للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْمَجَازِ فِي الْإِسْنَادِ (وَالسَّبَبِ لِلْمُسَبِّبِ) نَحْوُ لِلْأَمِيرِ يَدٌ أَيْ قُدْرَةٌ فَهِيَ مُسَبَّبَةٌ عَنْ الْيَدِ بِحُصُولِهَا بِهَا (وَالْكُلِّ لِلْبَعْضِ) نَحْوُ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ أَيْ أَنَامِلَهُمْ (وَالْمُتَعَلِّقِ) بِكَسْرِ اللَّامِ (لِلْمُتَعَلَّقِ) بِفَتْحِهَا نَحْوُ {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} [لقمان: ١١] أَيْ مَخْلُوقُهُ وَرَجُلٌ عَدْلٌ أَيْ عَادِلٌ (وَبِالْعُكُوسِ) أَيْ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ كَالْمَوْتِ لِلْمَرَضِ الشَّدِيدِ لِأَنَّهُ مُسَبَّبٌ لَهُ عَادَةً وَالْبَعْضِ لِكُلٍّ نَحْوُ فُلَانٌ يَمْلِكُ أَلْفَ رَأْسٍ مِنْ الْغَنَمِ

ــ

[حاشية العطار]

فِي اسْتِعْمَالِ مِثْلِ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ وَسُؤَالُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الْأَوْلَى حَذْفُ سُؤَالٍ كَمَا عَلِمْت.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْمَجَازِ فِي الْإِسْنَادِ) لِأَنَّ الْإِسْنَادَ فِيهِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إلَى مَا هُوَ لَهُ وَهَذَا جَوَابُ اعْتِرَاضٍ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ سم اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالسَّبَبِ لِلْمُسَبَّبِ) أَيْ السَّبَبِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْكُلِّ لِلْبَعْضِ أَيْ الْكُلِّيَّةِ وَالْبَعْضِيَّةِ وَقِسْ الْبَاقِي فَفِي كَلَامِهِ تَسَمُّحٌ اتَّكَلَ فِيهِ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ وَالْمُرَادُ بِالسَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ هُنَا مَا هُوَ بِمَعْنَى الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ لَا مَا هُوَ سَبَبٌ مَحْضٌ بِمَعْنَى الطَّرِيقِ الْمُفْضِي إلَى الشَّيْءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ إذْ السَّبَبُ بِهَذَا الْمَعْنَى الْعَامِّ لَا يَجُوزُ إطْلَاقُ مُسَبَّبِهِ عَلَيْهِ مَجَازًا بِخِلَافِ السَّبَبِ بِمَعْنَى الْعِلَّةِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْآخَرُ مَجَازًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ أَصْلٌ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجِ الْمَعْلُولِ إلَيْهَا وَابْتِنَائِهِ عَلَيْهَا وَالْمَعْلُولُ الْمَقْصُودُ أَصْلٌ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْغَائِيَّةِ وَالْغَائِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُولَةً لِلْفَاعِلِ مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ فِي الْخَارِجِ إلَّا أَنَّهَا فِي الذِّهْنِ عِلَّةٌ فَاعِلِيَّةٌ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَيْهَا وَلِهَذَا قَالُوا الْإِحْكَامُ عِلَلٌ مَآلِيَّةٌ وَالْأَسْبَابُ عِلَلٌ آلِيَّةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ احْتِيَاجَ النَّاسِ بِالذَّاتِ إنَّمَا هُوَ إلَى الْإِحْكَامِ دُونَ الْأَسْبَابِ قَالَهُ مُنَجِّمٌ بَاشَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ قُدْرَةٌ) أَرَادَ بِهِ الِاقْتِدَارَ وَهُوَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ لَا الْقُدْرَةَ بِمَعْنَى الصِّفَةِ الْقَائِمَةِ بِالنَّفْسِ فَإِنَّهَا لَا تَتَسَبَّبُ عَنْ الْيَدِ وَالنَّاصِرُ حَمَلَ الْقُدْرَةَ عَلَى الصِّفَةِ فَجَعَلَ التَّعْبِيرَ عَنْ آثَارِ الْقُدْرَةِ بِالْيَدِ مَجَازًا عَلَى مَجَازٍ حَيْثُ تَجَوَّزَ بِالْيَدِ عَنْ الْقُدْرَةِ وَبِالْقُدْرَةِ عَنْ آثَارِهَا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ أَنَامِلَهُمْ) مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ أَيْ يَجْعَلُ كُلٌّ مِنْهُمْ أُصْبُعَهُ فِي أُذُنِهِ فَلَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمْ إلَّا أُصْبُعٌ وَأُنْمُلَةٌ وَالْأُنْمُلَةُ بَعْضُ الْأَصَابِعِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا فَلَا يُقَالُ إنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَكُلُّ أُصْبُعٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَنَامِلَ مَا عَدَا الْإِبْهَامَ فَإِنَّ لَهُ أُنْمُلَتَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي التَّشْرِيحِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَضْعَهَا كُلِّهَا وَهَاهُنَا فَائِدَةٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَهِيَ أَنَّ الْكَلَامَ الْوَارِدَ لِأَمْرٍ خَطَابِيٍّ عَلَى وَجْهٍ لَا يُطَابِقُ الْوَاقِعَ لَا يُقْصَدُ بِهِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ بَلْ هُوَ مَسْلُوبُ الدَّلَالَةِ عَنْهُ إلَى مَعْنًى يُنَاسِبُ الْمَقَامَ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْكَشَّافِ عَلَى الْجَمِّ الْغَفِيرِ مِنْ النَّاسِ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: ٤٧] أَرَادَ أَنَّهُ مَسْلُوبُ الدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ إلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَثْرَةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ فِي الْكَلَامِ لَا الْمَعْنَى الَّذِي وُضِعَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُلَاحَظُ لَا لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بَلْ لِلِانْتِقَالِ مِنْهُ إلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَبِذَلِكَ تَنْدَفِعُ الشُّكُوكُ وَالْأَوْهَامُ عَنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْمُبَالَغَةِ لِأَمْرٍ خَطَابِيٍّ يُنَاسِبُ الْمَقَامَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [البقرة: ١٩] فَإِنَّ مَا يُجْعَلُ فِي الْأُذُنِ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَذِكْرُ الْأَصَابِعِ مُبَالَغَةٌ فَلَا تَجُوزُ فِي لَفْظِ الْأَصَابِعِ وَإِلَّا لَفَاتَتْ الْمُبَالَغَةُ كَمَا تَفُوتُ إذَا كَانَ لَفْظُ الْعَدْلِ مَجَازًا عَنْ الْعَادِلِ فِي قَوْلِك رَجُلٌ عَادِلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>