للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُرَادَا مَعًا بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ كَمَا فِي قَوْلِك رَأَيْت الْأَسَدَ وَتُرِيدُ الْحَيَوَانَ الْمُفْتَرِسَ، وَالرَّجُلَ الشُّجَاعَ (الْخِلَافُ) فِي الْمُشْتَرَكِ (خِلَافًا لِلْقَاضِي) أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي قَطْعِهِ بِعَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ قَالَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ مُتَنَافِيَيْنِ حَيْثُ أُرِيدَ بِاللَّفْظِ الْمَوْضُوعُ لَهُ، أَيْ: أَوَّلًا وَغَيْرُ الْمَوْضُوعِ لَهُ مَعًا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ هَذَيْنِ وَعَلَى الصِّحَّةِ يَكُونُ مَجَازًا، أَوْ حَقِيقَةً، وَمَجَازًا بِاعْتِبَارَيْنِ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ

ــ

[حاشية العطار]

وَالْأُصُولِيُّونَ يُجَوِّزُونَهُ قَالَ الْكَمَالُ فِي تَحْرِيرِهِ لَا خِلَافَ بَيْن الْمُحَقِّقِينَ فِي جَوَازِهِ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ، وَمَجَازٌ بِاعْتِبَارَيْنِ وَلَا فِي جَوَازِهِ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ يَنْدَرِجُ فِيهِ الْحَقِيقِيُّ وَيُسَمُّونَهُ عُمُومَ الْمَجَازِ اهـ.

مِثْلُ أَنْ يُرَادَ بِلَفْظِ أَسَدٍ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الرَّجُلِ الشُّجَاعِ، وَالْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ مُطْلَقُ صَائِلٍ مَثَلًا فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ كُلِّيٌّ صَادِقٌ عَلَيْهِمَا صَدَقَ الْمُتَوَاطِئُ عَلَى أَفْرَادِهِ وَأَنْ يُرَادَ بِوَضْعِ الْقَدَمِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ زَيْدٍ الدُّخُولُ فَيَتَنَاوَلُ الدُّخُولَ حَافِيًا، وَهُوَ الْحَقِيقَةُ وَنَاعِلًا وَرَاكِبًا، وَهُوَ الْمَجَازُ.

وَقَدْ نَقَضَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ بِمَسَائِلَ خَالَفُوا فِيهَا أَصْلَهُمْ مِنْهَا مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ زَيْدٍ وَلَمْ يُسَمِّ دَارًا بِعَيْنِهَا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِ مَا يُدْخِلُهُ زَيْدٌ بِإِعَارَةٍ، أَوْ إجَازَةٍ وَفِي ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى فُلَانٍ بِالْمِلْكِ حَقِيقَةٌ وَبِغَيْرِهِ مَجَازٌ بِدَلِيلِ صِحَّةِ النَّفْيِ عَنْ غَيْرِ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُرَادَا مَعًا) لَا يُقَالُ الْمَجَازُ مَشْرُوطٌ بِالْقَرِينَةِ الْمَانِعَةِ فَيَكْفِ الْجَمْعُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ اشْتِرَاطُ الْقَرِينَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ، أَوْ إنَّ الْقَرِينَةَ مَانِعَةٌ عَنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَحْدَهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ إرَادَتِهِ مَعَ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا فَالْقَاضِي) قَالَ زَكَرِيَّا كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ وَوَهَمَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ وَقَالَ لَمْ يَمْنَعْ الْقَاضِي اسْتِعْمَالَهُ فِي حَقِيقَتِهِ، وَمَجَازِهِ، وَإِنَّمَا مَنَعَ حَمْلَهُ عَلَيْهِمَا بِلَا قَرِينَةٍ فَاخْتَلَطَتْ مَسْأَلَةُ الِاسْتِعْمَالِ بِمَسْأَلَةِ الْحَمْلِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا فَرَضَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ إذَا سَاوَى الْمَجَازُ الْحَقِيقَةَ لِشُهْرَتِهِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ الْحَمْلُ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ بِوَجْهٍ عَقْلِيٍّ، وَالْحَقُّ أَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ أُرِيدَ) حَيْثِيَّةُ تَعْلِيلٍ.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمَوْضُوعِ لَهُ) ، أَيْ: أَوَّلًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا تَنَافِي) ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ اتِّحَادُ الْمَحَلِّ وَلَمْ يَتَّحِدْ (قَوْلُهُ: يَكُونُ مَجَازًا) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وُضِعَ لِلْحَقِيقَةِ، وَهُنَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فَاسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُهُ فِي نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارَيْنِ) ، أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا وُضِعَ، وَمَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ، وَهَذَا إنْ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ حَيْثُ وَضْعُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَعَلَى حِدَةٍ فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ وَضْعُهُ لِأَمْرٍ كُلِّيٍّ يَنْدَرِجَانِ تَحْتَهُ، فَهُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ.

وَقَدْ عَلِمْت الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّافِعِيِّ) رَاجِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>