للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَقْسَامِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وُضِعَا لِمُعَيَّنٍ

ــ

[حاشية العطار]

مُتَعَيِّنًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّ بَيْنَ مُصَاحَبَةِ التَّعَيُّنِ، وَمُلَاحَظَتِهِ فَرْقٌ جَلِيٌّ اهـ.

فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَوَائِدِ الْغِيَاثِيَّةِ وَفِي حَاشِيَةِ عَبْدِ الْحَكِيمِ عَلَى الْمُطَوَّلِ، وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ وَكُتُبُ مُحَقِّقِي الْأَعَاجِمِ مَشْحُونَةٌ بِذِكْرِهِ فَلَا تَغْتَرَّ بِمَا وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِمَّنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْدَهُ وَلَا اطِّلَاعَ عَلَى كَلَامِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ الْمُرَادَ ذِهْنُ الْوَاضِعِ وَبَعْضُ ذِهْنِ الْمُسْتَعْمِلِ وَآخَرُ يَجْعَلُ الْمَسْأَلَةَ خِلَافِيَّةً فَيَقُولُ هَلْ الْمُرَادُ ذِهْنُ الْمُسْتَقْبِلِ، أَوْ السَّامِعِ، وَالْعَجَبُ مِنْ الْعَلَّامَةِ سم، وَالْمُحَقِّقِ النَّاصِرِ حَيْثُ غَفَلَا عَنْ ذَلِكَ مَعَ سَعَةِ اطِّلَاعِهِمَا فَقَالَ الْأَوَّلُ إنَّ النَّكِرَةَ وُضِعَ لِمُعَيَّنٍ أَيْضًا؛ إذْ الْوَاضِعُ إنَّمَا يَضَعُ لِمُعَيَّنٍ فَقَوْلُهُ خَرَجَ النَّكِرَةُ مَمْنُوعٌ.

وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ وُضِعَ لِمُعَيَّنٍ بِاعْتِبَارِ تَعَيُّنِهِ فَخَرَجَ النَّكِرَةُ فَإِنَّهُ وَإِنْ وُضِعَ لِمُعَيَّنٍ لَمْ يُعْتَبَرْ تَعَيُّنُهُ وَقَالَ الثَّانِي عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وُضِعَ لِمُعَيَّنٍ، أَيْ: عِنْدَ الْمُسْتَعْمِلِ اهـ.

فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَأَمَّا مَا أَوْرَدَهُ الثَّانِي عَلَى التَّعْرِيفِ مِنْ عَدَمِ شُمُولِهِ الْعَلَم بِالْغَلَبَةِ وَصِدْقِهِ عَلَى الْمُعَرَّفِ فَاللَّامُ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْحَقِيقَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهَا اهـ.

فَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ غَلَبَةَ اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعْمَلِينَ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْوَضْعِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْفَوَائِدِ الضِّيَائِيَّةِ فَيَدْجُلُ الْعَلَمُ بِالْغَلَبَةِ بِشُمُولِ الْوَضْعِ لِلتَّحْقِيقِيِّ، وَالْحُكْمِيِّ.

وَعَنْ الثَّانِي بِمَا حَقَّقَهُ الْفَاضِلُ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي الْمُطَوَّلِ مِنْ أَنَّ لَامَ التَّعْرِيفِ حَرْفٌ وُضِعَ لِمَفْهُومٍ كُلِّيٍّ هُوَ تَعْيِينُ مَدْخُولِهِ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي الْجُزْئِيَّاتِ، أَوْ لِتِلْكَ الْجُزْئِيَّاتِ عَلَى اخْتِلَافِ الرَّأْيَيْنِ وَاسْمُ الْجِنْسِ مَوْضُوعٌ لِمَعْنَاهُ أَعْنِي الْمَاهِيَّةَ، أَوْ الْفَرْدَ الْمُنْتَشِرَ عَلَى اخْتِلَافِ الرَّأْيَيْنِ، وَالْمَجْمُوعُ مَوْضُوعٌ بِالْوَضْعِ التَّرْكِيبِيِّ لِمُعَيَّنٍ عِنْدَ السَّامِعِ هُوَ مَفْهُومُ مَدْخُولُهُ، أَوْ حِصَّتِهِ مِنْهُ فَأَفَادَ أَنَّ فِيهِ وَضْعَيْنِ فَيُفَارِقُ الْعَلَمَ بِأَنَّ الْوَضْعَ فِيهِ شَخْصِيٌّ بِخِلَافِهِ فَلَا يَدْخُلُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ؛ إذْ الْمَعْنَى مَا وُضِعَ وَضْعًا وَاحِدًا شَخْصِيًّا، وَالْمُعَرَّفُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَمْ يَدْخُلْ ولسم هُنَا كَلَامٌ طَوِيلُ الذَّيْلِ قَلِيلُ النَّيْلِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَقْسَامِ) مِنْ لِلْبَيَانِ الْمَشُوبِ بِالتَّبْعِيضِ فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ النَّاصِرِ لَفْظَةَ بَاقِي لِإِخْرَاجِ الْعَلَمِ كَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا وَوَقَعَ كَثِيرًا مِثْلُهُ فِي حَوَاشِي الْمُتَأَخِّرِينَ حَتَّى صَارَ قَوْلُهُمْ إنَّ مِنْ لِلْبَيَانِ الْمَشُوبِ بِالتَّبْعِيضِ سُلَّمًا يَرْتَقُونَ بِهِ لِتَأْوِيلَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْبَيَانَ مُغَايِرٌ للِتَّبْعِيضِ فَكَيْفَ يُجَامِعُهُ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا فِي رِسَالَةٍ لَهُ مُسْتَقِلَّةٍ فِي مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ إنَّ الْبَعْضِيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي مِنْ هِيَ الْبَعْضِيَّةُ فِي الْأَجْزَاءِ دُونَ الْأَفْرَادِ عَلَى خِلَافِ التَّنْكِيرِ الَّذِي يَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ وَبِهِ تُفَارِقُ مِنْ التَّبْعِيضِيَّةُ مِنْ الْبَيَانِيَّةَ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّضِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ وَنَعْرِفُهَا أَيْ نَعْرِفُ مِنْ الْبَيَانِيَّةَ بِأَنْ يَكُونَ قَبْلَ مِنْ أَوْ بَعْدَهَا مُبْهَمٌ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُورُ بِمِنْ تَفْسِيرًا لَهُ وَيَقَعُ ذَلِكَ الْمَجْرُورُ عَلَى ذَلِكَ الْمُبْهَمِ كَمَا يُقَالُ مَثَلًا لِلرِّجْسِ إنَّهُ الْأَوْثَانُ وَلَعِشْرُونَ إنَّهَا الدَّرَاهِمُ وَلِلضَّمِيرِ مِنْ قَوْلِك عَزَّ مِنْ قَائِلٍ أَنَّهُ الْقَائِلُ بِخِلَافِ التَّبْعِيضِيَّةِ فَإِنَّ الْمَجْرُورَ بِهَا لَا يُطْلَقُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ قَبْلَهَا، أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَذْكُورَ

<<  <  ج: ص:  >  >>