَلُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ عَلَى مَا يُنَاسِبُهُ فَحَمَلَهُ الشَّارِحُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمَحَلِّ وَفِيمَا هُنَا عَلَى الْحُكْمِ وَحْدَهُ أَوْ هُوَ مَعَ مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلِاحْتِجَاجِ

(قَوْلُهُ: عَبَّرَ عَنْهُ إلَخْ) أَيْ مُخَالَفَةٌ بَيْنَ الْعِبَارَاتِ الثَّلَاثِ مَعْنًى فَكُلٌّ مِنْ الْعَقْلِ وَالْعُرْفِ الْعَامِّ وَالْمَعْنَى كِنَايَةٌ عَنْ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُولٌ لِأَهْلِ الْعُرْفِ الْعَامِّ وَنَاشِئٌ عَنْ نَظَرِ الْعَقْلِ فَيَصِحُّ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْعِبَارَاتِ الثَّلَاثَةِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) هَذَا تَصْحِيحٌ لِإِطْلَاقِ اسْمِ الْعَقْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الدَّقَّاقُ) هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَاضِي الْأُصُولِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ كَانَ مُعْتَزِلِيَّ الْعَقِيدَةِ فِي الْأَصْلِ وَالصَّيْرَفِيُّ هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ شَارِحُ الرِّسَالَةِ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ سُرَيْجٍ وَخُوَيْزِ مَنْدَادٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ بِمُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ بَدَلِ الْمِيمِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي التَّخْصِيصِ بِالذِّكْرِ سِوَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْغَيْرِ وَبِأَنَّ مَنْ قَالَ: لَيْسَتْ أُخْتِي بِزَانِيَةٍ يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ نِسْبَةُ الزِّنَا إلَى أُخْتِ الْخَصْمِ وَلِذَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَلَوْلَا مَفْهُومُ اللَّقَبِ لَمَا تَبَادَرَ، وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ مَنْعُ حَصْرِ الْفَائِدَةِ فِيهِ.

وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْقَرَائِنِ الْحَالِيَّةِ كَالْخِصَامِ وَإِرَادَةِ الْإِيذَاءِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِمْ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ عَلَمًا كَانَ نَحْوُ زَيْدٌ قَائِمٌ أَوْ اسْمَ جِنْسٍ كَقَوْلِك فِي الْغَنَمِ زَكَاةٌ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ الْقِيَاسُ وَالتَّالِي بَاطِلٌ اتِّفَاقًا أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِأَنَّ النَّفْيَ الدَّالَّ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ إنْ تَنَاوَلَ الْفَرْعَ فَلَا قِيَاسَ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ فِيهِ بِالنَّصِّ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ فَكَذَلِكَ إذْ النَّصُّ حِينَئِذٍ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ غَيْرِهِ.

وَالْفَرْعُ غَيْرُهُ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ الْحُكْمُ بِالْقِيَاسِ لِتَقَدُّمِ النَّصِّ الدَّالِّ عَلَى النَّفْيِ عَلَيْهِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَأَوْرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ مَفْهُومُ اللَّقَبِ لَلَزِمَ كُلٌّ مِنْ الْكُفْرِ وَالْكَذِبِ فِي نَحْوِ قَوْلِنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَيْدٌ مَوْجُودٌ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ بَدِيهَةً وَبَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ دَلَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ مُحَمَّدٍ لَيْسَ بِرَسُولٍ وَالثَّانِي عَلَى أَنَّ غَيْرَ زَيْدٍ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَمِنْ جُمْلَةِ الْغَيْرِ وُجُودُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَكِلَاهُمَا لَازِمٌ لِمَا ذُكِرَ لَا يُقَالُ اللَّازِمُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا تَحَقَّقَ شَرَائِطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ وَهُوَ هُنَا مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُقْتَضِي لِلتَّخْصِيصِ بِالذِّكْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>