للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَجَازٌ لِتَبَادُرِ الزَّائِدِ عَلَى الِاثْنَيْنِ دُونَهُمَا إلَى الذِّهْنِ وَالدَّاعِي إلَى الْمَجَازِ فِي الْآيَةِ كَرَاهَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ تَثْنِيَتَيْنِ فِي الْمُضَافِ وَمُتَضَمِّنِهِ وَهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ نَحْوِ جَاءَ عَبْدَاكُمَا وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ لِزَيْدٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ثَلَاثَةً لَكِنَّ مَا مَثَّلُوا بِهِ مِنْ جَمْعِ الْكَثْرَةِ مُخَالِفٌ لِإِطْبَاقِ النُّحَاةِ عَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ أَحَدَ عَشَرَ فَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافُ فِي جَمْعِ الْقِلَّةِ وَشَاعَ فِي الْعُرْفِ إطْلَاقُ دَرَاهِمَ عَلَى ثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ الْخِلَافُ فِي عُمُومِ الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ فِي جَمْعِ الْكَثْرَةِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الْجَمْعَ (يَصْدُقُ عَلَى الْوَاحِدِ مَجَازًا)

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ مَجَازٌ) مِنْ اسْتِعْمَالِ اسْمِ الْكُلِّ فِي الْجُزْءِ أَوْ يُشَبَّهُ الْوَاحِدُ بِالْكَثِيرِ فِي الْخَطَرِ وَالْعِظَمِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ إنَّهُ مَجَازٌ عَنْ الْمَيْلِ الْمَوْجُودِ فِيهِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَالتَّقْدِيرُ {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] بِدَلِيلِ أَنَّ الْجُرْمَ لَا يُوصَفُ بِالصَّغْوِ وَنَظَرَ فِيهِ الْعُبْرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِأَنَّ الْمُيُولَ لَا تُوصَفُ بِالصَّغْوِ الَّذِي هُوَ الْمَيْلُ فَلَا يُقَالُ مَالَ إلَى فُلَانٍ مَيْلًا وَالْقَلْبُ يُوصَفُ بِهِ كَمَا قَالَ الْحَمَاسِيُّ:

صَبَا قَلْبِي وَمَال إلَيْك مَيْلًا

وَأَجَابَ الْبُدَخْشِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا فِي جَهَدَ جَاهِدٌ وَجَدَّ جِدَّهُ وَالْقَلْبُ فِي قَوْلِ الْحَمَاسِيِّ النَّفْسُ.

(قَوْلُهُ: لِتَبَادُرِ الزَّائِدِ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ الْحَقِيقَةِ ثَلَاثَةً وَالْأَقَلُّ مَجَازًا. (قَوْلُهُ: وَمُتَضَمِّنِهِ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ) أَيْ مُتَضَمِّنِ الْمُضَافِ الَّذِي هُوَ لِلْقَلْبِ أَيْ الْمُحْتَوِي عَلَيْهِ وَهُوَ الذَّاتُ وَدُفِعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ لَا يُكْرَهُ تَوَالِي تَثْنِيَتَيْنِ إلَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ: وَهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ) أَيْ وَتَوَالِي التَّثْنِيَتَيْنِ كَمَا يُكْرَهُ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ يُكْرَهُ فِيمَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ.

(قَوْلُهُ: جَاءَ عَبْدَاكُمَا) فَإِنَّ الْعَبْدَيْنِ غَيْرُ الْكَافِ؛ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ الْمَالِكَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ثَلَاثَةً) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ لَفْظُ الْمُقِرِّ الْمُوصِي مَحْمُولٌ عَلَى الْأَقَلِّ فَإِنْ قِيلَ أَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ: قُبِلَ الْجَمْعُ وَحُمِلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ قِيلَ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ لَمْ يُقْبَلْ التَّعْيِينُ بِاثْنَيْنِ وَمَا أَرَى الْفُقَهَاءَ يَسْمَحُونَ بِهَذَا اهـ.

وَمِثْلُ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُ النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْتُ الْعَبِيدَ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِثَلَاثَةٍ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ كَانَ فِي كَفِّي دَرَاهِمُ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَعَبْدِي حُرٌّ فَكَانَ فِي كَفِّهِ أَرْبَعَةٌ لَا يَعْتِقُ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ فِي كَفِّهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ إنَّمَا هُوَ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لَا دَرَاهِمُ.

(قَوْلُهُ: فَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَغَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ نَقْلِ كَلَامِهِ الْجَوَابَ عَمَّا يُقَالُ إنَّ دَرَاهِمَ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَأَقَلُّ جَمْعِ الْكَثْرَةِ أَحَدَ عَشَرَ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ إطْبَاقَ النُّحَاةِ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ وَتَفْسِيرَ الدَّرَاهِمِ بِثَلَاثَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَةِ وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى تَسْلِيمِ إطْبَاقِ النُّحَاةِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَلَك مَنْعُهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَيْنِ مُتَّفِقَانِ فِي الْمَبْدَأِ مُخْتَلِفَانِ فِي الْمُنْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَشَاعَ إلَخْ) أَيْ فَصَحَّ التَّمْثِيلُ بِدَرَاهِمَ نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَهُوَ مِنْ مَقُولِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ) الْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ أَيْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَمْعَ الْقِلَّةِ كَمَا جَعَلَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا جَمْعَ الْكَثْرَةِ وَعِبَارَتُهُ الَّذِي أَظُنُّهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي عُمُومِ الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ فِي غَيْرِ جَمْعِ الْقِلَّةِ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ بَعِيدٌ جِدًّا. (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ مُبْتَدَأٌ) وَقَوْلُهُ فِي عُمُومِ الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ أَيْ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ وَهُوَ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْخِلَافِ وَفِي جَمْعِ الْكَثْرَةِ خَبَرٌ.

(قَوْلُهُ: فِي جَمْعِ الْكَثْرَةِ) أَيْ وَأَمَّا جَمْعُ الْقِلَّةِ فَلَيْسَ بِعَامٍّ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْجَمْعُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ جَمْعَ قِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةٍ وَسَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>