للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ فَيَحْنَثُ بِثَمَرِهَا دُونَ خَشَبِهَا الَّذِي هُوَ الْحَقِيقَةُ الْمَهْجُورَةُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَإِنْ تَسَاوَيَا قُدِّمَتْ الْحَقِيقَةُ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ كَانَتْ غَالِبَةً.

(وَثُبُوتُ حُكْمٍ) بِالْإِجْمَاعِ (مَثَلًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ) أَيْ الْحُكْمِ (مُرَادًا مِنْ خِطَابٍ) لَكِنْ يَكُونُ الْخِطَابُ فِي ذَلِكَ الْمُرَادِ (مَجَازًا لَا يَدُلُّ) الثُّبُوتُ الْمَذْكُورُ (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْحُكْمَ هُوَ (الْمُرَادُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخِطَابِ.

(بَلْ يَبْقَى الْخِطَابُ عَلَى حَقِيقَتِهِ) لِعَدَمِ الصَّارِفِ عَنْهَا (خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ) مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْبَصْرِيِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَبْقَى الْخِطَابُ عَلَى حَقِيقَتِهِ إذْ لَمْ يَظْهَرْ مُسْتَنَدٌ لِلْحُكْمِ الثَّابِتِ غَيْرُهُ مِثَالُهُ وُجُوبُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمُجَامِعِ الْفَاقِدِ لِلْمَاءِ إجْمَاعًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مُرَادًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣] لَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِأَنَّ الْمُلَامَسَةَ حَقِيقَةٌ فِي الْجَسِّ بِالْيَدِ مَجَازٌ فِي الْجِمَاعِ فَقَالَا الْمُرَادُ الْجِمَاعُ لَا تَكُونُ الْآيَةُ مُسْتَنَدَ الْإِجْمَاعِ إذْ لَا مُسْتَنَدَ غَيْرُهَا وَإِلَّا لَذُكِرَ فَلَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَدُ غَيْرَهَا وَاسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِهِ بِذِكْرِ الْإِجْمَاعِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فَاللَّمْسُ فِيهَا عَلَى حَقِيقَتِهِ فَتَدُلُّ عَلَى نَقْضِهِ الْوُضُوءَ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْجِمَاعِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِاللَّفْظِ حَقِيقَتُهُ وَمَجَازُهُ مَعًا دَلَّتْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِجْمَاعِ أَيْضًا وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِمَا حَيْثُ حَمَلَ الْمُلَامَسَةَ فِيهَا عَلَى الْجَسِّ بِالْيَدِ وَالْوَطْءِ.

(مَسْأَلَةٌ الْكِنَايَةُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ مُرَادًا مِنْهُ لَازِمُ الْمَعْنَى)

ــ

[حاشية العطار]

أَوْ لَا يَحْنَثُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ مُنْتَقَدٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُوهِمُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ الْحَقِيقَةُ الْمَهْجُورَةُ) أَيْ فِي مَقَامِ الْحَلِفِ عَلَى الْأَكْلِ فَهُوَ هِجْرَانٌ خَاصٌّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْهَجْرَ مُطْلَقًا فَإِنَّ إطْلَاقَ الشَّجَرِ عَلَى الْخَشَبِ غَيْرُ مَهْجُورٍ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْهَجْرَ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ مَا عَدَا الثَّمَرَ فَانْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ النَّاصِرُ هُنَا.

(قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ مَثَلًا) أَدْخَلَ بِهِ مَا ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ مُسْتَنَدٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَدُ إلَخْ فَإِنَّ الْقِيَاسَ مُسْتَنَدٌ فَالصَّوَابُ حَذْفُ مَثَلًا وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ كَوْنُهُ مُرَادًا) أَيْ وَلَا قَرِينَةَ عَلَى إرَادَتِهِ وَإِلَّا كَانَ دَالًّا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ آخِرًا.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الصَّارِفِ) وَثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ لَا يُعَدُّ صَارِفًا.

(قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وُجُوبُ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ وَجْهَ الْمَجَازِ) أَوْرَدَ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ مُلَاقَاةُ عُضْوٍ بِعُضْوٍ فَتَشْمَلُ الْجِمَاعَ فَيَكُونُ مِنْ مُسَمَّى الْحَقِيقَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الثَّابِتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهَا قَاصِرَةٌ عَلَى مَا كَانَ بِالْيَدِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَغْنَى عَنْ ذَكَرِهِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ لَهُ مُسْتَنَدٌ غَيْرَهَا لَذَكَرُوهُ.

(قَوْلُهُ: بِذِكْرِ الْإِجْمَاعِ) فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ) اسْتِئْنَافٌ وَقَوْلُهُ دَلَّتْ جَوَابُ الشَّرْطِ قَالَ زَكَرِيَّا عَلَى إرَادَةِ الْجِمَاعِ أَيْضًا بَيَّنَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ لِيَنْدَفِعَ بِهِ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْخِلَافَ مُفَرَّعٌ عَلَى امْتِنَاعِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْفَهَانِيُّ فَإِنْ حُمِلَ عَلَيْهِمَا فَلَا تَنَافِي فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ كَلَامَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِاللَّفْظِ إلَخْ) أَيْ وَتَكُونُ الْقَرِينَةُ مَنَعَتْ مِنْ إرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَحْدَهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْأُمِّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِحَمْلِ الْمُلَامَسَةِ عَلَى الْوَطْءِ بَلْ عَلَى أَنْوَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>