للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ التَّقَدُّمِ كَالْبَيَاضِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ فِي الثَّلْجِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْعَاجِ، وَالْوُجُودِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ فِي الْوَاجِبِ قَبْلَهُ فِي الْمُمْكِنِ سُمِّيَ مُشَكِّكًا لِتَشْكِيكِهِ النَّاظِرَ فِيهِ فِي أَنَّهُ مُتَوَاطِئٌ نَظَرًا إلَى جِهَةِ اشْتِرَاكِ الْأَفْرَادِ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى، أَوْ غَيْرُ مُتَوَاطِئٍ نَظَرًا إلَى جِهَةِ الِاخْتِلَافِ.

(وَإِنْ تَعَدَّدَا) ، أَيْ: اللَّفْظُ، وَالْمَعْنَى كَالْإِنْسَانِ، وَالْفَرَسِ (فَمُتَبَايِنٌ) ، أَيْ: فَأَحَدُ اللَّفْظَيْنِ مَثَلًا مَعَ الْآخَرِ مُتَبَايِنٌ لِتَبَايُنِ مَعْنَاهُمَا

ــ

[حاشية العطار]

وَهُوَ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي وُقُوعِهِ عَلَى أَفْرَادِهِ وَحُصُولِهِ فِيهَا فَاعْتُبِرَ قِسْمًا عَلَى حِدَةٍ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُقَابِلًا لِمَا لَيْسَ فِيهِ هَذَا التَّفَاوُتُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ التَّقَدُّمِ) أَيْ بِالذَّاتِ؛ إذْ لَا اعْتِبَارَ لِلتَّقَدُّمِ الزَّمَانِيِّ فِي التَّشْكِيكِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي الشَّمْسِيَّةِ فَسَقَطَ قَوْلُ النَّاصِرِ، أَوْ بِالزَّمَانِ؛ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ مُشَكَّكًا لِتَقَدُّمِ أَفْرَادِهِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ تَقَدُّمًا زَمَانِيًّا وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْحَفِيدِ فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْأَشَدِّيَّةَ بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ الْأَفْرَادِ، أَوْ كَمَالِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يُوجَدُ فِي الْمُتَوَاطِئِ كَالْإِنْسَانِ؛ إذْ بَعْضُ أَفْرَادِهِ كَنَبِيِّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَكْثَرُ وَأَكْمَلُ بِحَسَبِ الْخَوَاصِّ الْإِنْسَانِيَّةِ كَالْإِدْرَاكِ مِنْ غَيْرِهِ كَيَحْيَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَمِمَّا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ ابْتَهَجَ بِنَقْلِهِ سم فَإِنَّهُمْ فَسَّرُوا الْأَشَدِّيَّةَ بِأَكْثَرِيَّةِ آثَارِ الْمَاهِيَّةِ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ فَأُورِدَ عَلَيْهِمْ أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّشْكِيكَ فِي الذَّاتِيَّاتِ وَلَا يَصِحُّ فِيهَا؛ لِأَنَّ الذَّاتِيَّاتِ لَا تَقْبَلُ التَّفَاوُتَ.

وَأَجَابَ الْجَلَالُ الدَّوَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ الشَّرْحِ الْجَدِيدِ لِلتَّجْرِيدِ بِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِ أَحَدَ الْفَرْدَيْنِ أَشَدَّ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَنْتَزِعُ مِنْهُ الْعَقْلُ بِمَعُونَةِ الْوَهْمِ أَمْثَالَ الْأَضْعَفِ وَيُحَلِّلُهُ إلَيْهَا بِضَرْبٍ مِنْ التَّحْلِيلِ فَمَفْهُومُ الْأَسْوَدِ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ عَلَى أَسْوَدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ السَّوَادَ فِي أَحَدِهِمَا أَزْيَدُ مِنْ الْآخَرِ بِمَعْنَى أَنَّ الْعَقْلَ بِمَعُونَةِ الْوَهْمِ يَنْتَزِعُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَمْثَالَ الْآخَرِ اهـ.

وَمِمَّا يَخْدِشُهُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ بَهْمَنْيَارَ سَابِقًا. نَعَمْ نَقَلَ شَارِحُ سُلَّمِ الْعُلُومِ عَبْدُ الْعَلِيِّ الْهِنْدِيُّ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا هَلْ الْجَوْهَرُ يَشْتَدُّ أَمْ لَا قَالَ الْإِشْرَاقِيُّونَ نَعَمْ بِمَعْنَى كَمَالِ الْمَاهِيَّةِ، وَالْمَاهِيَّةُ الْجَوْهَرِيَّةُ فِي الْفِيلِ أَكْمَلُ مِنْ الْبَعُوضَةِ لِظُهُورِ آثَارِ الْكَثْرَةِ فِي الْفِعْلِ دُونَهَا.

وَقَدْ ادَّعَوْا فِيهِ الْمُشَاهَدَةَ بِالرِّيَاضَاتِ وَقَالَ الْمَشَّاءُونَ لَا يَشْتَدُّ الْجَوْهَرُ وَلَمْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ دَلِيلًا، بَلْ بَنَوْا عَلَى مَجْرَى الْعُرْفِ حَيْثُ لَمْ يُطْلَقْ عَلَى جَوْهَرٍ أَشَدَّ مِنْ جَوْهَرٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: كَالْوُجُودِ) جَعَلَهُ الرَّازِيّ فِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ مِثَالًا لِلْأَوْلَوِيَّةِ، وَالتَّقَدُّمِ، وَالتَّأَخُّرِ، وَالشِّدَّةِ، وَالضَّعْفِ وَتَوْجِيهُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: جِهَةِ اشْتِرَاكِ الْأَفْرَادِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَوَافُقُ الْأَفْرَادِ الْمُنَاسِبِ لِلتَّوَاطُؤِ.

(قَوْلُهُ: فَمُتَبَايِنٌ) قَالَ النَّاصِرُ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ تَعَدُّدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى لَا يَنْحَصِرُ فِي التَّبَايُنِ لِصِدْقِهِ عَلَى نَحْوِ الْإِنْسَانِ، وَالْبَشَرِ، وَالْفَرَسِ اهـ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُتَعَدِّدِ الْمَعْنَى وَلَا تَعَدُّدَ لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِنْسَانِ، وَالْبَشَرِ فَلَا تَبَايُنَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ لَفْظِ الْفَرَسِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُتَبَايِنٌ قَالَ سم وَيَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ أَعَمَّ مِنْ التَّبَايُنِ كُلِّيًّا، أَوْ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى يَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقًا، أَوْ مِنْ وَجْهٍ، وَإِلَّا لَزِمَ خُرُوجُ ذَلِكَ عَنْ جَمِيعِ الْأَقْسَامِ وَكَانَ نَاقِضًا لِلتَّقْسِيمِ. اهـ.

وَأَقُولُ: اسْتِعْمَالُ التَّبَايُنِ فِي الْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ الْوَجْهِيِّ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالتَّبَايُنِ الْجُزْئِيِّ شَائِعٌ وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ فِي الْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ الْمُطْلَقِ فَفِي دُخُولِهِ تَحْتَ التَّبَايُنِ فِي الْجُمْلَةِ تَوَقُّفٌ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَايِنَ الْمَجْمُوعُ لَا أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّ التَّفَاعُلَ يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ، وَإِنَّمَا الْأَحَدُ مُبَايِنٌ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مُبَايِنٌ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعَ تَقَوُّمٍ مَقَامَ الْوَاوِ، وَإِنْ كَانَ الْفَصِيحُ الْوَاوُ، وَلَكِنَّ الْأَنْسَبَ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلُهُ مَعَ الْآخَرِ عَنْ قَوْلِهِ مُتَبَايِنٌ، وَمَا قَالَهُ الْحَرِيرِيُّ فِي دُرَّةِ الْغَوَّاصِ مَا كَانَ عَلَى وَزْنِ تَفَاعَلَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْفِعْلِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَمَتَى أَسْنَدَ الْفِعْلَ مِنْهُ إلَى أَحَدِ الْفَاعِلَيْنِ لَزِمَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهِ الْآخَرَ بِالْوَاوِ لَا غَيْرُ اهـ.

فَأَفَادَ كَلَامُهُ أَمْرَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ لَا يُقَالُ تَبَايَنَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو الثَّانِي أَنَّ تَفَاعَلَ إذَا أُسْنِدَ إلَى أَحَدِ الْفَاعِلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>