للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَجَازِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ حَقِيقِيٌّ. (وَقِيلَ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا قِيلَ وَبَيْنَ الشَّأْنِ وَالصِّفَةِ وَالشَّيْءِ) لِاسْتِعْمَالِهِ فِيهَا أَيْضًا نَحْوُ {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ} [النحل: ٤٠] أَيْ شَأْنُنَا لِأَمْرٍ مَا يَسُودُ مَنْ يَسُودُ أَيْ لِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ لِأَمْرٍ مَا جَدَعَ قَصِيرٌ أَنْفَهُ أَيْ لِشَيْءٍ وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِيهَا مَجَازٌ إذْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَفْظَةُ قِيلَ بَعْدَ بَيْنَهُمَا ثَابِتَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَبِهَا يُسْتَفَادُ حِكَايَةُ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ الْأَشْهَرُ مِنْهُ بَيْنَ الْخَمْسَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ حَقِيقَةٌ فِي كَذَا حَدُّ اللَّفْظِيِّ بِهِ.

وَأَمَّا النَّفْسِيُّ وَهُوَ الْأَصْلُ أَيْ الْعُمْدَةُ فَقَالَ فِيهِ (وَحَدُّهُ اقْتِضَاءُ فِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ مَدْلُولٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْكَفِّ (بِغَيْرِ) لَفْظِ (كَفٍّ)

ــ

[حاشية العطار]

وَالْمَجَازِيُّ إنْ قِيلَ بِوَضْعِهِ لِأَحَدِهِمَا.

وَقَدْ نُوقِشَ هَذَا التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْوَضْعِ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ إنَّمَا يَكُونُ أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَدْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِ الْأَمْرِ مَجَازًا فِي الْفِعْلِ وَهُوَ تَبَادُرُ الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ دُونَهُ وَلَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِذَلِكَ لَأَدَّى إلَى ارْتِفَاعِ الْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ كُلِّ لَفْظٍ يُطْلَقُ لِمَعْنَيَيْنِ عَلَى أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهَذِهِ الْمُنَاقَشَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَضُدِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الشَّارِحُ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا بِسِيَاقِ هَذَا الْقَوْلِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَقِسْ عَلَى هَذَا مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّارِحُ لِرَدِّهِ مِنْ الْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ إلَخْ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ وَإِلَّا كَانَ مَجَازًا.

(قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الشَّأْنِ وَالصِّفَةِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الشَّأْنَ أَخَصُّ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الصِّفَةِ الْعَظِيمَةِ وَالصِّفَةَ أَعَمُّ مِنْهُ وَالشَّيْءَ أَعَمُّ مِنْهُمَا لِشُمُولِهِ الذَّاتَ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: لِاسْتِعْمَالِهِ فِيهَا أَيْضًا) أَيْ كَمَا اُسْتُعْمِلَ فِي الِاثْنَيْنِ.

(قَوْلُهُ:

لِأَمْرٍ مَا يَسُودُ)

عَجُزُ بَيْتٍ، وَصَدْرُهُ

عَزَمْت عَلَى إقَامَةِ ذِي صَلَاحٍ

(قَوْلُهُ: أَيْ لِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّنْكِيرَ فِي أَمْرٍ لِلتَّعْظِيمِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لِاسْتِعْمَالِهِ فِيهَا فَهُمَا مُقَدِّمَتَانِ مُنْتِجَتَانِ الْمَطْلُوبَ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ مَجَازٌ لِمَا مَرَّ مِنْ تَبَادُرِ الذِّهْنِ إلَى الْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ: خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَعَدُّدِ الْوَضْعِ فَمَحَلُّ كَوْنِ الْأَصْلِ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مُعَارِضٌ كَلُزُومِ الِاشْتِرَاكِ وَقَدْ عَارَضَهُ أَيْضًا الْبَتَّارُ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي مَبْحَثِ الْمَجَازِ.

(قَوْلُهُ: بَيْنَ الْخَمْسَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْهَاءِ مِنْهُ لِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الْفِعْلِ أَيْ الِاشْتِرَاكِ فَفِيهِ إعْمَالُ ضَمِيرِ الْمَصْدَرِ.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ) تَمْهِيدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحَدُّهُ اقْتِضَاءُ إلَخْ وَأَفَادَ بِهِ أَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ فِيمَا سَبَقَ هُوَ الْأَمْرُ اللَّفْظِيُّ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي الْقَوْلِ مَجَازًا فِي الْفِعْلِ أَوْ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا إلَخْ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيهِ وَأَصْرَحُ مِنْهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ إذْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ وَالْمَوْضُوعُ هُوَ اللَّفْظُ فَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَعَرُّضٌ لِلْأَمْرِ النَّفْسِيِّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي التَّرْجَمَةِ وَهُوَ نَفْسِيٌّ وَلَفْظِيٌّ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَهُ فِي الْأَمْرِ الْوَاقِعِ تَرْجَمَةً وَلَيْسَ هُوَ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ إذْ التَّرَاجِمُ مُنْفَصِلَةٌ عَمَّا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا وَإِلَّا لَأَتَى بَدَلَ أم ر بِالضَّمِيرِ.

(قَوْلُهُ: حَدُّ اللَّفْظِيِّ بِهِ) أَيْ فَيُؤْخَذُ تَعْرِيفُ الْأَمْرِ النَّفْسِيِّ مِنْهُ ضِمْنًا بِأَنَّهُ قَوْلٌ دَالٌّ إلَخْ وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِذَلِكَ فِي حَدِّهِ دُونَ النَّفْسِيِّ فَصَرَّحَ بِتَعْرِيفِهِ اعْتِنَاءً بِشَأْنِهِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ إلَخْ فَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ الْمُصَنِّفِ فِي تَرْكِ التَّصْرِيحِ بِتَعْرِيفِ اللَّفْظِيِّ دُونَ النَّفْسِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْعُمْدَةُ) أَيْ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ لِأَنَّ التَّكَالِيفَ بِالْأَمْرِ النَّفْسِيِّ وَاللَّفْظِيِّ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَحْدَهُ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ حَدٌّ لِلْكَلَامِ النَّفْسِيِّ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ إذْ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ سَابِقًا هُوَ اللَّفْظِيُّ كَمَا عَلِمْت فَيُجَابُ بِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْدَامًا حَيْثُ ذَكَرَ الْأَمْرَ أَوَّلًا بِمَعْنَى اللَّفْظِيِّ وَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِمَعْنَى النَّفْسِيِّ فَمَا وَقَعَ فِي سم وَتَابَعَهُ فِيهِ غَيْرُهُ اسْتِظْهَارُ أَنَّ الْأَمْرَ فِيمَا سَبَقَ عَامٌّ لِلَّفْظِيِّ وَالنَّفْسِيِّ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَهُوَ لَفْظِيٌّ وَنَفْسِيٌّ لَيْسَ بِشَيْءٍ كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ فِيمَا سَبَقَ وَاحْتِمَالُ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْأَمْرِ السَّابِقِ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فِعْلِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ الْقَوْلِيَّ وَالْجَنَانِيَّ وَالْأَرْكَانِيَّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا هُوَ مِنْ مَقُولَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>