للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخِلَافُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي اسْمِ الْجِنْسِ أَيْ فِي النَّكِرَةِ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ مِنْهُ مَا وُضِعَ لِلْخَارِجِيِّ وَمِنْهُ مَا وُضِعَ لِلذِّهْنِيِّ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَيْسَ لِكُلِّ مَعْنًى لَفْظٌ بَلْ) اللَّفْظُ (لِكُلِّ مَعْنًى مُحْتَاجٍ أَوْ اللَّفْظُ) فَإِنَّ أَنْوَاعَ الرَّوَائِحِ مَعَ كَثْرَتِهَا جِدًّا لَيْسَ لَهَا أَلْفَاظٌ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهَا بِالتَّقْيِيدِ كَرَائِحَةِ كَذَا فَلَيْسَتْ مُحْتَاجَةً إلَى الْأَلْفَاظِ وَكَذَلِكَ أَنْوَاعُ الْآلَامِ وَبَلْ هُنَا انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ (وَالْمُحْكَمُ) مِنْ (الْمُتَّضِحِ الْمَعْنَى)

ــ

[حاشية العطار]

كَوْنُهُ ذِهْنِيًّا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي النَّكِرَةِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِاسْمِ الْجِنْسِ خُصُوصَ مَا وُضِعَ لِلْمَاهِيَّةِ بَلْ يَشْمَلُ مَا وُضِعَ لِلْفَرْدِ الْمُنْتَشِرِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَذُكِرَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا لَفْظٌ (قَوْلُهُ: لِلْخَارِجِيِّ) كَعَلَمِ الشَّخْصِ

(قَوْلُهُ: مَا وُضِعَ لِلذِّهْنِيِّ) كَاسْمِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) مِنْ أَنَّ عِلْمَ الشَّخْصِ مَا وُضِعَ لِمُعَيَّنٍ فِي الْخَارِجِ، وَعِلْمُ الْجِنْسِ مَا وُضِعَ لِمُعَيِّنٍ فِي الذِّهْنِيِّ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِكُلِّ مَعْنًى لَفْظٌ) مُحْتَمِلٌ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ وَالْجَوَازِ وَبِهِمَا قِيلَ.

وَقَالَ فِي الْمَحْصُولِ لَا يَجِبُ بَلْ لَا يَجُوزُ قَالَ النَّاصِرُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْنَى هُوَ الْخَارِجِيُّ، وَإِنَّ أُرِيدَ بِهِ الصُّورَةُ الذِّهْنِيَّةُ مِنْ حَيْثُ وُضِعَ بِإِزَائِهَا لَفْظٌ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ لِكُلِّ مَعْنًى لَفْظًا اهـ.

وَرَدَّهُ سم بِأَنَّ الْإِمَامَ مَعَ قَوْلِهِ بِأَنَّ اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لِلْمَعْنَى الذِّهْنِيِّ قَائِلٌ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ بِالْمَعَانِي فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ صُورَةٍ ذِهْنِيَّةٍ لَهَا لَفْظٌ خَاصٌّ بِهَا وَمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ الْمَحْصُولِ عَنْ التَّبْرِيزِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِاللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ اللَّفْظَ الدَّالَّ كَانَ مَخْصُوصًا بِهِ أَمْ لَا مُفْرَدًا أَوْ مُرَكَّبًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا وَقَعَ؛ لِأَنَّ الْفَصِيحَ لَا يَعْجِزُ عَنْ التَّعْبِيرِ عَمَّا فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مَا يَدُلُّ بِالْمُطَابَقَةِ مُفْرَدًا فَاسْتِيعَابُ الْوَضْعِ لِجَمِيعِ الْمَعَانِي غَيْرُ مَعْلُومٍ بِدَلِيلِ الْحَالِ وَالرَّوَائِحِ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ أَنْوَاعَ الرَّوَائِحِ) لِلرَّوَائِحِ جِنْسٌ عَالٍ وَهُوَ مَقُولَةُ الْكَيْفِ وَتَحْتَهُ رَائِحَةٌ وَهَذَا الْجِنْسُ تَحْتَهُ جِنْسَانِ أَيْضًا عَطِرَةٌ وَمُنْتِنَةٌ وَتَحْتَ هَذَيْنِ أَنْوَاعٌ هِيَ رَائِحَةُ مِسْكٍ وَرَائِحَةُ عَنْبَرٍ وَرَائِحَةُ جِيفَةٍ وَرَائِحَةُ عَذِرَةٍ إلَخْ فَاكْتَفَوْا فِي التَّعْبِيرِ عَنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ بِالْمُرَكَّبِ التَّقْيِيدِيِّ مَعَ أَنَّ أَجْنَاسَهَا دَلَّ عَلَيْهَا بِأَلْفَاظٍ مُفْرَدَةٍ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يُمْكِنُ الْوَضْعُ لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاضِعَ هُوَ الْبَشَرُ إمَّا عَلَى أَنَّهُ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَإِنَّ الْوَضْعَ لِمَصْلَحَةِ تَخَاطُبِ الْبَشَرِ وَلَا يُخَاطَبُونَ بِمَا لَا يَعْقِلُونَهُ فَلَا وَضْعَ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ زَائِدٌ عَلَى مَا يَخُصُّنَا، فَإِنَّ الْمَوْضُوعَ إنَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ لِلَّفْظِ لَا وَضْعَ وَعَدَمُ الِانْضِبَاطِ قَدْرٌ زَائِدٌ وَاَلَّذِي يُنْتِجُهُ تَعَسُّرُ الْوَضْعِ أَوْ تَعَذُّرُهُ لَا عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ فَلَا يُنْتِجُ. قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ مُحْتَاجَةً فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهَا إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهَا) أَيْ دَلَالَةَ كِفَايَةٍ فِي الْغَرَضِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمَعَانِي الْمَوْضُوعِ لَهَا الْأَلْفَاظُ يَدُلُّ عَلَيْهَا بِالتَّقْيِيدِيِّ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهَا أَلْفَاظٌ) أَيْ خَاصَّةً مِنْ أَصْلِ الْوَضْعِ

(قَوْلُهُ: أَنْوَاعُ الْآلَامِ) أَيْ مُعْظَمُهَا وَإِلَّا فَلِبَعْضِهَا أَسْمَاءٌ خَاصَّةٌ كَالصُّدَاعِ وَالرَّمَدِ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ لَيْسَتْ مَوْضُوعَةً لِلْأَلَمِ فَالرَّمَدُ مَثَلًا مَوْضُوعٌ لِهَيَجَانِ الْعَيْنِ وَإِلَّا لَمْ يَنْشَأْ

<<  <  ج: ص:  >  >>