للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ نَحْوَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: ١] وَ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: ١] {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: ٢] (لَا يَتَنَاوَلُ الْأُمَّةَ) مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لِاخْتِصَاصِ الصِّيغَةِ بِهِ وَقِيلَ يَتَنَاوَلُهُمْ لِأَنَّ أَمْرَ الْقُدْوَةِ أَمْرٌ لِأَتْبَاعِهِ مَعَهُ عُرْفًا كَمَا فِي أَمْرِ السُّلْطَانِ الْأَمِيرَ بِفَتْحِ بَلَدٍ أَوْ رَدِّ الْعَدُوِّ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا فِيمَا يَتَوَقَّفُ الْمَأْمُورُ بِهِ عَلَى الْمُشَارَكَةِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّ (نَحْوَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ يَشْمَلُ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَإِنْ اقْتَرَنَ بِقُلْ) وَقِيلَ لَا يَشْمَلُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى لِسَانِهِ لِلتَّبْلِيغِ لِغَيْرِهِ (وَثَالِثُهَا التَّفْصِيلُ) إنْ اقْتَرَنَ بِقُلْ فَلَا يَشْمَلُهُ لِظُهُورِهِ فِي التَّبْلِيغِ وَإِلَّا فَلَا يَشْمَلُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ نَحْوَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ

ــ

[حاشية العطار]

الْأُخْرَى» «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَعْضِهِمْ وَكَانَ أَسْلَمَ عَنْ خَمْسٍ اخْتَرْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ وَاحِدَةً قَالَ صَاحِبُ الْوَاقِعَةِ فَعَمَدْت إلَى أَقْدَمِهِمْ صُحْبَةً عِنْدِي فَفَارَقْتُهَا» اهـ. بِتَصَرُّفٍ

(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ نَحْوَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} [الأحزاب: ١] إلَخْ) الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ مَا يُمْكِنُ إرَادَةُ الْأَئِمَّةِ مَعَهُ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِمْ وَلَا عَلَى عَدَمِ إرَادَتِهِمْ فَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ أَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ، نَحْوُ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} [المائدة: ٦٧] فَلَا تَدْخُلُ قَطْعًا أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مِنْ خَصَائِصِهِ بِدَلِيلٍ فَكَذَلِكَ أَوْ أَمْكَنَ فِيهِ ذَلِكَ وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِمْ مَعَهُ، نَحْوُ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١] الْآيَةَ فَيَدْخُلُونَ مَعَهُ قَطْعًا فَإِنَّ ضَمِيرَ الْجَمْعِ فِي طَلَّقْتُمْ وَطَلَّقْتُمُوهُنَّ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ تَدُلُّ عَلَى الدُّخُولِ مَعَهُ وَتَخْصِيصُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنِّدَاءِ تَشْرِيفٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ إمَامُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ {اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: ١] أَمْرٌ بِالتَّقْوَى مَعَ عِصْمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَا تَمْنَعُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْعِصْمَةِ وَكَسْبِهَا بِاعْتِبَارِ سَلَامَةِ الْآلَاتِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّرَقِّي فِيهَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْخِطَابَ لَهُ وَالْمُرَادُ عِنْدَهُ عَلَى حَدِّ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] لَا يُنَاسِبُ مَا الْكَلَامُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُتَنَاوِلًا لِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي التَّنَاوُلِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ أَمَّا اللَّفْظُ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ تَنَاوُلِهِ.

(قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ الصِّيغَةِ بِهِ) ؛ لِأَنَّ اللُّغَةَ تَقْتَضِي أَنَّ خِطَابَ الْمُفْرَدِ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ وَإِذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ خَاصَّةً كَانَ الْأَمْرُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا مُخْتَصًّا بِهِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَنَاوَلُهُمْ) وَبِهِ قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إنَّ الْأَئِمَّةَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْخِطَابِ شُرَّعٌ وَلِهَذَا تَعَلَّقُوا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٠] فَالْخِطَابُ مُخْتَصٌّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهُمْ وَالْأُمَّةُ مُتَّبِعُونَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مُوجَبِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي أَمْرِ السُّلْطَانِ الْأَمِيرَ) فَإِنَّ أَتْبَاعَ الْأَمِيرِ يَدْخُلُونَ مَعَهُ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا) أَيْ تَنَاوُلَ الْأَتْبَاعِ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَتَوَقَّفُ الْمَأْمُورُ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ وَعَلَى هَذَا فَنَحْوُ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ} [التوبة: ٧٣] يَتَنَاوَلُ الْأُمَّةَ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُشَارَكَةِ (قَوْلُهُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ) أَيْ مِمَّا وَرَدَ عَلَى لِسَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْعُمُومَاتِ الْمُتَنَاوِلَةِ لَهُ لُغَةً فَيَخْرُجُ مَا لَا يَتَنَاوَلُهُ، نَحْوُ يَا أَيُّهَا الْأُمَّةُ فَلَا يَشْمَلُهُ بِلَا خِلَافٍ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: يَشْمَلُ الرَّسُولَ) لِتَنَاوُلِهِ لَهُ لُغَةً وَلِأَنَّهُ مُرْسَلٌ لِنَفْسِهِ أَيْضًا فَسَقَطَ تَنْظِيرُ سم فِي تُنَالُ، نَحْوُ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الأعراف: ١٥٨] إذْ لَا يُعَدُّ فِي إخْبَارِهِ بِأَنَّهُ رَسُولٌ لِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَشْمَلُهُ مُطْلَقًا) فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الصِّيغَةِ قَالَ ابْنُ الْبُرْهَانِ وَذَهَبَتْ شِرْذِمَةٌ لَا يُؤْبَهُ بِهِمْ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ الْخِطَابِ وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ وَوَضْعُ اللِّسَانِ حَاكِمٌ بِاقْتِضَاءِ التَّعْمِيمِ وَالرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمُتَعَبِّدِينَ بِقَضَايَا التَّكْلِيفِ كَالْأُمَّةِ. (قَوْلُهُ: لِلتَّبْلِيغِ لِغَيْرِهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: لِظُهُورِهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا عَلَى لِسَانِهِ مَأْمُورٌ بِتَبْلِيغِهِ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ قُلْ فَيَلْزَمُ عَدَمُ التَّنَاوُلِ فِي الْكُلِّ وَأَجَابَ سم بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَيْسَ الْمُقَدَّرُ كَالثَّابِتِ اهـ.

وَهُوَ بَعِيدٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>