للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ) كَالْإِنْسَانِ، وَالْبَشَرِ فَمُتَرَادِفٌ، أَيْ: فَأَحَدُ اللَّفْظَيْنِ مَثَلًا مَعَ الْآخَرِ مُتَرَادِفٌ لِتَرَادُفِهِمَا أَيْ تَوَالِيهِمَا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ (وَعَكْسُهُ) ، وَهُوَ أَنْ يَتَّحِدَ اللَّفْظُ وَيَتَعَدَّدُ الْمَعْنَى كَأَنْ يَكُونَ لِلَّفْظِ مَعْنَيَانِ (إنْ كَانَ) أَيْ اللَّفْظُ (حَقِيقَةً فِيهِمَا) ، أَيْ: فِي الْمَعْنَيَيْنِ مَثَلًا كَالْقُرْءِ لِلْحَيْضِ، وَالطُّهْرِ (فَمُشْتَرَكٌ) ؛ لِاشْتِرَاكِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ

ــ

[حاشية العطار]

لَزِمَ عَطْفُ الْآخَرِ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ مُنَازَعٌ فِيهِ.

(قَوْلُهُ:، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ إلَخْ) إنْ أَرَادَ بِالْمَعْنَى الذَّاتَ دَخَلَ الْمُتَسَاوِيَانِ كَالْإِنْسَانِ، وَالضَّاحِكِ فِي هَذَا الْقِسْمِ؛ لِاتِّحَادِ الْمَعْنَى بِمَعْنَى الذَّاتِ فِيهِمَا دُونَ اللَّفْظِ وَلَيْسَا مِنْهُ؛ لِاشْتِرَاطِ الِاتِّحَادِ فِي الْمَفْهُومِ فِيهِ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَفْهُومُ دَخَلَا فِي التَّبَايُنِ وَلَيْسَا مِنْهُ أَيْضًا، وَإِنْ أُرِيدَ الْأَعَمُّ مِنْ الذَّاتِ، وَالْمَفْهُومِ دَخَلَا فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمَعْنَى الْمَفْهُومَ فَيَدْخُلَانِ فِي التَّبَايُنِ، أَوْ الذَّاتَ فَيَدْخُلَانِ فِي التَّرَادُفِ وَيَكُونُ ذَلِكَ اصْطِلَاحًا مِنْهُ هَذَا مُحَصَّلُ مَا أَطَالَ بِهِ سم وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُرَادَ بِالْمَعْنَى مَا هُوَ أَعَمُّ يَلْزَمُ فَسَادٌ فِي التَّقْسِيمِ بِالْإِيهَامِ فِي الْقِسْمَيْنِ وَبِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمُرَادِ مِنْ الْمَعْنَى فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُتَسَاوِيَانِ قِسْمًا مُسْتَقِلًّا غَيْرَ دَاخِلٍ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْقِسْمَيْنِ فَيَعُودُ الْمَحْذُورُ.

الثَّانِي: أَنَّ دَعْوَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَهُ أَنْ يَصْطَلِحَ عَلَى مَا ذُكِرَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا مُشَاحَةَ فِي الِاصْطِلَاحِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ ارْتِفَاعُ الثِّقَةِ بِالْحَقَائِقِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ خُصُوصًا الْمَفَاهِيمَ الَّتِي يَسْتَعْلِمُهَا أَرْبَابُ الِاصْطِلَاحِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا.

وَقَدْ شَنَّعَ الرَّازِيّ فِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ مِثْلَ السَّيْفِ، وَالصَّارِمِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُتَرَادِفَةِ لِصِدْقِهِمَا عَلَى ذَاتٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ إنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ التَّرَادُفَ هُوَ الِاتِّحَادُ فِي الْمَفْهُومِ لَا الِاتِّحَادُ فِي الذَّاتِ نَعَمْ الِاتِّحَادُ فِي الذَّاتِ مِنْ لَوَازِمِ اتِّحَادِ فِي الْمَفْهُومِ دُونَ الْعَكْسِ اهـ.

وَأَقَرَّهُ السَّيِّدُ وَعَبْدُ الْحَكِيمِ وَبَقِيَّةُ حَوَاشِيهِ، فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَلَّ بِذِكْرِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ كَإِخْلَالِهِ بِذِكْرِ الْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ بَيْنَ الْمُطْلَقِ، وَالْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ الْوَجْهِيِّ إنْ أَدْخَلَ الْأَخِيرَيْنِ تَحْتَ التَّبَايُنِ بِالتَّأْوِيلِ السَّابِقِ، وَقَدْ نَبَّهْنَاك فِي صَدْرِ الْمَبْحَثِ عَلَى أَنَّ التَّقْسِيمَ لَا يَخْلُو عَنْ خَلَلٍ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ أَهْوَنُ مِنْ تَغْيِيرِ الِاصْطِلَاحَاتِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) عَكْسًا لُغَوِيًّا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى، وَاللَّفْظِ مَعَ بَقَاءِ الِاتِّحَادِ وَالتَّعَدُّدِ فِي مَحَلِّهِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ الِاتِّحَادِ وَالْعَدَدِ مَعَ بَقَاءِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِحَالِهِمَا وَلَيْسَ هَذَا حَقِيقَةَ الْعَكْسِ اللُّغَوِيِّ فِي الْوَاقِعِ فَإِنَّهُ عَلَى قِيَاسِ سَابِقَةِ تَعَدَّدَ اللَّفْظُ وَاتَّحَدَ الْمَعْنَى وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، بَلْ الْمُرَادُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: مَعْنَيَانِ) ، أَوْ مَعَانٍ؛ وَلِذَلِكَ أَتَى بِالْكَافِ (قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاكِ الْمَعْنَى) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ مِنْ الْحَذْفِ، وَالْإِيصَالِ، وَهَاهُنَا أَمْرَانِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ مَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمَوْضُوعِ بِالْوَضْعِ الْعَامِّ لِلْمَوْضُوعِ لَهُ الْخَاصِّ كَالضَّمَائِرِ، وَالْمَوْصُولَاتِ وَأَسْمَاءِ الْإِشَارَةِ مِمَّا اتَّحَدَ فِيهِ الْوَضْعُ وَتَعَدَّدَ الْمَعْنَى لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمُشْتَرَكِ لِتَعَدُّدِ الْوَضْعِ فِيهِ وَاتِّحَادِهِ فِيمَا هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.

الثَّانِي: الْمَنْقُولُ فَإِنَّهُ لَفْظٌ وَاحِدٌ تَعَدَّدَ مَعْنَاهُ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ، وَالْمَنْقُولُ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُجَابُ أَمَّا عَنْ الْأَوَّلِ فَلِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ جَرَى عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ إنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلْأُمُورِ الْكُلِّيَّةِ كَمَا هُوَ مُخْتَارُ السَّعْدِ، وَمَذْهَبُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الْعِصَامُ فِي شَرْحِ الْوَضْعِيَّةِ فَتَدْخُلُ تَحْتَ مَا مَوْضُوعُهُ كُلِّيٌّ، أَوْ يَقُولُ بِمَذْهَبِ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِي اسْتَحْدَثَهُ الْعَضُدُ وَتَبِعَهُ فِيهِ السَّيِّدُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا جُزْئِيَّاتٌ وَضْعًا وَاسْتِعْمَالًا وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِتَعَدُّدِ الْوَضْعِ فِي الْمُشْتَرَكِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْوَضْعِ الْحَقِيقِيِّ، وَالْحُكْمِيِّ.

وَقَدْ نَصَّ السَّيِّدُ عَلَى أَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ حَيْثُ الِاحْتِيَاجُ فِيهَا إلَى الْقَرِينَةِ هَذَا كُلُّهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَإِنْ دَقَّقْنَا النَّظَرَ وَرَجَعْنَا إلَى مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي الْمُطَوَّلِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ لَفْظِيٌّ وَنِزَاعُ الْعِصَامِ فِي تَعَدُّدِ الْوَضْعِ فِي الْمُشْتَرَكِ كَانَتْ مِنْ قِبَلِهِ مُطْلَقًا وَتَحْقِيقُهُ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْوَضْعِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>