(وَالْمُقَابَلَةِ) نَحْوُ اشْتَرَيْت الْفَرَسَ بِأَلْفٍ (وَالْمُجَاوَزَةِ) كَعَنْ نَحْوُ {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان: ٢٥] أَيْ عَنْهُ (وَالِاسْتِعْلَاءِ) نَحْوُ {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: ٧٥] أَيْ عَلَيْهِ (وَالْقَسَمِ) نَحْوُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا (وَالْغَايَةِ) كَإِلَى نَحْوُ {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} [يوسف: ١٠٠] أَيْ إلَيَّ (وَالتَّوْكِيدِ) نَحْوُ {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الرعد: ٤٣] {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: ٢٥] وَالْأَصْلُ كَفَى اللَّهُ، وَهُزِّي جِذْعَ (وَكَذَا التَّبْعِيضُ) كَمِنْ (وِفَاقًا لِلْأَصْمَعِيِّ وَالْفَارِسِيِّ وَابْنِ مَالِكٍ) نَحْوُ {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦] أَيْ مِنْهَا وَقِيلَ لَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ وَيَشْرَبُ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى يُرْوَى أَوْ يَلْتَذُّ مَجَازًا وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ.
(التَّاسِعُ بَلْ لِلْعَطْفِ) فِيمَا إذَا وَلِيَهَا مُفْرَدٌ سَوَاءٌ أُولِيَتْ مُوجَبًا أَمْ غَيْرَ مُوجَبٍ فَفِي الْمُوجَبِ نَحْوُ جَاءَ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو وَاضْرِبْ زَيْدًا بَلْ عَمْرًا تَنْقُلُ حُكْمَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ إلَى الْمَعْطُوفِ وَفِي غَيْرِ الْمُوجَبِ نَحْوُ مَا جَاءَ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو وَلَا تَضْرِبْ زَيْدًا بَلْ عَمْرًا تُقَرِّرُ حُكْمَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَتَجْعَلُ ضِدَّهُ لِلْمَعْطُوفِ (وَالْإِضْرَابِ) فِيمَا إذَا وَلِيَهَا جُمْلَةٌ (أَمَّا لِلْإِبْطَالِ) لِمَا وَلِيَتْهُ نَحْوُ {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ} [المؤمنون: ٧٠] فَالْجَائِي بِالْحَقِّ لَا جُنُونَ بِهِ
ــ
[حاشية العطار]
أَرَادَ بِالْكَلِمَةِ لَفْظَ أُخَيَّ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُقَابَلَةِ) وَهِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْأَعْوَاضِ كَالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: كَعَنْ) يَكْثُرُ وُقُوعُهَا بَعْدَ السُّؤَالِ نَحْوُ {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: ٥٩] ، وَ " سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ، وَيَقِلُّ بَعْدَ غَيْرِهِ كَمِثَالِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا التَّبْعِيضُ) قَالَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ الْبَاءُ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ نَحْوُ {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] صَارَ لِلتَّبْعِيضِ لِلْفَرْقِ الضَّرُورِيِّ بَيْنَ مَسَحْت الْمِنْدِيلَ وَمَسَحْت بِالْمِنْدِيلِ فِي إفَادَةِ الْأَوَّلِ الشُّمُولَ وَالثَّانِي التَّبْعِيضَ فَيَجِبُ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الْمَسْحُ وَهُوَ شَعْرَةٌ أَوْ شَعْرَتَانِ اهـ.
لَكِنْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ: إنَّ هَذَا خَلَفٌ مِنْ الْكَلَامِ لَا حَاصِلَ لَهُ وَقَدْ اشْتَدَّ نَكِيرُ ابْنِ جِنِّي فِي سِرِّ الصِّنَاعَةِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَقُولَ مَسَحْت رَأْسِي وَمَسَحْت بِرَأْسِيِّ وَالتَّبْعِيضُ يَتَلَقَّى مِنْ غَيْرِ الْبَاءِ اهـ.
وَفِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ لِلْعَلَامَةِ الْفَنَارِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى مَا فِي الْمَحْصُولِ التَّرَادُفُ مَعَ مِنْ وَالِاشْتِرَاكُ مَعَ الْإِلْصَاقِ وَكِلَاهُمَا خِلَافُ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وِفَاقًا لِلْأَصْمَعِيِّ) أَيْ فَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْقَوْلِ بِأَنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ لَكِنْ فِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لَا نَقْلَ لَهُ لُغَةً اهـ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى نَقْلِ الْأَصْمَعِيِّ أَوْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ لِقُوَّةِ الْقَائِلِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ) مِمَّنْ أَنْكَرَ كَوْنَهَا لِلتَّبْعِيضِ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ جِنِّي.
وَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَيْضَاوِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ بِأَنَّهَا شَهَادَةُ نَفْيٍ فَهِيَ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ لَيْسَتْ شَهَادَةَ نَفْيٍ إنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ظَنٍّ غَالِبٍ مُسْتَنِدٍ إلَى الِاسْتِقْرَاءِ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ مُطَّلِعٌ عَلَى لِسَانِ الْعَرَبِ مُتَتَبِّعٌ لِسَائِرِ أَحْكَامِهِمْ فِي نَفْيِ مَا دَلَّ الِاسْتِقْرَاءُ عَلَى نَفْيِهِ
(قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ) أَيْ بِالْمَرَّةِ لَا يُقَالُ إذَا نَقَلَتْ حُكْمَهُ لَمْ يَكُنْ مَسْكُوتًا عَنْهُ بَلْ نُفِيَ عَنْهُ الْحُكْمُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ الْإِثْبَاتُ دُونَ الثُّبُوتِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ تَحَقُّقُ الِانْتِفَاءِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الثُّبُوتُ بَاقِيًا (قَوْلُهُ: وَالْإِضْرَابِ) أَيْ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعَطْفِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا وَلِيَهَا جُمْلَةٌ) قُيِّدَ بِذَلِكَ لِيَصِحَّ تَقْسِيمُهَا إلَى الْإِبْطَالِ وَالِانْتِقَالِ لَا تَسْمِيَتُهَا بِالْإِضْرَابِ فَإِنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ تُسَمَّى بِهِ وَإِنْ وَلِيَهَا مُفْرَدٌ.
قَوْلُهُ {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ} [المؤمنون: ٧٠] فِي التَّمْثِيلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ رَدٌّ عَلَى ابْنِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ إنَّ بَلْ الْإِضْرَابِيَّةَ لَا تَقَعُ فِي التَّنْزِيلِ وَمِثْلُهَا قَوْله تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: ٢٦] .
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِضْرَابَ فِي الْآيَتَيْنِ لَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ لِلْإِبْطَالِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لِلِانْتِقَالِ مِنْ جُمْلَةِ الْقَوْلِ لَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَقُولِ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ إخْبَارٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ مَقَالِهِمْ صَادِقَةٌ فَلَمْ يُبْطِلْهَا الْإِضْرَابُ وَإِنَّمَا أَفَادَ الْإِضْرَابُ الِانْتِقَالَ مِنْ إخْبَارٍ عَنْ الْكُفَّارِ إلَى إخْبَارٍ عَنْ وَصْفِ مَنْ وَقَعَ