للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسَمَّاةِ بِأَلْفٍ مِيمٍ رَاءٍ وَيُقْرَأُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي مُفَكَّكًا (حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ) أَيْ الدَّالِّ عَلَى اقْتِضَاءِ فِعْلٍ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِصِيغَةِ افْعَلْ نَحْوُ {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ} [طه: ١٣٢] أَيْ قُلْ لَهُمْ صَلُّوا (مَجَازٌ فِي الْفِعْلِ) نَحْوُ {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] أَيْ الْفِعْلِ الَّذِي تَعْزِمُ عَلَيْهِ لِتَبَادُرِ الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ مِنْ لَفْظِ الْأَمْرِ إلَى الذِّهْنِ وَالتَّبَادُرُ عَلَامَةٌ لِلْحَقِيقَةِ (وَقِيلَ) هُوَ (لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ) بَيْنَهُمَا كَالشَّيْءِ حَذَرًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ

ــ

[حاشية العطار]

وَاحِدٌ.

(قَوْلُهُ: الْمُسَمَّاةُ) فَمُسَمَّى أم ر لَفْظَةٌ وَمُسَمَّى هَذَا اللَّفْظِ أَلْفَاظٌ أَيْضًا هِيَ صَلِّ وَصُمْ وَنَحْوُهَا وَمُسَمَّى هَذِهِ الْأَفْعَالِ طَلَبُ إحْدَاثِهَا الْمَشَقَّةَ مِنْهَا لَا الْوُجُوبُ أَوْ النَّدْبُ كَمَا قَالَ سم لِأَنَّهُ مِنْ عَوَارِضِهَا وَلِذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي إفَادَتِهَا مَا ذُكِرَ حَتَّى تَوَقَّفَ فِيهِ جَمَاعَةٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَلَوْ كَانَ الْوُجُوبُ مُسَمَّاهَا مَثَلًا لَمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: حَقِيقَةً فِي الْقَوْلِ) فَمَدْلُولُ اللَّفْظِ لَفْظٌ كَمَا سَمِعْت.

(قَوْلُهُ: اقْتِضَاءُ فِعْلٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَشْمَلُ صِيغَةَ الِاسْتِفْهَامِ لِأَنَّهُ لِطَلَبِ الْفَهْمِ أَيْ الْعِلْمِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَاهُنَا قَيْدًا مُلَاحَظًا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ إلَخْ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ اقْتِضَاءَ فِعْلٍ مُعَبَّرٍ عَنْهُ بِلَفْظِ افْعَلْ.

(قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقَوْلِ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ وَإِنْ احْتَمَلَ رُجُوعُهُ لِلِاقْتِضَاءِ وَيَكُونُ الصِّيغَةُ مَدْلُولَ الْقَوْلِ لَكِنَّهُ خُرُوجٌ عَمَّا الْكَلَامُ فِيهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْإِنْشَاءِ نَحْوُ أَوْجَبْت عَلَيْك كَذَا وَإِنْ تَرَكْته عَاقَبْتُك لِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى الطَّلَبِ غَيْرُ وَضْعِيَّةٍ وَإِنَّمَا هِيَ مَجَازٌ فَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ أَمْرًا (قَوْلُهُ: بِصِيغَةِ افْعَلْ) الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَا فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الطَّلَبِ فَيَدْخُلُ اسْمُ الْفِعْلِ كَصَهْ وَالْمُضَارِعُ الْمُقْتَرِنُ بِاللَّامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ} [الطلاق: ٧] .

(قَوْلُهُ: أَيْ قُلْ لَهُمْ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ صِيغَتُهُ.

(قَوْلُهُ: مَجَازٌ فِي الْفِعْلِ) مِنْ اسْتِعْمَالِ اسْمِ الدَّالِّ فِي الْمَدْلُولِ بِعَلَاقَةِ التَّعَلُّقِ فَإِنْ قِيلَ هُوَ مَجَازٌ فِي غَيْرِ الْفِعْلِ كَالشَّأْنِ وَالصِّفَةِ وَالشَّيْءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ فَالْجَوَابُ أَنَّ تَخَصُّصَ الْفِعْلِ بِالذِّكْرِ لِقُوَّةِ الْقَوْلِ بِالْمَجَازِ فِيهِ.

قَوْلُهُ {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] إلَخْ قَدْ اُسْتُدِلَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: ٥٠] وقَوْله تَعَالَى {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: ٩٧] إذْ الْقَوْلُ لَا يُوصَفُ بِالرُّشْدِ بَلْ بِالسَّدَادِ وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ فِي الْآيَتَيْنِ بِمَعْنَى الشَّأْنِ مَجَازًا إذْ حَمْلُهُ عَلَى الشَّأْنِ فِي الثَّانِيَةِ أَشْمَلُ مِنْ الْفِعْلِ وَفِي الْأُولَى لَوْ أُرِيدَ الْفِعْلُ لَزِمَ اتِّحَادُ أَفْعَالِهِ تَعَالَى وَحُدُوثُ الْكُلِّ دُفْعَةً كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ وَهُوَ بَاطِلٌ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ هُوَ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ) قَالَ الْكَمَالُ هَذَا الْقَوْلُ لَا يُعْرَفُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ التَّصْرِيحُ بِنِسْبَتِهِ إلَى أَحَدٍ وَإِنَّمَا جَوَّزَهُ الْآمِدِيُّ فِي مَعْرِضِ الْمَنْعِ. الدَّلِيلُ الْقَوْلُ بِالِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ وَالْفِعْلِ قَالَ ثُمَّ أَوْرَدَ الْآمِدِيُّ عَلَى ذَلِكَ إيرَادَاتٍ وَأَجَابَ عَنْهَا فَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَرْتَضِيهِ اهـ.

وَأَقُولُ الْإِشْعَارُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْمُنَاظِرَ لَا يَلْتَزِمُ طَرِيقَةً لِأَنَّ الْغَرَضَ إلْزَامُ الْخَصْمِ وَلَوْ بِمَا لَا يَقُولُ بِهِ الْمَلْزُومُ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى اعْتِرَافِ الْخَصْمِ بِالْمُقَدِّمَةِ وَقَوْلُ سم إنَّهُ يَكْفِي فِي حِكَايَةِ الْمُصَنِّفِ لَهُ ارْتِضَاءُ الْآمِدِيِّ ضَعِيفٌ جِدًّا وَأَضْعَفُ مِنْهُ قَوْلُهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَقَدْ تَكَرَّرَ مِثْلُ هَذَا وَنَبَّهْنَا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي مَقَامِ الْمُنَاظَرَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَالشَّيْءِ) أَلْ عَهْدِيَّةٌ أَيْ الشَّيْءُ الْمَخْصُوصُ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَوْ الْفِعْلُ لِسَانِيًّا أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ إنَّ الشَّيْءَ عَامٌّ لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ أَخَصُّ أَمْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا كَالْجِنْسِ الْقَرِيبِ وَهُوَ الْحَيَوَانُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ لَا مُطْلَقُ الْجِسْمِ لِشُمُولِهِ الْجَمَادَ أَيْضًا ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِوَضْعِهِ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ مُتَوَاطِئًا وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْأَمْرِ يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ الْقَوْلُ الْمَخْصُوصُ وَلَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا مَعْنًى لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ لِأَنَّ الْأَعَمَّ لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَخَصِّ وَلَا شَكَّ فِي دَلَالَةِ هَذَا عَلَى نَفْيِ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَيْضًا وَإِلَّا لَتَبَادَرَ الْآخَرُ عَلَى أَنَّهُ مُرَادٌ أَوْ لَمْ يَتَبَادَرْ شَيْءٌ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِالِاشْتِرَاكِ الْمَعْنَوِيِّ مِمَّا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ بِخُصُوصِهِ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الْمَوْضُوعُ لَهُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: حَذَرًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ) أَيْ إنْ قِيلَ بِوَضْعِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ وَقَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>