للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ سَاغَ) ذَلِكَ الْجَمْعُ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَخَالَفَهُ أَبُو حَيَّانَ (مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ) فِي صِحَّةِ إطْلَاقِهِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ كَمَا أَنَّ الْمَنْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَنْعِ، وَالْأَقَلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ فِيهَا فَقَطْ، بَلْ يَأْتِي عَلَى الْمَنْعِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ فِي قُوَّةِ تَكْرِيرِ الْمُفْرَدَاتِ بِالْعَطْفِ فَكَأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ كُلَّ مُفْرَدٍ فِي مَعْنًى وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ إنْ سَاغَ الْمَزِيدُ عَلَى أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَغَيْرَهُ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ الْجَمْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُفْرَدِ صِحَّةً، وَمَنْعًا وَقِيلَ لَا، بَلْ يَصِحُّ مُطْلَقًا فَمُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ، وَالزِّيَادَةُ أَصْرَحُ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى الْخِلَافِ.

(وَفِي الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ) هَلْ يَصِحُّ

ــ

[حاشية العطار]

مَعْنًى وَاحِدٍ فَلَا خِلَافَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: إنْ سَاغَ ذَلِكَ) شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْجَمْعِ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى إنْ صَحَّ الْجَمْعُ فَيَلْزَمُ اشْتِرَاطُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ، وَالْمَعْنَى إنْ قِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ:، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ مَالِكٍ) .

وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ الْحَرِيرِيُّ فِي بَعْضِ قَصَائِدِ الْمَقَامَاتِ فَقَالَ

جَادَ بِالْعَيْنِ حِينَ أَعْمَى هَوَاهُ ... قَلْبَهُ فَانْثَنَى بِلَا عَيْنَيْنِ

يُرِيدُ الْبَاصِرَةَ، وَالذَّهَبَ وَعَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «الْأَيْدِي ثَلَاثَةٌ فَيَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا وَيَدُ الْمُعْطِي تَلِيهَا وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى» أَفَادَهُ الْكَمَالُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْحَرِيرِيِّ جَمْعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ تَثْنِيَةٌ، فَالتَّمْثِيلُ بِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّثْنِيَةَ فِي حُكْمِ الْجَمْعِ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ وَأَنَّ الِاسْتِشْهَادَ بِالْحَدِيثِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْيَدِ فِي النِّعْمَةِ حَقِيقِيٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مَجَازِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ) ، أَيْ: عَلَى الْمُفْرَدِ الْمُشْتَرِكِ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فِي صِحَّةِ إطْلَاقِهِ إلَخْ وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمُفْرَدِ فِي مَعْنَيَيْهِ، وَهُوَ، أَوْلَى لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِقَوْلِهِ فِي صِحَّةِ إطْلَاقِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الْمَنْعَ) ، أَيْ: مِنْ الْجَمْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَنْعِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَهَذَا يُشِيرُ لِلْأَمْرِ الثَّانِي فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ الْخِلَافَ فِي بِنَاءِ جَمْعِ الْمُشْتَرِكِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَيَيْهِ عَلَى مَا ذَكَرَ، وَالْخِلَافُ فِي جَوَازِ جَمْعِهِ أَيْضًا لِبِنَاءِ الْمَنْعِ عَلَى الْمَنْعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ بِنَاءِ جَوَازِ الْجَمْعِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَيَيْهِ عَلَى جَوَازِ إطْلَاقِ الْمُفْرَدِ عَلَيْهِمَا وَأَفَادَ قَوْلُهُ إنْ سَاغَ الْخِلَافُ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ لَكِنَّهُ أَصْرَحُ مِنْهُ فِي التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَقَلُّ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ، وَالْأَكْثَرُ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ، أَيْ: الْجَمْعَ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ، أَيْ: عَلَى الْمُفْرَدِ فِيهَا، أَيْ: فِي الصِّحَّةِ، بَلْ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَمْعِ، وَالْمُفْرَدِ حَيْثُ قِيلَ بِجَوَازِ الْجَمْعِ وَلَمْ يُقَلْ بِالصِّحَّةِ فِي الْمُفْرَدِ.

(قَوْلُهُ: فِي قُوَّةِ تَكْرِيرِ إلَخْ) فَإِذَا قُلْت عِنْدِي عُيُونٌ كَأَنَّك قُلْت عِنْدِي عَيْنٌ وَعَيْنٌ وَعَيْنٌ.

(قَوْلُهُ: الْمَزِيدَ) بِالنَّصْبِ صِفَةٌ إنْ سَاغَ.

(قَوْلُهُ: فَمُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ إلَخْ) ، أَيْ: عِبَارَةِ إنْ سَاغَ وَعِبَارَةِ عَدَمِهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَفَادَتْ بِنَاءَ جَوَازِ الْجَمْعِ وَامْتِنَاعِهِ عَلَى صِحَّةِ اسْتِعْمَالِ الْمُفْرَدِ فِي مَعْنَيَيْهِ وَاعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُؤَدَّاهُمَا وَاحِدًا لِأَنَّ الْعِبَارَةَ الَّتِي فِيهَا إنْ سَاغَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى بِنَاءِ الصِّحَّةِ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَا تَدُلُّ عَلَى بِنَاءِ الْمَنْعِ عَلَى الْمَنْعِ.

وَأَمَّا عِبَارَةُ إسْقَاطِهَا فَفِيهَا الْبِنَاءَانِ فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ نَاقِصَةٌ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الصِّحَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الصِّحَّةِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمَنْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَنْعِ فَبِنَاءُ الْمَنْعِ عَلَى الْمَنْعِ، وَإِنْ لَمْ يُسْتَفَدْ بِطَرِيقِ الصَّرَاحَةِ، فَهُوَ مُسْتَفَادٌ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ، وَالْمَفْهُومُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ، فَهُوَ مِنْ الْمُؤَدَّى وَالشَّارِحُ لَمْ يَدَّعِ إلَّا تَأْدِيَتَهُمَا مَعْنًى وَاحِدًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي طَرِيقِ الدَّلَالَةِ (قَوْلُهُ: أَصْرَحُ) التَّعْبِيرُ بِهِ يَقْتَضِي أَنَّ فِي الْإِسْقَاطِ صَرَاحَةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ الْخِلَافُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، أَيْ: أَنَّ الْخِلَافَ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرِكِ فِي مَعْنَيَيْهِ يَجْرِي فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي حَقِيقَتِهِ، وَمَجَازِهِ (قَوْلُهُ: هَلْ يَصِحُّ إلَخْ) ، أَيْ: فِي جَوَابِ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ، وَهُوَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ؛ إذْ الْخِلَافُ لَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ، ثُمَّ إنَّ الْبَيَانِيِّينَ يَمْنَعُونَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَوَافَقَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>