الشَّرْطِ وَمُرَادُهُمْ أَنَّ انْتِفَاءَ الشَّرْطِ وَالْجَوَابِ هُوَ الْأَصْلُ فَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي أَمْثِلَةٍ مِنْ بَقَاءِ الْجَوَابِ فِيهَا عَلَى حَالِهِ مَعَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ (وَقَالَ الشَّلَوْبِينُ) هُوَ (لِمُجَرَّدِ الرَّبْطِ) لِلْجَوَابِ بِالشَّرْطِ كَانَ وَاسْتِفَادَةُ مَا ذُكِرَ مِنْ انْتِفَائِهِمَا أَوْ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ فَقَطْ مِنْ خَارِجٍ (وَالصَّحِيحُ) فِي مُفَادِهِ نَظَرًا إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِسْمَيْنِ (وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ) وَالِدِ الْمُصَنِّفِ (امْتِنَاعُ مَا يَلِيهِ) مُثْبَتًا كَانَ أَوْ مَنْفِيًّا (وَاسْتِلْزَامُهُ) أَيْ مَا يَلِيهِ (لِتَالِيهِ) مُثْبَتًا كَانَ أَوْ مَنْفِيًّا فَالْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ (ثُمَّ يَنْتَفِي التَّالِي) أَيْضًا (إنْ نَاسَبَ) الْمُقَدِّمَ بِأَنْ لَزِمَهُ عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا (وَلَمْ يَخْلُفْ الْمُقَدِّمُ غَيْرَهُ كَ {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ} [الأنبياء: ٢٢] أَيْ غَيْرُهُ {لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] أَيْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ فَفَسَادُهُمَا خُرُوجُهُمَا
ــ
[حاشية العطار]
ابْنُ الْحَاجِبِ فَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الشَّرْطَ سَبَبٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ السَّبَبِ انْتِفَاءُ الْمُسَبِّبِ فَاسْتِثْنَاءُ نَقِيضِ الْمُقَدِّمِ عَقِيمٌ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْمُسَبِّبِ انْتِفَاءُ السَّبَبِ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ لِانْتِفَاءِ الْجَوَابِ وَأَيَّدَهُ الرَّضِيُّ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَلْزُومٌ وَالْجَوَابَ لَازِمٌ.
وَقَدْ يَكُونُ أَخَصَّ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْأَعَمِّ لَا الْعَكْسُ وَفِيهِ أَنَّ مَقَامَ بَيَانِ الْعِلَّةِ غَيْرُ مَقَامِ الِاسْتِدْلَالِ فَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَهُمَا اسْتِعْمَالَانِ لُغَوِيَّانِ خِلَافًا لِقَوْلِ التَّفْتَازَانِيِّ إنَّ الثَّانِيَ اصْطِلَاحُ الْمَنَاطِقَةِ قَالَ السَّيِّدُ الْحَقُّ إنَّهُ أَيْضًا مِنْ الْمَعَانِي الْمُعْتَبَرَةِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ الْوَارِدَةِ فِي اسْتِعْمَالَاتِهِمْ عُرْفًا فَإِنَّهُمْ قَدْ يَقْصِدُونَ الِاسْتِدْلَالَ فِي الْأُمُورِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا يُقَالُ لَك هَلْ زَيْدٌ فِي الْبَلَدِ فَتَقُولُ لَا إذْ لَوْ كَانَ فِيهَا لَحَضَرَ مَجْلِسَنَا فَتَسْتَدِلُّ بِعَدَمِ الْحُضُورِ عَلَى عَدَمِ كَوْنِهِ فِي الْبَلَدِ وَيُسَمِّي عُلَمَاءُ الْبَيَانِ مِثْلَهُ بِالطَّرِيقَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ لَكِنَّهُ أَقَلُّ اسْتِعْمَالًا مِنْ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ صَحِيحٌ نَظَرًا لِلْأَصْلِ فَلَا يُنَافِيهِ مَا خَرَجَ عَنْهُ مِمَّا قَالَهُ أَيْ فَتَضْعِيفُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِتَصْحِيحِ مَا يَشْمَلُ الْأَمْرَيْنِ مُنْتَقَدٌ مَعَ أَنَّ فِي لَفْظِ مَا صَحَّحَهُ تَفْكِيكًا إذْ قَوْلُهُ امْتِنَاعُ مَا يَلِيهِ إنَّمَا يَكُونُ اعْتِبَارًا وَقَوْلُهُ وَاسْتِلْزَامُهُ إلَخْ إنَّمَا يَكُونُ بِدُونِهِ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ وَجِيهٌ.
وَقَدْ تَكَلَّفَ سم فِي الِاعْتِذَارِ عَنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: فِي أَمْثِلَةٍ) أَيْ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ لَوْ كَانَ هَذَا إنْسَانًا لَكَانَ حَيَوَانًا مَعَ الْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِمُجَرَّدِ الرَّبْطِ) أَيْ لَا تَدُلُّ إلَّا عَلَى التَّعْلِيقِ فِي الْمَاضِي كَمَا أَنْ لَا تَدُلَّ إلَّا عَلَى التَّعْلِيقِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَا قَالَهُ وَافَقَهُ عَلَيْهِ ابْنُ عُصْفُورٍ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ) مُقَابِلُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ أَتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ الْأَقْوَالَ مُتَنَافِيَةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ أَوَّلَيْهَا وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا إلَّا أَنَّ فِيهِ تَوْضِيحًا وَتَفْصِيلًا وَأَمَّا قَوْلُ الشَّلَوْبِينِ فَمُبَايِنٌ لَهَا.
(قَوْلُهُ: فِي مُفَادِهِ) أَيْ بَيَانِ مُفَادِهِ أَيْ مَدْلُولِهِ نَظَرًا إلَى مَا ذَكَرَ مِنْ الْقِسْمَيْنِ وَهُمَا انْتِفَاؤُهُمَا وَانْتِفَاءُ الشَّرْطِ فَقَطْ دُونَ الْجَوَابِ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِلْزَامُهُ) عَطْفٌ عَلَى امْتِنَاعٍ.
(قَوْلُهُ: فَالْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ) لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُقَدِّمِ وَالتَّالِي قِسْمَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ أَتَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ وَلَوْ كَانَ إنْسَانًا لَكَانَ حَيَوَانًا وَالشَّارِحُ أَتَى بِالْبَقِيَّةِ بِقَوْلِهِ بَعْدُ أَمَّا أَمْثِلَةُ بَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَنْتَفِي التَّالِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ لِلتَّالِي أَحْوَالًا ثَلَاثَةً، الْأُولَى يُقْطَعُ بِانْتِفَائِهِ حَيْثُ قُطِعَ بِانْتِفَاءِ الْخَلَفِ، الثَّانِيَةُ أَنْ لَا يُقْطَعَ بِانْتِفَائِهِ وَلَا بِثُبُوتِهِ حَيْثُ لَمْ يُقْطَعْ بِانْتِفَاءِ الْخَلَفِ وَلَا بِثُبُوتِهِ، الثَّالِثَةُ أَنْ يُقْطَعَ بِثُبُوتِهِ حَيْثُ قُطِعَ بِثُبُوتِ الْخَلَفِ وَقَدْ ذَكَرَهَا.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَزِمَهُ عَقْلًا) تَصْوِيرُ الْمُنَاسَبَةِ فَاللُّزُومُ الْعَقْلِيُّ كَلُزُومِ الْهِدَايَةِ لِلْمَشِيئَةِ وَالْعَادِيِّ كَالْآيَةِ وَالشَّرْعِيِّ كَالْحُرْمَةِ لِلرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ اللَّهِ هُوَ مَعَهُمْ لِأَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُهُ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ إلَّا اسْتِثْنَائِيَّةً