للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ وُجِدَ وَامْتَنَعَ غَيْرُهُ كَالْإِلَهِ، أَيْ: الْمَعْبُودِ بِحَقٍّ، أَوْ أَمْكَنَ وَلَمْ يُوجَدْ كَالشَّمْسِ أَيْ الْكَوْكَبِ النَّهَارِيِّ الْمُضِيءِ، أَوْ وُجِدَ كَالْإِنْسَانِ، أَيْ: الْحَيَوَانِ النَّاطِقِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَدْلُولِ بِالْجُزْئِيِّ، وَالْكُلِّيِّ هُوَ الْحَقِيقَةُ، وَمَا هُنَا مَجَازٌ مِنْ تَسْمِيَةِ الدَّالِّ بِاسْمِ الْمَدْلُولِ (مُتَوَاطِئٌ) ذَلِكَ الْكُلِّيِّ (إنْ اسْتَوَى مَعْنَاهُ فِي أَفْرَادِهِ) كَالْإِنْسَانِ فَإِنَّهُ مُتَسَاوِي الْمَعْنَى فِي أَفْرَادِهِ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَغَيْرِهِمَا. أُسْمِيَ مُتَوَاطِئًا مِنْ التَّوَاطُؤِ، أَيْ: التَّوَافُقِ لِتَوَافُقِ أَفْرَادِ مَعْنَاهُ فِيهِ (مُشَكِّكٌ إنْ تَفَاوَتَ) مَعْنَاهُ فِي أَفْرَادِهِ بِالشِّدَّةِ

ــ

[حاشية العطار]

تَحْتَهُ الْوَاجِبُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ وُجِدَ) أَيْ الْفَرْدُ.

(قَوْلُهُ: كَالْإِلَهِ) فَإِنَّ امْتِنَاعَ الشَّرِكَةِ فِيهِ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ تَصَوُّرِ مَعْنَاهُ فِي الذِّهْنِ، بَلْ نَظَرِ الدَّلِيلِ الْخَارِجِيِّ؛ وَلِهَذَا ضَلَّ كَثِيرٌ بِالِاشْتِرَاكِ وَلَوْ كَانَتْ وَحْدَانِيُّتُهُ تَعَالَى بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ لَمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ عَاقِلٍ. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَفِي ذِكْرِ الْمَنَاطِقَةِ هَذَا الْمِثَالَ نَوْعُ إسَاءَةِ أَدَبٍ.

وَقَدْ كَانَ اللَّائِقُ بِالشَّارِحِ تَرْكَ هَذَا التَّقْسِيمِ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ، ثُمَّ إنَّهُ ذَكَرَ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ وَتَرَكَ سَادِسًا، وَهُوَ الْمُنْدَرِجُ تَحْتَ قَوْلِهِ، أَوْ وُجِدَ؛ لِأَنَّ مَا وُجِدَتْ أَفْرَادُهُ خَارِجًا إمَّا أَنْ تَنَاهَى تِلْكَ الْأَفْرَادُ كَالْإِنْسَانِ، أَوْ لَا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمْثِيلُهُ إلَّا عَلَى مَذْهَبِ الْحُكَمَاءِ، وَمَثَّلَ لَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَكَلِّمِينَ بِمَوْجُودٍ فَإِنَّ أَفْرَادَهُ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ بِاعْتِبَارِ شُمُولِهَا لِكِمَالَاتِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وَفِي ذَلِكَ نِزَاعٌ بَيْنَهُمْ، وَالْحُكَمَاءُ مَثَّلُوا لَهُ بِالنُّفُوسِ النَّاطِقَةِ بِنَاءً عَلَى مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ مِنْ قِدَمِ الْعَالَمِ وَعَدَمِ الْقَوْلِ بِالتَّنَاسُخِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ أَرِسْطَاطَالِيسُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ النُّفُوسُ النَّاطِقَةُ الْمُفَارِقَةُ عَنْ الْأَبَدَانِ غَيْرَ مُتَنَاهِيَةٍ وَأَمَّا مَا قَالَ بِهِ أَفْلَاطُونُ مِنْ التَّنَاسُخِ فَإِنَّهَا عِنْدَهُ مُتَنَاهِيَةٌ، ثُمَّ إنَّهُ أُورِدَ عَلَى الْحَصْرِ فِي الْأَقْسَامِ السِّتَّةِ أَنَّ الْكُلِّيَّ الْمَعْدُومَ الْمُمْكِنَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْحَصِرًا فِي فَرْدٍ مَعَ امْتِنَاعِ غَيْرِهِ أَوْ لَا وَأَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدًا لِأَفْرَادٍ مُتَنَاهِيَةٍ أَمْ لَا؟ .

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَصْرُ الْأَقْسَامِ الْمُحَقَّقَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَمَا ذُكِرَ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ عَقْلِيٍّ.

(قَوْلُهُ: إنْ اسْتَوَى مَعْنَاهُ إلَخْ) بِأَنْ يَكُونَ صَدَقَةُ عَلَيْهَا بِالسَّوِيَّةِ، فَالْأَفْرَادُ الَّتِي يَفْرِضُهَا الْعَقْلُ يَفْرِضُهَا مُتَّفِقَةً مَعَ الْفَرْدِ الْخَارِجِيِّ الْمَوْجُودِ فِي جَمِيعِ مَا عَدَا التَّشَخُّصَ؛ إذْ لَا مَبْدَأَ لِانْتِزَاعِ مُقَوِّمٍ لِتِلْكَ الْأَفْرَادِ مُخَالِفٍ لِمُقَوِّمِ الْفَرْدِ الْمَوْجُودِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ زَيْدًا أَشَدُّ، أَوْ أَقْوَمُ، أَوْ، أَوْلَى بِالْإِنْسَانِيَّةِ مِنْ عَمْرٍو عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ بَهْمَنْيَارَ أَنَّ مِعْيَارَ التَّشْكِيكِ اسْتِعْمَالُ صِيغَةِ التَّفْضِيلِ (قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ فِي أَفْرَادِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِوَاءَ، وَالتَّفَاوُتَ مِمَّا يُسْنَدُ إلَى مُتَعَدِّدٍ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ ثَابِتٌ لِلْأَفْرَادِ فِي أَنْفُسِهَا.

وَأَمَّا ثُبُوتُهُ لِلْمَعْنَى فَبِاعْتِبَارِ وُجُودِهِ فِي الْأَفْرَادِ وَاتِّفَاقِهِ فِيهَا فَيَصِحُّ إسْنَادُ ذَلِكَ إلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَالشَّارِحُ جَارَى عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ فَإِنَّهُ مُتَسَاوِي الْمَعْنَى وَرَاعَى الْحَقِيقَةَ فَقَالَ: آخِرُ التَّوَافُقِ إفْرَادُ مَعْنَاهُ.

(قَوْلُهُ: كَالْإِنْسَانِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَفْرَادِهِ، وَهِيَ الْمَاصَدَقَ، أَوْ إلَى حِصَصِهِ أَيْضًا الَّتِي هِيَ أَفْرَادُ الْإِنْسَانِيَّةِ، فَالْمُتَوَاطِئُ يَتَحَقَّقُ فِي الْمُشْتَقَّاتِ، وَالْمَبَادِئِ وَأَمَّا التَّشْكِيكُ فَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمُشْتَقَّاتِ فَقَطْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَقِّقُو الْمَنَاطِقَةِ.

(قَوْلُهُ: مُشَكِّكٌ) شُكَّ فِيهِ بِأَنَّ التَّفَاوُتَ إنْ كَانَ دَاخِلًا فِي مَفْهُومِ اللَّفْظِ كَانَ مُشْتَرَكًا، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا فَمُتَوَاطِئٌ.

وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>