كَمَا فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَحَقِيقَةٌ مُطْلَقًا.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِوَالِدِهِ فِي دَفْعِ السُّؤَالِ إنَّ الْمَعْنِيَّ بِالْحَالِ حَالُ التَّلْبِيسِ بِالْمَعْنَى، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ النُّطْقِ بِالْمُشْتَقِّ فِيمَا إذَا كَانَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ لَا حَالُ النُّطْقِ بِهِ الَّذِي هُوَ حَالُ التَّلَبُّسِ بِالْمَعْنَى أَيْضًا فَقَطْ
ــ
[حاشية العطار]
وَصْفِ الْمَوْضُوعِ عَلَى ذَاتِهِ فَبِالْإِمْكَانِ عِنْدَ الْفَارَابِيِّ وَبِالْفِعْلِ عِنْدَ الشَّيْخِ، أَيْ: مَا صَدَقَ عَلَيْهِ ج بِالْفِعْلِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الصِّدْقُ فِي الْمَاضِي، أَوْ الْحَاضِرِ، أَوْ الْمُسْتَقْبَلِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِيهِ مَا لَا يَكُونُ ج دَائِمًا فَإِذَا قُلْنَا كُلَّ أَسْوَدَ كَذَا يَتَنَاوَلُ الْحُكْمُ كُلَّ مَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ أَسْوَدَ حَتَّى الرُّومِيِّ مَثَلًا عَلَى مَذْهَبِ الْفَارَابِيِّ لِإِمْكَانِ اتِّصَافِهِمْ بِالسَّوَادِ وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّيْخِ لَا يَتَنَاوَلُهُمْ الْحُكْمُ لِعَدَمِ اتِّصَافِهِمْ بِالسَّوَادِ فِي وَقْتٍ مَا اهـ.
فَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُنَا هُوَ مَا حَقَّقَ فِي ذَلِكَ الشَّارِحُ وَقَالُوا إنَّ مَذْهَبَ الشَّيْخِ الرَّئِيسِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلُّغَةِ، وَالْعُرْفِ وَأَمَّا الشَّيْخُ سم فَإِنَّهُ عَارَضَ نَقْلَ شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخُ هُنَا بِمَا ذَكَرَهُ الرَّازِيّ فِي شَرْحِ الْمَطَالِعِ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الشَّيْخِ بِقَيْدِ الْفِعْلِ فِعْلُ الْوُجُودِ فِي الْأَعْيَانِ، بَلْ مَا يَعُمُّ الْفَرْضِيَّ الذِّهْنِيَّ، وَالْوُجُودَ الْخَارِجِيَّ، فَالذَّاتُ الْخَالِيَةُ تَدْخُلُ فِي الْمَوْضُوعِ إذَا فَرَضَهُ الْعَقْلُ مَوْصُوفًا بِهِ بِالْفِعْلِ مَثَلًا إذَا قُلْنَا كُلَّ أَسْوَدَ كَذَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَسْوَدُ فِي الْخَارِجِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ أَسْوَدَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَسْوَدَ إذَا فَرَضَهُ الْعَقْلُ أَسْوَدَ بِالْفِعْلِ اهـ.
فَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الشَّيْخِ اعْتِبَارَ الصِّدْقِ بِالْفِعْلِ فَرْضًا صَارَ حَاصِلُ قَوْلِ الْمَنَاطِقَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي وَصْفِ الْمَوْضُوعِ فَرْضُ صَدَقَةٍ بِالْفِعْلِ فِي أَحَدِ الْأَزْمِنَةِ حَتَّى يَكُونَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ كُلَّ مَا فُرِضَ اتِّصَافُهُ بِوَصْفِ الْمَوْضُوعِ بِالْفِعْلِ فِيهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الرُّومِيُّ فِي قَوْلِنَا كُلَّ أَسْوَدَ كَذَا إذَا فُرِضَ صِدْقُ السَّوَادِ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ فِي أَحَدِ الْأَزْمِنَةِ، وَمِنْ الْبَدِيهِيِّ لِكُلِّ عَاقِلٍ إنْ صَدَقَ نَحْوُ الْأَسْوَدِ عَلَى الْأَبْيَضِ الَّذِي فُرِضَ صِدْقُ السَّوَادِ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ كَالرُّومِيِّ لَا يَكُونُ حَقِيقَةً لُغَةً فَكَوْنُ اصْطِلَاحِ الْمَنَاطِقَةِ الْمَذْكُورِ مُخَالِفًا لِلُّغَةِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى هَذَا اهـ.
اعْتِرَاضٌ سَاقِطٌ فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا فِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ لَا مَا فِي شَرْحِ الْمَطَالِعِ الَّتِي بَنَى عَلَيْهِ اعْتِرَاضَهُ فَإِنَّ الْفَاضِلَ عَبْدَ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ حَكَمَ بِفَسَادِ مَا فِي شَرْحِ الْمَطَالِعِ وَبَيَّنَهُ بِوُجُوهٍ خَمْسَةٍ ذَكَرَهَا وَحَقَّقَ أَنَّ مَعْنَى الِاتِّصَافِ بِالْفِعْلِ فِي الْوَضْعِ أَنْ يَعْتَبِرَ الْعَقْلُ بِالْفِعْلِ الِاتِّصَافَ الَّذِي يَكُونُ لِذَاتِ الْمَوْضُوعِ بِمَفْهُومِهِ بِاعْتِبَارِ وُجُودِهِ بِالْفِعْلِ فَفِي قَوْلِنَا كُلَّ أَسْوَدَ كَذَا يَدْخُلُ الْحَبَشِيُّ الْمَوْجُودُ وَغَيْرُ الْمَوْجُودِ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَدْخُلُ الرُّومِيُّ، وَهَذَا الْمَعْنَى الْمُوَافِقُ لِلْعُرْفِ، وَاللُّغَةِ اهـ.
فَسَقَطَ قَوْلُ سم فَيَكُونُ اصْطِلَاحُ الْمَنَاطِقَةِ إلَخْ كَيْفَ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عُدُولَ الشَّيْخِ عَنْ مَذْهَبِ الْفَارَابِيِّ لِعَدَمِ مُوَافَقَةِ اللُّغَةِ، وَالْعُرْفِ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُ نَقَلَ عِبَارَةَ السَّيِّدِ فِي حَاشِيَةِ الشَّمْسِيَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِذَلِكَ وَأَوْرَدَ عَلَيْهَا اعْتِرَاضَ بَعْضِ الْحَوَاشِي مِمَّنْ تَمَسَّك بِمَا فِي شَرْحِ الْمَطَالِعِ الْمُبَيِّنِ فَسَادَهُ، وَمِمَّا يَتَنَبَّهُ لَهُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمَنَاطِقَةُ مُخْتَصٌّ بِالْمَحْصُورَاتِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْضُوعُ فِيهَا مُشْتَقًّا، أَوْ غَيْرَهُ نَحْوَ كُلُّ كَاتِبٍ مُتَحَرِّكُ الْأَصَابِعِ وَكُلُّ فَرَسٍ صُهَالٌ وَالشَّيْخُ اسْتَرْوَحَ بِهِ بِاعْتِبَارِ تَنَاوُلِهِ لِلْمَشْقِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ وَأَنَّ مَحَلَّ جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ مَا لَمْ يُقَيِّدْ عَقْدَ الْوَضْعِ بِجِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ أَمَّا إذَا قَيَّدَ بِجِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَعَقْدُ الْوَضْعِ فِيهَا بِحَسَبِ تِلْكَ الْجِهَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْآيَاتِ) ، أَوْرَدَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ مَفْعُولٌ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ مَعْنًى فَحَقِيقَةً مُطْلَقًا، أَيْ: فِي الْمَاضِي، وَالْحَالِ، وَالِاسْتِقْبَالِ (قَوْلُهُ: إنَّ الْمَعْنِيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، أَيْ: الْمَقْصُودَ لِلْأُصُولِيِّينَ (قَوْلُهُ:، وَإِنْ تَأَخَّرَ) ، أَيْ: هَذَا إنْ وَافَقَ حَالَ النُّطْقِ، بَلْ، وَإِنْ تَأَخَّرَ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا كَانَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ مَعَ الْقَرَافِيِّ، وَإِلَّا، فَالْمَحْكُومُ بِهِ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ: فَقَطْ) قَيْدٌ لِحَالِ النُّطْقِ الْمَوْصُوفِ بِمَا قَالَهُ قَالَ، وَالِدُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا سَرَى الْوَهْمُ لِلْقَرَافِيِّ مِنْ اعْتِقَادِهِ أَنَّ الْمَاضِي، وَالْحَالَ، وَالِاسْتِقْبَالَ بِحَسَبِ زَمَنِ إطْلَاقِ اللَّفْظِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْقَاعِدَةُ صَحِيحَةٌ لَكِنَّهُ لَمْ يَفْهَمْهَا وَاسْمُ الْفَاعِلِ وَنَحْوُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى زَمَانِ النُّطْقِ، فَالْمَنَاطُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقِيِّ حَالُ