(يَعُمُّ الْعَبْدَ) وَقِيلَ لَا يَعُمُّهُ لِصَرْفِ مَنَافِعِهِ إلَى سَيِّدِهِ شَرْعًا قُلْنَا فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ ضِيقِ الْعِبَادَاتِ (وَالْكَافِرَ) وَقِيلَ لَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَكْلِيفِهِ بِالْفُرُوعِ (وَيَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودِينَ) وَقْتَ وُرُودِهِ (دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ) وَقِيلَ يَتَنَاوَلُهُمْ أَيْضًا لِمُسَاوَاتِهِمْ لِلْمَوْجُودِينَ فِي حُكْمِهِ إجْمَاعًا قُلْنَا بِدَلِيلٍ آخَرَ وَهُوَ مُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ لَا مِنْهُ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ مَنْ الشَّرْطِيَّةَ تَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ) وَقِيلَ تَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ نَظَرَتْ امْرَأَةٌ فِي بَيْتِ أَجْنَبِيٍّ جَازَ رَمْيُهَا
ــ
[حاشية العطار]
التَّحْقِيقُ فِيهِ بَلَغَنِي مِنْ أَمْرِ رَبِّي كَذَا فَاسْمَعُوهُ وَعُوهُ وَاتَّبِعُوهُ.
(قَوْلُهُ: يَعُمُّ الْعَبْدَ) أَيْ شَرْعًا بِأَنْ يَكُونَ مُرَادًا مِنْ الْخِطَابِ الْعَامِّ لِتَنَاوُلِهِ إيَّاهُ لُغَةً.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ ضِيقِ الْعِبَادَاتِ) وَإِلَّا قُدِّمَتْ الْعِبَادَاتُ.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى عَدَمِ) وَهُوَ خِلَافُ الرَّاجِحِ كَمَا تَقَدَّمَ وَذِكْرُهُ هُنَا لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَخَرَّجَ بِالْفُرُوعِ الْأُصُولُ، نَحْوُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ آمِنُوا فَيَدْخُلُ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: وَيَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودِينَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَعُمُّ فَهُوَ مِنْ مَحَالِّ الْخِلَافِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الشَّارِحُ فِي الْحَلِّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَعَادَتِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُتَنَاوَلُ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنَّ مَنْ الشَّرْطِيَّةَ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ الْكَمَالُ وَلَعَلَّ الْعُذْرَ فِي عَدَمِ تَقْدِيرِ الْأَصَحِّ أَنَّهَا لَوْ قُدِّرَتْ رُبَّمَا تُوُهِّمَ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْمَوْجُودِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَهُمْ دَاخِلُونَ قَطْعًا وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْحَقِيقَةِ تَنَاوُلُهُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ يَتَنَاوَلُهُمْ أَيْضًا قَالَ الْكَمَالُ وَتَحْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّرْحِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْخِطَابِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَوْجُودِينَ لِدُخُولِهِمْ لُغَةً فِي نَحْوِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَوْ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، الْحَنَابِلَةُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ تَوْجِيهَ الْخِطَابِ اللَّفْظِيِّ إلَى الْمَعْدُومِ مُمْتَنِعٌ لِكَوْنِهِ غَيْرَ فَاهِمٍ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ الْخِطَابُ النَّفْسِيُّ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْخِطَابِ النَّفْسِيِّ فِي الْأَزَلِ يَدْخُلُهُ مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَالْكَلَامُ فِي خِطَابٍ لَفْظِيٍّ لَا تَعْلِيقَ فِيهِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْعَضُدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمُتَّصِفَ بِصِفَةِ التَّكْلِيفِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ الْمَوْجُودَيْنِ فَأَوْلَى عَدَمُ تَنَاوُلِهِ لِلْمَعْدُومِ بِالْكُلِّيَّةِ وَنَازَعَهُ السَّعْدُ بِأَنَّ عَدَمَ تَوَجُّهِ التَّكْلِيفِ عَلَيْهِمَا بِنَاءً عَلَى دَلِيلٍ لَا يُنَافِي عُمُومَ الْخِطَابِ وَتَنَاوُلَهُ لَفْظًا.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَنَاوَلُهُمْ) أَيْ لُغَةً؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ النَّاسِ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمَوْجُودِينَ وَالْمَعْدُومِينَ عَلَى وَجْهِ التَّغْلِيبِ سَائِغٌ فَصِيحٌ لُغَةً قَالَهُ السَّعْدُ وَفِيهِ أَنَّ التَّغْلِيبَ مَجَازٌ وَالْكَلَامُ فِي التَّنَاوُلِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَوْضُوعَ لَهُ الْأَلْفَاظُ هِيَ الصُّوَرُ الذِّهْنِيَّةُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْعَقْلِ وُجِدَتْ فِي الْخَارِجِ أَمْ لَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَنِعْمَ مَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ لَا شَكَّ أَنَّ خِطَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ وَبِآحَادِ الْأُمَّةِ فَإِنَّ الْكَافَّةَ يَلْتَزِمُونَ مِنْ مُقْتَضَاهُ مَا يَلْزَمُهُ الْمُخَاطَبُ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِيمَا خُصَّ بِهِ أَهْلُ عَصْرِهِ وَكَوْنُ النَّاسِ شَرْعًا فِي الشَّرْعِ وَاسْتِبَانَةُ ذَلِكَ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا شَكَّ فِيهِ وَكَوْنُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ مُخْتَصًّا بِالْمُخَاطَبِ مِنْ جِهَةِ اللِّسَانِ لَا شَكَّ فِيهِ فَلَا مَعْنَى لِعَدِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمُخْتَلِفَاتِ وَالشِّقَّانِ جَمِيعًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
(قَوْلُهُ: فِي حُكْمِهِ إجْمَاعًا) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي التَّنَاوُلِ لَفْظًا.
(قَوْلُهُ: قُلْنَا بِدَلِيلٍ إلَخْ) أَيْ التَّسَاوِي بِدَلِيلٍ إلَخْ لَا التَّبَادُلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ هَذَا النَّصِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْخِطَابِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ
(قَوْلُهُ: مَنْ الشَّرْطِيَّةَ) يَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} [النساء: ١٢٤] إذْ لَوْلَا تَنَاوُلُهَا لِلْأُنْثَى وَضْعًا لَمَا صَحَّ إنْ تَبَيَّنَ بِالْقِسْمَيْنِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فَفَهِمَتْ دُخُولَ النِّسَاءِ فِي مَنْ الشَّرْطِيَّةِ وَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ حُرٌّ فَدَخَلَهَا الْإِمَاءُ عَتَقْنَ إجْمَاعًا وَالْقَوْلُ بِأَنَّ مَنْ الشَّرْطِيَّةَ لَا تَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَيُعْزَى لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَبُنِيَ عَلَيْهِ عَدَمُ قَتْلِ الْمُرْتَدَّةِ عِنْدَهُمْ بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَالسُّنَنِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ثُمَّ إنَّ التَّقْيِيدَ بِالشَّرْطِيَّةِ