أَيْ فَرْعٌ عَنْهُ (وَلَوْ) كَانَ الْآخَرُ (مَجَازًا لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى) بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَى الثَّانِي
ــ
[حاشية العطار]
إلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ فَرْعٌ عَنْهُ) التَّعْبِيرُ بِالْفَرْعِيَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ الِاشْتِقَاقَ لَا يَقَعُ فِي الْأَعْلَامِ الْمُرْتَجَلَةِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَسِيطِ فَقَالَ التَّحْقِيقُ أَنَّ الِاشْتِقَاقَ يَقْدَحُ فِي الِارْتِجَالِ؛ لِأَنَّهُ حَالَ الِاشْتِقَاقِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ اشْتِقَاقُهُ لِمَعْنًى فَإِذَا سُمِّيَ بِهِ كَانَ مَنْقُولًا مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ الْمُشْتَقِّ لِذَلِكَ الْمَعْنَى فَلَا يَكُونُ مُرْتَجَلًا اهـ.
وَأَمَّا الْأَسْمَاءُ الْأَعْجَمِيَّةُ كَجِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ وَنَحْوِهِمَا فَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَحْصُولِ لَا اشْتِقَاقَ فِيهَا؛ إذْ لَوْ كَانَ فِيهَا اشْتِقَاقٌ لَمَا كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً لِكَوْنِ الْعُجْمَةِ مُنَافِيَةً لِلِاشْتِقَاقِ الْحَاصِلِ فِي الْعَرَبِيَّةِ اهـ.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْأَشْبَاهِ، وَالنَّظَائِرِ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّهَا هَلْ تُوزَنُ أَمْ لَا فَقِيلَ لَا تُوزَنُ لِتَوَقُّفِ الْوَزْنِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْأَصْلِ، وَالزَّائِدِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِالِاشْتِقَاقِ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا فَلَا تُوزَنُ وَقِيلَ تُوزَنُ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ بِمَعْنَاهُ اهـ.
وَقَدْ يَتَعَدَّدُ الْفَرْعُ لِأَصْلٍ وَاحِدٍ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ يَعِيشَ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الِاسْمَانِ مُشْتَقَّيْنِ مِنْ شَيْءٍ، وَالْمَعْنَى بِهِمَا وَاحِدٌ وَبِنَاؤُهُمَا مُخْتَلِفٌ فَيَخْتَصُّ أَحَدُ الْبِنَاءَيْنِ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ لِلْفَرْقِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا عَدْلُ لِمَا يُعَادِلُ مِنْ الْمَتَاعِ وَعَدِيلٌ لِمَا يُعَادِلُ مِنْ الْأَنَاسِيِّ، وَالْأَصْلُ وَاحِدٌ، وَهُوَ عَدْلٌ.
وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَلَكِنْ خَصُّوا كُلَّ بِنَاءٍ بِمَعْنًى لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ آخَرُ لِلْفَرْقِ، وَمِثْلُهُ بِنَاءٌ حَصِينٍ وَامْرَأَةٌ حِصَانٌ، وَالْأَصْلُ وَاحِدٌ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَهُوَ الْحِرْزُ، فَالْبِنَاءُ يُحْرَزُ مِنْ يَكُونَ بِهِ وَيُلْجَأُ إلَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ تَحْرُزُ فَرْجَهَا، ثُمَّ إنَّ النَّاصِرَ، أَوْرَدَ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْفَرْعِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي التَّعْرِيفِ الْمَنْسُوبِ، وَالْمُصَغَّرِ، وَالْجَمْعِ، وَالتَّثْنِيَةِ وَلَيْسَا مِنْ الِاشْتِقَاقِ وَيَلْزَمُ فَسَادٌ آخَرُ، وَهُوَ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّ الْعَلَمَ بِالْأَصَالَةِ، وَالْفَرْعِيَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاشْتِقَاقِ فَلَا يُدْرَكَانِ إلَّا بِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُدْرَكُ إلَّا بِهِمَا؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْمُعَرَّفِ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ أَجْزَاءِ الْمُعَرِّفِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَذْكُورَاتِ مُشْتَقَّاتٌ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْمَنْسُوبِ إلَى الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ اشْتِقَاقٌ وَقِسْ الْبَاقِي.
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْفَرْعِيَّةَ، وَالْأَصَالَةَ أَعَمُّ مِنْهُمَا فِي الِاشْتِقَاقِ لِتَحَقُّقِهِمَا فِي غَيْرِهِ بِدُونِهِ فَلَا يَسْتَلْزِمَانِهِ فَيُعَقَّلَانِ بِدُونِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ إلَخْ) غَايَةٌ لِلرَّدِّ بِحَسَبِ زَعْمِ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْغَزَالِيَّ يَمْنَعُ الِاشْتِقَاقَ فِي الْمَجَازِ لَا بِحَسَبٍ الْوَاقِعِ يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ: لِمُنَاسَبَةٍ إلَخْ) الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فِي الْمَعْنِيّ تَارَةٌ تَكُونُ بِاسْتِلْزَامِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ، أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا بَعْضَ الْآخَرِ، أَوْ عَيْنَهُ، أَوْ مُقَرَّبًا لَهُ، وَإِنْ كَانَا مُتَغَايِرَيْنِ، وَهَذَا الْأَخِيرُ لَيْسَ مُرَادًا وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَى الثَّانِي فِي الْأَوَّلِ، أَيْ: مَدْلُولِهِ بِدُونِ زِيَادَةٍ لِلثَّانِي عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَقْتَلِ مِنْ الْقَتْلِ.
وَقَدْ يَكُونُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْقَاتِلِ مِنْ الْقَتْلِ، ثُمَّ إنَّ فَائِدَةَ الِاشْتِقَاقِ فِيمَا إذَا كَانَ عَيْنُ الْأَوَّلِ التَّوَسُّعَ فِي اللُّغَةِ فَقَدْ يَضْطَرُّ الشَّاعِرُ، أَوْ النَّاثِرُ لِلنُّطْقِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَأَمَّا الْمُوَافَقَةُ فِي الْمَعْنَى، فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ اتِّحَادِ مَفْهُومِ اللَّفْظَيْنِ فِي النَّوْعِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَايَرُ مَفْهُومَاهُمَا إلَّا بِاعْتِبَارِ اسْتِفَادَتِهِمَا مِنْ اللَّفْظَيْنِ كَالْقَتْلِ مَعَ الْمَقْتَلِ مَصْدَرًا، أَوْ بِاعْتِبَارِ التَّغَايُرِ بِالْإِطْلَاقِ، وَالتَّقْيِيدِ أَيْضًا كَمَا فِي ضَرَبَ مَعَ ضَرْبٍ، فَالْمُنَاسَبَةُ أَعَمُّ.
وَقَدْ أَخْرَجَ شَارِحُ الْمِنْهَاجِ بِهَذَا الْقَيْدِ نَحْوَ الذَّهَابِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الذَّهَبِ وَأَخْرَجَ الْمَعْدُولَ قَالَ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ تَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَلَا مُغَايَرَةَ فِي الْمَعْدُولِ اهـ.
وَالْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةٌ فَقَدْ قَالَ الزَّمْلَكَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْبَسِيطِ الْعَدْلُ ضَرْبٌ مِنْ الِاشْتِقَاقِ إلَّا أَنَّهُ مُضْمَرٌ بِتَقْدِيرِ وَضْعِهِ مَوْضِعَ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ؛ وَلِذَلِكَ ثَقُلَ الْمَعْدُولُ وَلَمْ يَثْقُلْ الْمُشْتَقُّ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ مَوْقِعَ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ اهـ.
وَقَدْ صَرَّحَ بِمِثْلِهِ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَةِ الشَّرْحِ الْعَضُدِيِّ فَقَالَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْعَدْلُ أَخْذُ صِيغَةٍ مِنْ صِيغَةٍ أُخْرَى مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ عَلَيْهَا، وَالِاشْتِقَاقُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، فَالْعَدْلُ قِسْمٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَى الثَّانِي إلَخْ) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ مِلْحٍ وَلَحْمٍ إنْ قَلَّتْ الْمُنَاسَبَةُ نِسْبَةً بَيْنَهُمَا فَمَا وَجْهُ كَوْنِ أَحَدِهِمَا مُشْتَقًّا، وَالْآخَرُ مُشْتَقًّا مِنْهُ، فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ لِوُجُودِ مَزِيَّةٍ فِي الْمُشْتَقِّ مِنْهُ أَمَّا فِي الْمَعْنَى بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى مُتَأَصِّلًا فِيهِ وَغَيْرَ طَارٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَصْدَرَ يَدُلُّ عَلَى مُطْلَقِ الْحَدَثِ، وَالْفِعْلَ عَلَى الْحَدَثِ الْمُقَيَّدِ بِالزَّمَنِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ.
وَأَمَّا فِي اللَّفْظِ فَإِنَّ مَا فِيهِ زِيَادَةُ فَرْعٍ لِمَا لَا زِيَادَةَ فِيهِ فَإِنَّ الْأَصْلَ