للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ وُجُودٌ فِي الذِّهْنِ بِالْإِدْرَاكِ وَوُجُودٌ فِي الْخَارِجِ بِالتَّحَقُّقِ كَالْإِنْسَانِ بِخِلَافِ الْمَعْدُومِ فَلَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ كَبَحْرِ زِئْبَقٍ (مَوْضُوعٌ لِلْمَعْنَى الْخَارِجِيِّ لَا الذِّهْنِيِّ خِلَافًا لِلْإِمَامِ) الرَّازِيّ

ــ

[حاشية العطار]

الْمَوْضُوعَ لَهُ وَاحِدٌ بِالذَّاتِ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي أَنَّهُ هَلْ الْوَضْعُ لَهُ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ الذِّهْنِيِّ أَوْ الْخَارِجِيِّ أَوْ لَا مِنْ حَيْثُ شَيْءٌ

(قَوْلُهُ: لَهُ وُجُودٌ فِي الذِّهْنِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ، وَقَدْ نَفَاهُ الْمُتَكَلِّمُونَ وَأَثْبَتَهُ الْحُكَمَاءُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمُوَافِقِ لِلْحُكَمَاءِ، فَإِنَّ النَّافِيَ لَهُ جُمْهُورُهُمْ أَوْ الْمُرَادَ وُجُودٌ لَا عَلَى النَّحْوِ الَّذِي قَالَ بِهِ الْحُكَمَاءُ كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: وَوُجُودٌ فِي الْخَارِجِ بِالتَّحَقُّقِ) أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُودِ فِي الْخَارِجِ التَّحَقُّقُ بِمَعْنَى الثُّبُوتِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا مَا رَادَفَ الْأَعْيَانَ، فَإِنَّ لَفْظَ نِسْبَةِ اسْمُ جِنْسٍ نَكِرَةٌ وَلَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي بَلْ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَالثُّبُوتُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ شَامِلٌ لَهُ وَالْحَقَائِقُ الْكُلِّيَّةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ هُنَا وَأَوْفَقُ بِمَسَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ.

وَأَمَّا تَخْرِيجُ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ وُجُودِ الْكُلِّيِّ الطَّبِيعِيِّ الَّتِي حَارَتْ فِيهَا أَذْهَانُ الْأَذْكِيَاءِ كَمَا فَعَلَ الْحَوَاشِي هُنَا فَمُوجِبٌ لِصُعُوبَةِ الْمَرَامِ وَتَشْتِيتِ الْأَفْهَامِ

(قَوْلُهُ: كَالْإِنْسَانِ) الْأَوْلَى كَإِنْسَانٍ بِالتَّنْكِيرِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْآتِيَ فِي النَّكِرَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ وَمَدْخُولَهَا فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ قَالَ النَّاصِرُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكُلِّيَّ يَتَحَقَّقُ فِي الْخَارِجِ فِي ضِمْنِ جُزْئِيَّاتِهِ وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرِيٌّ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ وَإِلَّا لَكَانَ جُزْئِيًّا لِعَدَمِ قَبُولِ مَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ لِلِاشْتِرَاكِ نَعَمْ يَتَحَقَّقُ فِيهِ جُزْئِيَّاتٌ مُطَابِقَةٌ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَعْدُومِ) أَيْ بِخِلَافِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى مَعْنًى مَعْدُومٍ أَيْ فَلَا تَتَأَتَّى فِيهِ الْأَقْوَالُ؛ لِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْإِمَامِ) قَالَ النَّاصِرُ الْحَقُّ قَوْلُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي النَّكِرَةِ أَيْ مَا لَيْسَ بِمَعْرِفَةٍ وَهُوَ إمَّا اسْمُ جِنْسٍ وَهُوَ مَوْضُوعٌ لِلْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَإِمَّا نَكِرَةٌ وَهُوَ الْمَوْضُوعُ لِلْفَرْدِ الْمُنْتَشِرِ وَكِلَاهُمَا كُلِّيٌّ يَمْتَنِعُ تَحَقُّقُهُ فِي الْخَارِجِ فَهُمَا مَوْضُوعَانِ لِلذِّهْنِيِّ، وَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُهُمَا حَقِيقَةً عَلَى الْفَرْدِ الْمَوْجُودِ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهُ عَلَى الْمَوْضُوعِ لَهُ أَيْ عَلَى مَا يُطَابِقُهُ فَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>