للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْأَصَحِّ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «مَنْ تَطَلَّعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُسْتَتَرُ مِنْهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ جَمْعَ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ) كَالْمُسْلِمِينَ (لَا يَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ ظَاهِرًا) وَإِنَّمَا يَدْخُلْنَ بِقَرِينَةٍ تَغْلِيبًا لِلذُّكُورِ وَقِيلَ يَدْخُلْنَ فِيهِ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ فِي الشَّرْعِ مُشَارَكَتُهُنَّ لِلذُّكُورِ فِي الْأَحْكَامِ لَا يَقْصِدُ الشَّارِعُ بِخِطَابِ الذُّكُورِ قَصْرَ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِمْ

ــ

[حاشية العطار]

لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْصُولَةُ وَالِاسْتِفْهَامِيَّة فَتَخْصِيصُ مَوْضِعِ الْخِلَافِ بِهَا لَيْسَ بِجَيِّدٍ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ التَّنَاوُلِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَخْ أَيْ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى الْأَصَحِّ فَتَكُونُ مَنْ فِي الْحَدِيثِ مِنْ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ وَلَوْ قَالَ هُنَا عَلَى الْأَوَّلِ وَفِي قَوْلِهِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ عَلَى الثَّانِي كَانَ أَوْلَى لِيُفِيدَ بِنَاءَ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ لَكِنَّهُ أَرَادَ بِهِمَا الْجَوَازَ وَعَدَمَهُ فِي الْفِقْهِ وَلِهَذَا عَلَّلَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إلَخْ فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِلْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ لِمَا لَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْمَبْحَثِ الْأُصُولِيِّ وَإِلَّا لَقَالَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا تَتَنَاوَلُهَا.

(قَوْلُهُ: جَمْعَ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ) التَّقْيِيدُ بِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُكَسَّرِ فَقَدْ صُرِّحَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ بِأَنْ لَا يَدْخُلَ الْمُؤَنَّثُ وَأَمَّا مَا أُلْحِقَ بِالْجَمْعِ فَمِنْهُ مَا يَشْمَلُهَا قَطْعًا كَعِشْرِينَ وَمِنْهُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْإِنَاثُ قَطْعًا كَأَرَضِينَ وَسِنِينَ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْلِمِينَ) تَحْرِيرٌ لِمَحَلِّ النِّزَاعِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي دُخُولِ النِّسَاءِ فِي نَحْوِ الرِّجَالِ فِيمَا وُضِعَ لِلذُّكُورِ خَاصَّةً لِانْتِفَائِهِ اتِّفَاقًا وَلَا فِي نَحْوِ النَّاسِ وَلَا نَحْوِ مَنْ وَمَا مِمَّا هُوَ مَوْضُوعٌ لِمَا يَعُمُّ الصِّنْفَيْنِ لِثُبُوتِهِ اتِّفَاقًا بَلْ فِيمَا مُيِّزَ فِيهِ بَيْنَ صِيغَةِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ بِعَلَامَةٍ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُغَلِّبُ فِيهِ الْمَذْكُورَ فَإِذَا أَرَادُوا الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ يُطْلِقُونَهُ وَيُرِيدُونَ الطَّائِفَتَيْنِ وَلَا يُفْرَدُ الْمُؤَنَّثُ بِالذِّكْرِ وَذَلِكَ مِثْلُ الْمُسْلِمِينَ وَفَعَلُوا وَافْعَلُوا فَهَذِهِ الصِّيَغُ إذَا أُطْلِقَتْ هَلْ هِيَ ظَاهِرَةٌ فِي دُخُولِ النِّسَاءِ فِيهَا كَمَا تَدْخُلُ عِنْدَ التَّغْلِيبِ أَوْ لَا؟ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ ظَاهِرًا وَفِي التَّمْهِيدِ إذَا وَقَفَ عَلَى بَنِي زَيْدٍ أَوْ أَوْصَى إلَيْهِمْ لَا يَدْخُلُ بَنَاتُهُ بِخِلَافِ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي هَاشِمٍ وَنَحْوِهِمَا فَتَدْخُلُ النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ بَنِي تَمِيمٍ اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ بِتَمَامِهَا وَلَوْ نِسَاءً فَالْمَقْصُودُ الْجِهَةُ وَفِيهِ أَيْضًا تَفْرِيعًا عَلَى نَحْوِ افْعَلُوا مَسْأَلَةُ الْوَاعِظِ الْمَشْهُورَةُ وَهِيَ أَنَّ وَاعِظًا طَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ مُتَضَجِّرًا مِنْهُمْ طَلَّقْتُكُمْ ثَلَاثًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ زَوْجَتَهُ كَانَتْ فِيهِمْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ أَفْتَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَالَ وَفِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَطْلُقَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَّقْتُكُمْ لَفْظٌ عَامٌّ وَهُوَ يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ بِالنِّيَّةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَاسْتَثْنَاهُ بِقَلْبِهِ لَا يَحْنَثُ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ زَوْجَتَهُ فِي الْقَوْمِ كَانَ مَقْصُودُهُ غَيْرَهَا.

(قَوْلُهُ: لَا يَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ) أَيْ تَبَعًا وَدَلِيلُهُ الْعَطْفُ فِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: ٣٥] وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَإِنْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّ ذِكْرَهُنَّ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِنَّ قُلْنَا فَائِدَةُ التَّأْسِيسِ أَوْلَى وَسَكَتُوا عَنْ الْخَنَاثَى وَالظَّاهِرُ مِنْ تَعْرِيفِ الْفُقَهَاءِ دُخُولُهُمْ فِي خِطَابِ النِّسَاءِ فِي التَّغْلِيظِ وَالرِّجَالِ فِي التَّخْفِيفِ وَرُبَّمَا أُخْرِجُوا عَنْ الْقِسْمَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَدْخُلْنَ) وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَيُنْسَبُ لِلْحَنَابِلَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ بَلْ بِالْعُرْفِ أَوْ بِعُمُومِ الْأَحْكَامِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَكَلَامُ الْعَضُدِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الدُّخُولَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ حَقِيقَةٌ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ اهـ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ بِطَرِيقِ التَّغْلِيبِ وَهُوَ مَجَازٌ.

(قَوْلُهُ: لَا يَقْصِدُ إلَخْ) إيقَاعُ الْمُضَارِعِ جَوَابًا لِلَمَّا يَتَمَشَّى عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عُصْفُورٍ أَوْ يُقَالُ إنَّهَا لَا جَوَابَ لَهَا إذْ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا التَّعْلِيقُ بَلْ هِيَ لِمُجَرَّدِ الظَّرْفِيَّةِ فَلَا تَحْتَاجُ لِجَوَابٍ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ لَا يُقْصَدُ خَبَرُ أَنَّ وَلَمَّا مُتَعَلِّقٌ بِهِ.

(قَوْلُهُ: قَصْرَ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْمَذْكُورِ بَلْ يَقْصِدُ مُطْلَقَ الْجَمَاعَةِ الشَّامِلَةِ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَبَحَثَ فِيهِ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْقَصْرِ غَايَةُ الْأَمْرِ السُّكُوتُ عَنْهُنَّ اهـ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ الْقَصْرُ لَفْظًا بِأَنْ لَا يُرِيدَ تَنَاوُلَ اللَّفْظِ لَهُنَّ وَلَا بَيَانَ حُكْمِهِنَّ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَا يُرِيدُ بِاللَّفْظِ إلَّا الرِّجَالَ لَا قَصْرَ الْحُكْمِ فِي الْوَاقِعِ كَمَا هُوَ مَبْنَى بَحْثِ الشِّهَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>